مدحت الزاهد يكتب: تفكك اجتماعي وتحلل أخلاقي.. مصر فى حاجة لتغيير عميق يبعدها عن حافة الهاوية
لم أكن قادرًا على قيادة السيارة ولا ركوب المواصلات العامة فلجأت إلى “التاكسيات” ولم أجد سائقا واحدا مستعدًا لتشغيل “العداد” أو بزيادة معقولة عن المعتاد فجميعهم أصروا على مضاعفة الأجرة وكنت تعرضت يومها لأكثر من محاولة نصب وشعرت بالخطر ورغم أن مصر لم يغرب عنها الخير والناس الطيبين إلا أن الإحساس راودني بأنني في مجتمع آخر فمعظم الناس يضعون أيديهم في جيوب بعض بلا حياء، وأسعار السلع والخدمات تصعد بسرعة الصاروخ ومعها تهوي فئات جديدة تحت خط الفقر وتأملت مع توالي الوقائع فيما كان يتوقعه مفكرون وعلماء عن انفجار اجتماعي أو انفجار سياسي.
بينما المشهد يحمل أكثر مخاطر تحلل اجتماعي وأخلاقي وتراجع لمنظومة القيم فيما يمكن أن نسميه صراع الضحايا الذين يتقاتلون فيما بينهم من أجل النجاة كصراع السجناء على مساحة أكبر في علبة السردين وكالجرائم الأسرية عندما يستخدم السلاح للحصول على قيراط أو شقة أو مبلغ من المال ولو كان الجاني أو الضحية أشقاء أو آباء وأمهات وأبناء وبنات وهذا في الواقع أخطر مخلفات الأزمة الاقتصادية والسياسة المحتدمة.. أنها تنتج التحلل والتصدع الأخلاقى وعندما يغيب الأمل ويتم حصاره تطفو على سطح المجتمع وفي أعماقه مختلف أنواع التشوهات وإذا كان بوسع الأمن السياسي أن يطارد رواد الحلم والأمل وهم أقلية بسبب ما يتطلبه الحلم بالتغيير من مخاطرة فكيف له أن يطارد ضحاياه وهم كثرة. فالناس عندما يعجزون عن المقاومة والتغيير معا يتقاتلون فيما بينهم وتتضخم ملفات الأمن الجنائي في ارتباطه الوثيق بالأمن السياسي وتمتد في كل اتجاه وتنذر بفقدان المجتمع هويته مع أن الأجراس تدق و تنذر بأن هناك مشكلة تخص الأمن أكثر من أمن الحكومة والنظام وهي أمن الشعب ولو غاب لغاب الأمن عن الوطن ومصر في حاجة إلى تغيير عميق يوفر للناس الخبز والحرية والأمل ويدفع عنها مخاطر التحلل والتفسخ والتفكك الاجتماعي ومخاطر تحويل المجتمع إلى شظايا متصارعة وأخطر ما يمكن أن يواجه مجتمع أن يتوحش بعضه ضد بعضه وهو مسار محتمل يوازيه صعود الحركات المطلبية والاجتماعية وما يمكن أن يدفع مصر بعيدا عن الهاوية أو الانفجار هو تغيير ديمقراطي عميق يطيح بالسياسات الكارثية ورموزها ويفتح أبواب السجون لاطلاق سجناء الرأي ونوافذ الأمل ويرتكز على شعارات ثورة يناير في العيش .. والحرية .. والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وهي الشعارات التي أطلقتها أحلام الشعب ورددتها حناجر الملايين والتي تمثل لها حبل الخلاص.