مقررو حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يطالبون بالإفراج عن العاملين بالمبادرة.. توقفوا عن الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان
الخبراء: السلطات المصرية تستخدم تشريعات مكافحة الإرهاب لاستهداف المجتمع المدني
كتب- فارس فكري
دعت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين في الأمم المتحدة السلطات المصرية إلى الإفراج “الفوري وغير المشروط” عن النشطاء الذين تم اعتقالهم، على ما يبدو، انتقاما لمناقشتهم قضايا حقوق الإنسان مع السفراء الأجانب.
واعتقل نشطاء حقوق الإنسان، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعد أيام من اجتماعهم مع 13 سفيرا ودبلوماسيا أجنبيا في 3 نوفمبر الحالي، ووفقا لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يواجهون تهم الإرهاب والأمن العام.
وقال خبراء الأمم المتحدة في بيان أصدروه الجمعة: “إنه لأمر بغيض تماما الانتقام من مدافعين عن حقوق الإنسان ينتمون إلى إحدى المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان في مصر، لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير من خلال مناقشة وضع حقوق الإنسان في مصر”.
وأضافوا أن “هذه الاعتقالات تؤكد المخاطر بالغة الجسامة التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر كل يوم أثناء قيامهم بعملهم المشروع.. إنها ليست سوى الخطوات الأخيرة في حملة متصاعدة ضد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وهي جزء من تحرك أوسع للحد من الحيز المدني واستهداف أولئك الذين يعملون بداخلها “.
وأضاف البيان ومن بين المسئولين الموقوفين المنتمين إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: المدير التنفيذي جاسر عبد الرازق؛ مدير وحدة العدالة الجنائية كريم عنارة؛ والمدير الإداري محمد بشير.
وبحسب البيان، فقد استهدفت السلطات منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية منذ عام 2016، عندما تم تجميد الحسابات المصرفية لمدير ومؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية السابق حسام بهجت ومنعه من مغادرة البلاد.
وفي فبراير 2020، ألقي القبض على الباحث في مجال حقوق النوع الاجتماعي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، باتريك زكي، ولا يزال رهن الحبس الاحتياطي بتهم تتعلق بالإرهاب والتحريض.
الرجال الأربعة محتجزون في مجمع سجن طره، جنوب العاصمة القاهرة مباشرة، وقد وردت أنباء مقلقة تفيد بأن أحدهم على الأقل محتجز في الحبس الانفرادي.
وطالب الخبراء بإسقاط التهم الموجهة ضد النشطاء الأربعة، والإفراج عنهم فوراً دون قيد أو شرط، ووقف استهداف السيد بهجت والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وأضاف الخبراء: “نأسف بشدة لأنه على الرغم من الدعوات العديدة من آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فإن مصر تواصل استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لاستهداف المجتمع المدني”.
كما شدد خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في البيان على أن تشويه سمعة المدافعين عن حقوق الإنسان كتهديد للمجتمع ليس ضارا بالنشطاء فحسب، بل بجميع أفراد المجتمع المصري.
وقالوا: “تجريم أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان – ومن يسلطون الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان – يقوض قدسية تلك الحقوق”.
“لا يجب أبدا معاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني على جهودهم لضمان حماية حقوق الآخرين.. لا يجب اعتبار هذه الجهود إرهابا أو تهديدا عاما. على العكس تماما: يجب أن نحميهم ونقدر مساهماتهم”.
وكان قد تم القبض على ثلاثة من فريق عمل المبادرة من بينهم جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة مساء يوم 19 نوفمبر من منزله، ومدير وحدة العدالة الجنائية كريم عنارة ظهر يوم 18 نوفمبر والمدير الإداري محمد بشير فجر يوم الأحد 15 نوفمبر.
وقررت النيابة حبس أعضاء المبادرة الثلاثة 15 يوما على ذمة القضية 855 لسنة 2020 والتي تضم عدد من المناضلين والمناضلات الديمقراطيين والديمقراطيات، ووجهت لهم عدة اتهامات من ضمنها الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، من شأنها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة العامة.
وأثارت وقائع القبض على قيادات المبادرة المصرية، العديد من ردود الفعل العالمية، وكان متحدث باسم الخارجية البريطانية قد قال في بيان له إن المملكة المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء اعتقال 3 موظفين من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وتابعت الوزارة في بيانها: “لقد كنا على اتصال دائم بالسلطات المصرية منذ حدوث الاعتقالات، وقد أثار وزير الخارجية دومينيك راب الموضوع مباشرة مع نظيره المصري. وواصل نحن نعمل بشكل وثيق مع شركاء في المجتمع الدولي يشاركوننا مخاوفنا”.
وشددت الخارجية البريطانية أنه يجب أن يكون جميع المدافعين عن حقوق الإنسان قادرين على العمل دون خوف من الاعتقال أو الانتقام.
وأدان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، القبض على ثلاثة من فريق عمل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وقال إن “إفساح المجال العام للمجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان هما من أساسيات العلاقة مع مصر”.
وتواصلت الإدانات الدولية للحملة القمعية الشرسة التي تتعرض لها المبادرة المصرية بعد اعتقال 3 من قياداتها ، ودخلت على خط الإدانة وزارات الخارجية الأمريكية والكندية والبريطانية والفرنسية والألمانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة وجيم ريش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وومستشار الرئيس الأمريكي المنتخب جون بايدن، وعدد من سفراء الدول الأوربية العاملين في مصر.. وأكثر من 60 منظمة مصرية وعربية ودولية بخلاف الادانات المحلية . والتي نددت باعتقال قيادات المبادرة جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة وكريم عنارة مدير مشروع العدالة الجنائية ومحمد بشير المدير الإداري للمبادرة وطالبت بإطلاق سراحهم ووقفل الملاحقات لقيادات المجتمع المدني.
وأعرب كيل براون نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في تغريدة على تويتر عن قلق بالغ إزاء اعتقال موظف ثالث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والناشط القِبطي رامي كامل، وحث براون الحكومة المصرية على إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، واحترام الحريات الأساسية للتعبير وتكوين الجمعيات.
كما أصدرت إدارة حقوق الانسان بوزارة الخارجية الأمريكية بيانا قبيل اعتقال جاسر عبد الرازق يدين اعتقال اثنين من الحقوقيين المصريين بسبب نشاطهم الحقوقي، ويؤكد على حق كل المصريين في التمتع بالحق في التعبير عن آرائهم بحرية. وقال البيان الذي نشرته إدارة حقوق الإنسان عبر صفحتها الرسمية على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، “نشعر بقلق بالغ إزاء احتجاز اثنين من موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والتي تعمل على تعزيز وحماية الحقوق والحريات في مصر”. وأضاف البيان “تؤمن الولايات المتحدة بأنه يجب أن يتمتع جميع الناس بحرية التعبير عن معتقداتهم والدعوة سلمياً.
الخبراء الموقعين على البيان هم: ماري لولور، المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان؛ كليمان نيالتسوسي فولي، المقرر الخاص المعني بحقوق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ فيونوالا ني أولين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب؛ نيلس ميلزر، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة؛ إيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير؛ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي: تاي – أونغ بايك (الرئيس – المقرر)، هنريكاس ميكفيزيوس (نائب الرئيس)، والسيدة آوا بالدي، برنارد دوهيمي، والسيد لوسيانو هازان؛ وتلالنغ موفوكينغ، المقرر الخاص المعني بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية، وأغنيس كالامارد، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي.
ويعد المقررون الخاصون جزءا مما يعرف بالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان. والإجراءات الخاصة، هي أكبر هيئة من الخبراء المستقلين في نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي الاسم العام للآليات المستقلة لتقصي الحقائق والرصد التابعة للمجلس والتي تعالج إما حالات قطرية محددة أو قضايا في جميع أنحاء العالم. وخبراء الإجراءات الخاصة يعملون على أساس طوعي؛ وهم ليسوا من موظفي الأمم المتحدة ولا يحصلون على مرتبات مقابل عملهم. وهم مستقلون عن أي حكومة أو منظمة ويعملون بصفتهم الشخصية.