معصوم مرزوق: إذا واصلت إثيوبيا تكتيكات كسب الوقت سيدخلون المنطقة لنفق مظلم.. ومصالح مصر العليا لا تؤمن فقط بحسن النوايا
عبد الرحمن بدر
قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك نقطة في منحني التفاوض تمثل أعلى ما يمكنك الحصول عليه، إذا صممت على المواصلة بعدها فمن المرجح أنك تخسر، وقد ينقلب المنحني بشكل عكسي.
وأضاف اليوم السبت: “هل يفهم الإثيوبيون هذه الحقيقة العلمية؟، لقد تحقق لهم حتى الآن ما لم يكن ميلس زيناوي يتخيله عام ٢٠٠٦ (كان قصاري ما يتمناه عدم تمسكنا بإتفاقية ١٩٠٢ و١٩٩٣ التي وقعها هو نفسه)”.
وتابع مرزوق: “أرجو أن يفهم الأشقاء في أثيوبيا أن التفاوض علم، وأنهم إذا واصلوا تكتيكات كسب الوقت، سيدخلون المنطقة إلى نفق مظلم”.
وأكد أنه “من المهم إدراك أنك تستطيع تحقيق مكسب تكتيكي اليوم على حساب خسارة استراتيجية فادحة غدًا، وأن الطرف المقابل قد يبتلع خديعتك اليوم، ولكن ذلك هو البداية المؤكدة لتحويل أزمة يمكن – بل يجب- إدارتها، إلى صراع لا تمتلك فيه أدوات الطرف الآخر”.
واختتم مرزوق: “على الجانب المصري أيضًا أن يتأهب، لأن المصالح العليا لا تؤمن – فقط – بحسن النوايا”.
وفي وقت سابق كشف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، عن تفاصيل مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء الجمعة، في قمة مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي عبر الفيديو كونفرانس لمناقشة قضية سد النهضة، برئاسة الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد، وبحضور كلٍ من أعضاء المكتب الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، والرئيس فيلكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى مشاركة عبد الله الحمدوك رئيس وزراء السودان، وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أن تعبئة وتشغيل سد النهضة ستبدأ خلال الأسبوعين المقبلين، في الوقت الذي قال الرئيس عبدالفتاح السيسي ومسؤولون سودانيون، إن زعماء الدول الثلاث اتفقوا على ألا تبدأ إثيوبيا في ملء سد النهضة دون التوصل لاتفاق خلال أسبوعين.
وأوضح البيان الإثيوبي أنه خلال الأسبوعين القادمين سيتم إنجاز ما تبقى من تحضيرات إنشائية وهندسية تمهيدا لتعبئة خزان السد.
ويأتي هذا بعد يوم واحد من اجتماع الاتحاد الأفريقي -الذي انعقد أمس الجمعة على مستوى رؤساء دول هيئة مكتب الاتحاد-وتوصل إلى مجموعة توافقات بشأن سد النهضة، أبرزها تأجيل أديس أبابا تعبئةَ السد والعودة إلى التفاوض وفق آلية أفريقية للتوصل إلى اتفاق ملزِم.
وأوضح المتحدث الرسمي، في بيان صحفي، أنه تم التوافق في ختام القمة على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الأفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي، وكذا ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
كما تم التوافق على الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السد، قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند انعقاد جلسته لمناقشة قضية سد النهضة يوم الإثنين المقبل.
وأكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن السيسي أعرب خلال القمة عن الشكر للرئيس الجنوب أفريقي على مبادرته بالدعوة لعقد هذه القمة الهامة لتناول قضية سد النهضة بحضور الدول المعنية الثلاث، باعتبارها قضية حيوية تمس بشكل مباشر حياة الملايين من مواطني مصر والسودان وإثيوبيا، مشددا على تقدير مصر حكمة وجهود جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي في التعامل مع التحديات الاستثنائية التي تواجه القارة الأفريقية في هذه المرحلة.
وأكد الرئيس أن مصر منفتحة برغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، أخذاً في الاعتبار مصالح دولتي المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية، ومن ثم يتعين العمل بكل عزيمة مشتركة على التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل العالقة وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، على النحو الذي يؤمن لمصر والسودان مصالحهما المائية ويتيح المجال لإثيوبيا لبدء الملء بعد إبرام الاتفاق.
كما شدد على أن مصر دائماً لديها الاستعداد الكامل للتفاوض من أجل بلوغ الهدف النبيل بضمان مصالح جميع الأطراف من خلال التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، ومن هذا المنطلق فإن مصر تؤكد أن نجاح تلك العملية يتطلب تعهد كافة الأطراف وإعلانهم بوضوح عن عدم اتخاذ إجراءات أحادية، بما في ذلك عدم بدء ملء السد بدون بلورة اتفاق، والعودة الفورية إلى مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى الاتفاق العادل الذي نصبو إليه.