مدحت الزاهد يكتب: مجنون رسمي
مجنون رسمى هو نتاج لتحويل المواد الاعلامية والثقافة والفن والقيم الروحية لسلع تقاس قيمتها بأرباح الإعلانات وليس ما تغذى به العقل والروح والوجدان من قيم
إنها نفس الظاهرة التى أنتجت مسرح الكباريه وصحافة الإثارة والأفلام الساخنة وفيديوهات الفضيحة والعري، والملام ليس المجنون وحده، بل من أنتج ومول وشارك وعرض.
ولا يصلح مبدأ “الربحية” المرتبط بالعائد الاقتصادي، للتعميم على كل المجالات، فهو يعنى فى مجال الثقافة والفكر إفقار المضامين الإنسانية والديمقراطية للثقافة الإنسانية. وعلى العموم فان ثقافة واعلام الاستهلاك تهتم بصور ورموز، ومغامرات وسوبرمان، وفضائح، ونمائم.
وتتم عملية التسليع على مستوى كل الأنشطة الثقافية فى المسرح والسينما والأغنية والصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون و التليفزيون.
ومن هنا نفهم دور الصحافة الصفراء التي تركز على الفضائح والنمائم، وكسب التوزيع بخلطة من أخبار الحشيش والكرة والجنس وغراميات النجوم وأحوال الأزهر والكنيسة مع صور العرايا ومشاهد العشق الساخنة والظاهرة عالمية، كما لاحظنا فى ارتفاع المبيعات مع ما أطلقت عليه الصحافة الصفراء “فضائح مونيكا وكلينتون” “وغراميات الأميرة ديانا وعشاقها” فهذه الصحف اكتسحت أسواق وكسبت التوزيع
هذه الصحافة اازدهرت فى مصر؛ مع شيوع فلسفة الخصخصة، والترويج لآليات السوق كمبدأ أعلى لكل نشاط إنساني، واعتبار الربحية، معيار كل نجاح، ومعيار النجاح فى الصحافة التوزيع، ويزدهر التوزيع بصور الأفخاذ والنهود؛ والنصف الأسفل من قوام الأنثى، ومشاهد الجنس، وأخبار الفضيحة .
مسرح وكباريه
ومن هنا نفهم ظاهرة المسرح التجاري الذي تحول إلى كباريه، لا يستقيم فيه النص بغير الرقص ويتغير فيه النص باجتهادات الممثلين، التي تضيف وتحذف منه تحت “شعار الجمهور عاوز كده” ومن أجل الضحك والفرفشة يتبارى الممثلون فى تبادل النكات والقفشات، وخلافا للكوميديا الهادفة، يتحول العمل المسرحي إلى مسخرة نجحت فى انتزاع الضحكات.
ولا يختلف الحال بالنسبة لأفيشات الأفلام السينمائية التي تركز على عرض النهود والأفخاذ والقبلات الحارة والأحضان الساخنة، أو على العكس مشاهد القتل والتدمير الإعجازي الذي يقوم بها البطل السوبرمان.
فى هذا السياق أيضا ظهرت أغاني الفيديو كليب التي استخدمت العين لسرقة الأذن، وحولت متعة التذوق من الاستماع إلى الرؤية لمشاهد غراميات ساخنة وعروض أزياء و مشاهد طبيعية خلابة.
و يتصل بكل ذلك اهتمام التليفزيون بالترويج الإعلاني الهائل للسلع الاستهلاكية، كوسيلة للمتعة، وباستضافة نجوم الكرة والسينما، عمال على بطال، فى كل البرامج وعلى كل القنوات، حتى لو كانوا فى حالة تمرد على أنديتهم أو فى حالة تحلل أخلاقي، حيث يصبح هؤلاء النجوم وسيلة لجلب الاعلان والشغل الشاغل للرأي العام، كوسيلة لخلق الاهتمام البديل للهم المسكوت عنه..
وبكل بساطة اقتحمت برامج التليفزيون الحياة الخاصة للنجوم وحولت قصص زواجهم وطلاقهم وحكايات عشقهم و فضائح غرامياتهم إلي موضوعات للرأي العام! و قبل النجوم بدورهم عملية الاقتحام لكل ما هو خاص فى حياتهم، حيث تم تسليع النجوم أنفسهم، وأصبح ظهورهم على صفحات و شاشات وسائل الإعلام شرطا للتسويق! والانتشار!
ولم يخل الأمر من فن راقى وثقافة إنسانية ابتعدت عن المنطق التجاري وقدمت نفسها كبديل لتحويل الثقافة والإعلام والفنون إلى سلع رخيصة