معهد جنيف لحقوق الإنسان: انتهاكات حقوق المرأة الأكثر انتشارا.. والإفلات من العقاب في الجرائم ضد النساء شائع
النساء شكلن 25% من نواب العالم خلال العام 2018 وهو ما يعتبر نقلة نوعية خلال العشر سنوات الماضية
المرأة لا تتبوأ مناصب سياسية عليا كرئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة إلا في أقل من 10 في المئة من بلدان العالم.
حنان فكري
قال معهد جنيف لحقوق الانسان إن إنتهاكات حقوق المرأة هي الأكثر إنتشارا في العالم، وأن حالات الإفلات من العقاب هي الأكثر فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة ضد النساء!.
جاء ذلك بمناسبة اليومالعالمي للمرأة أمس وهو اليوم الذي اعتمدته الأمم المتحدة في عام 1977 يوما دوليا للمرأة بغرض لفت أنظار العالم إلى قضية المرأة، حيث يحتفل في هذا اليوم بنضالات المرأة في كافة أنحاء العالم من أجل حقوقها الإنسانية والمدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية.
وأوضح المعهد في بيان أمس أنه على الرغم من كل المجهودات التي تبذلها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة المعنية بالمرأة، وعلى الرغم من كل المجهودات التي تبذلها الحكومات ومئات الآلاف من المنظمات الطوعية الوطنية والإقليمية والدولية، لاتزال التقارير تشير إلى أن إنتهاكات حقوق المرأة هي الأكثر إنتشارا في العالم، وأن حالات الإفلات من العقاب هي الأكثر فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة ضد النساء! ولا تزال القصص المروعة عن إنتهاكات حقوق النساء والفتيات تروى في كل زمان ومكان، عابرة للقارات والحضارات والثقافات.
وحدد المعهد موضوعا للإحتفال لهذا العام تحت عنوان ’’أنا جيل المساواة: إعمال حقوق المرأة‘‘. ويتماشى هذا الموضوع مع الحملة متعددة الأجيال لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، المسماة ’’جيل المساواة‘‘. يصادف الإحتفال هذا العام الذكرى السنوية الـ25 لإعلان ومنهاج عمل بيجين الذي يعد خارطة الطريق الأكثر تقدمية في ما يتصل بتمكين المرأة والفتاة في كل أنحاء العالم.
ويؤكد المعهد أنه على الرغم من التقدم المحرز خلال المائة عام الماضية، إلا أن العديد من التحديات لا تزال تواجه النساء والفتيات أمام تحقيق المساواة الكاملة والفعلية وبناء السلام وإحداث التنمية المستدامة.
ففي مجال صنع القرار، تتحسن المشاركة السياسية للنساء عاماً بعد عام، فوفقاً للإتحاد البرلماني الدولي فإن النساء شكلن خلال العام 2018 نسبة 25% من نواب العالم، وهو ما يعتبر نقلة نوعية خلال العشر سنوات الماضية، إذ كانت نسبة البرلمانيات لا تزيد على 13,1 % عام 2000، إلا أن هذه النسبة لم تصل بعد للتوازن المطلوب بين الجنسين في العمل السياسي، خاصة أن المرأة لا تتبوأ مناصب سياسية عليا كرئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة إلا في أقل من 10 في المئة من بلدان العالم، وفي دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغت نسبة النساء اللواتي حصلن على مقاعد برلمانية خلال العام 2010 11,7 %، بعدما كانت تلك النسبة 3,4 % فقط عام 1995.
ويضيف المعهد فى كلكته التي القاها امام المشاركين فى الاحتفال بيون المرأة امام الامم المتحدة، لم يعد مقبولا إعتبار العنف ضد النساء والفتيات قضية خاصة بل أصبح لزاما إعتباره شأنا عاما. كما لم يعد من المقبول التذرع بالمعوقات الثقافية والإجتماعية لتبريره بل بات ضروريا إنتهاج جميع السبل الكفيلة بحماية النساء والفتيات من كل أشكال العنف سواء تلك التي تقع في الحيز الخاص أو العام. في سياق مواز، إن مشاركة النساء في الميدان الإقتصادي هي أولوية من أجل مسارات تنموية أكثر إستدامة.
ويشير المعهد إلى أن إحتفال العام الماضي الذي واكب مرور أربعين عاما على إعتماد إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي صادقت وإنضمت إليها 189 دولة فيما صادقت وإنضمت 113 دولة للبروتوكول الإختياري الملحق بها، والذي يعطي الحق للنساء، فرادى وجماعات، برفع شكاوى تتعلق بإنتهاكات حقوقهن بشكل مباشر للجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة بعد إستنفاذ سبل الطعن الوطنية
وفي حين يرحب معهد جنيف لحقوق الإنسان بواقع أن جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عدا السودان والصومال قد إنضموا للإتفاقية المذكورة، إلا أنه يأمل من دول المنطقة أن تحذو نفس الحذو عند التعامل مع البروتوكول سابق الذكر، فحتى اليوم ثلاثة دول عربية فقط هي ليبيا ، تونس وفلسطين إنضمتا للبرتوكول الإختياري الملحق بالإتفاقية، ويأمل أيضاً أن تسحب عدد من دول العالم كافة تحفظاتها على بعض بنود الإتفاقية، بسبب تعارض الكثير من هذه التحفظات مع الهدف والغرض الأساسي من الإتفاقية.
يأتي الإحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام في إطار الإستعداد للاحتفال بالذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن رقم 1325، الخاص بالمرأة، الأمن والسلام والذي إعترف بآثار الحروب على المرأة وأكد على أهمية دورها في بناء السلام، والذي تعزز بعدد من القرارات المكملة، آخرها القرار 2493 (2019).
و يشدد المعهد على أهمية إعتماد أجندة المرأة والأمن والسلام كإطار معياري لحقوق النساء، من خلال إعتماد خطط العمل الوطنية الخاصة بتطبيق القرار 1325 إضافة إلى إتخاذ جميع التدابير الكفيلة بتنفيذه علي أرض الواقع.
كما يشيد المعهد بمبادرة “تسليط الضوء” التي أطلقتها كل من الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي التي تركز على القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، وتدفع بها إلى دائرة الضوء وتضعها في طليعة الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
الجدير بالذكر أن معهد جنيف لحقوق الإنسان يواصل عمله هذا العام مع جميع الشركاء حول العالم، بهدف تمكين النساء ورفع الوعي بقضايا حقوق الإنسان للمرأة، فهناك الكثير بعد مما يجب عمله للقضاء على التمييز بين الجنسين، خاصةً مع بروز تهديدات جديدة في السنوات الأخيرة، كالتغير المناخي، وإنتشار إنعدام الأمن الغذائي، الإرهاب والأزمة المالية العالمية.
ويدعو معهد جنيف لحقوق الإنسان الجميع الى إعتماد المقاربة الشمولية التي تقر بترابط الحقوق الإنسانية للنساء وعدم تجزئتها، والإعتراف بها لجميع المجموعات من النساء والفتيات المواطنات في المدن والأرياف واللاجئات والعاملات المنزليات والنساء ذوات الإعاقة.