ملحمة بطولية بعرق عمال قناة السويس: تفاصيل ساعات الترقب والعمل المتواصل قبل تعويم السفينة البنمية
قائد الكراكة مشهور: عملنا بشكل دون توقف.. ونشعر بالفخر أن هذه العملية تمت بأيدي المهندسين والعمال والفنيين المصريين
زياد بهاء الدين: لو ننجح في توظيف طاقات الشباب وإعلاء قيمة العمل في المجتمع بدلا من الشهرة الزائفة .. لكنا أفضل كثيرا
خالد علي: مهندس القاطرات السبعة التى تولت عملية التعويم إبن القيادى العمالى الراحل عبد المنعم كراوية قائد عمال هيئة القناة منذ السبعينات
كتب: عبد الرحمن بدر
محلمة بطولية سجلها عمال هيئة قناة السويس خلال الأيام الماضية بعد نجاحهم في تعويم السفينة البنمية العملاقة “إيفر جيفن”، التي جنحت الثلاثاء الماضي، وبالأمس تعالت الصيحات “الله أكبر” عقب نجاح المهمة، في الواقعة التي شغلت دول العالم المختلفة لما للقناة من أهمية لمختلف دول العالم.
أسامة دندر أحد هؤلاء الأبطال، كان على رأس العمل بالكراكة (مشهور) التي عملت قرابة 12 ساعة يوما لتحرير مقدمة السفينة التي رست على الرمال.
وقال دندر لـ(سكاي نيوز عربية)، إن مهمتهم لم تكن سهلة على الإطلاق، فالمركب جنحت بنسبة كبيرة تجاوزت 65 مترًا من طولها في المقدمة، وأصبحت العملية مستحيلة لشدها بالقاطرات، وبعد إجراء فحص فني، أبلغت سلطات قناة السويس، القاطرة مشهور بالتواجد في موقع جنوح السفينة، وإجراء عمليات تكريك مستمرة لتحرير السفينة لتسهيل عمليات شدها، وهو ما تم على مدار 5 أيام.
وتابع دندر: “بدأت الكراكة تعمل من بعيد وصولا إلى السفينة، وكان عمق التكريك 6 أمتار ثم 9 أمتار، ثم 17 مترًا تحت المركب، وكان يوم أمس أكثر أيام العمل لطاقم الكراكة الذين واصلوا من العاشرة صباحا حتى الواحدة من صباح اليوم، لتبدأ عقب ذلك عمل القاطرات في تحرير السفينة وعودتها إلى المجرى الملاحي ثم سحبها إلى البحيرات المرة”.
تابع دندر رفقة زملائه عمل القاطرات، كان القلق يدب في قلب الجميع على حد سواء، وكانت الدعوات متواصلة مع آذان الفجر لإتمام المهمة بخير.
وأضاف العامل: “عندما انتهت عمليات التكريك ابتعدنا نحو 600 متر بعيدا عن السفينة البنمية لدخول القاطرات التي وصل عددها 15، كانت تعمل 13 منهم مع تواجد اثنتين احتياطيتين”.
وقال دندر: “أعمل منذ عام 2015 على الكراكة مشهور، لكن اليوم كان أعظم أيام حياتي في العمل بالكراكة، ونشعر بالفخر أن هذه العملية تمت بأيدي المهندسين والعمال والفنيين المصريين، مع تواجد خبرة هولندية تساعدنا”.
وتابع: “كنا على قلب رجل واحد، وتعاهدنا أن تنتهي هذه الأيام بفرحة كبيرة للمصريين وقد كان”.
وقال أحد العاملين بالكراكة، أحمد سليمان، إن أفراد العمل بالكراكة استطاعوا إنجاز المهمة وتحطيم الأرقام القياسية، ومواصلة العمل دون أن نغادر موقع جنوح السفينة والاطمئنان على وصولها إلى مكان الانتظار الخاص بها لحين فحصها”.
يقول خالد علي، المحامي الحقوقي: “مبروك لكل عمال ومهندسى هيئة قناة السويس على إنهاء تلك الأزمة الحرجة”.
وتابع: “من الأخبار المفرحة لي أيضا إن المهندس السيد كراوية كان هو مهندس القاطرات السبعة التى تولت عملية التعويم، هو إبن القيادى العمالى الراحل عبد المنعم كراوية قائد عمال هيئة القناة منذ السبعينات، والذى تم نقله من بورسعيد إلى السويس بسبب دفاعه عن زملائه، فكان إبعاده عن مدينته المفضلة وعن موطنه وأهله، لكنه خلق من السويس وأهلها موطن له لأبنائه ولم يفارقها حتى رحيله”.
واختتم علي: “كل التحية لروح المناضل العمالى عبد المنعم كراوية، وكل الفخر والتقدير للمهندس سيد وكل عمال ومهندسى هيئة قناة السويس الذى ساهموا فى تعويم السفينة”.
وقال زياد بهاد الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق: “زيادة بهاء الدين: “هل رأيتم صور مهندسين وعمال هيئة قناة السويس والابتسامات تملأ وجوههم فرحا وفخرا ولا يزاحمها سوى التعب البادي في العيون؟، هذه ابتسامة من يعملون في صمت، ويتعبون لأجل البلد ، ويحققون انجازات يشيد بها العالم .. دون انتظار شهرة ولا مقابل ولا عرفان”.
وتابع: “مثلهم ملايين الشباب والشابات المصريين ممن يحلمون بالفرصة لخدمة البلد وتقديم أفضل ما لديهم”.
وأضاف بهاء الدين: “لو ننجح في توظيف طاقات الشباب الضائعة، وبث الأمل فيهم، وإعلاء قيمة العمل في المجتمع بدلا من الشهرة الزائفة .. لكنا أفضل كثيرا”.
كانت هيئة قناة السويس أعلنت في بيان لها أمس، تعويم سفينة الحاويات الضخمة التي سدت قناة السويس لقرابة أسبوع يوم الاثنين، وقالت إن حركة الملاحة في الممر المائي تم استئنافها.
وقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي الشكر لكافة العاملين على جهودهم. وقال السيسي: “نجح المصريون اليوم في إنهاء أزمة السفينة الجانحة في قناة السويس، رغم التعقيد الفني الهائل الذي أحاط بهذه العملية من كل جانب، وبإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، بأيد مصرية، يطمئن العالم أجمع على مسار بضائعه واحتياجاته التي يمررها هذا الشريان الملاحي المحوري”.
وتابع السيسي: “أتوجه بالشكر لكل مصري مخلص ساهم فنيا وعمليا في إنهاء هذه الأزمة. لقد أثبت المصريون اليوم أنهم على قدر المسؤولية دوما، وأن القناة التي حفروها بأجساد أجدادهم ودافعوا عن حق مصر فيها بأرواح آبائهم.. ستظل شاهدا أن الإرادة المصرية ستمضي إلى حيث يقرر المصريون”.
ووصف عدد من خبراء النقل البحري، ومسؤولون كبار سابقين في هيئة قناة السويس، نجاح عمليات تحريك وتعويم السفينة الجانحة في 6 أيام فقط بأنه إنجاز كبير لهيئة قناة السويس، وأوضحوا أنه بمجرد تعويم السفينة وإمكان تحريكها استأنفت سيرها بسرعة تبلغ 1.5عقدة.