مدحت الزاهد: مشاورات لتشكيل جبهة للدفاع عن هيئة قناة السويس.. ودعوة لاجتماع عاجل للحركة المدنية لبحث مسارات التحرك
الزاهد: الجبهة ستشمل جميع رافضي القانون من الحركة المدنية والأحزاب والنقابات والكيانات والشخصيات العامة
الهدف تشكيل كتلة ضعط للدفاع عن قناة السويس.. وسنبحث المسار القانوني أمام الدستورية العليا
مصر تواجه خطرين سد النهضة على النيل ومشروع صندوق قناة السويس في تهديد واضح لسيادتها وأمنها القومي
كتب- محمود هاشم:
قال رئيس حزب التحالف الشعبي الكاتب الصحفي مدحت الزاهد، إنه تجري مشاورات خلال الأيام الحالية في إطار تكوين جبهة وطنية عريضة ككتلة ضغط للدفاع عن قناة السويس وإسقاط مشروع القانون الحكومي بشأن إنشاء صندوق هيئة قناة السويس، الذي يتيح شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، واصفا إياه بأنه يمثل تهديدا واضحا للأمن القومي المصري.
وأضاف الزاهد، في تصريحات لـ”درب” أن الجبهة من المقرر أن تشمل تحت لوائها جميع رافضي القانون من الحركة المدنية الديمقراطية، وغيرها من الأحزاب والنقابات والكيانات والشخصيات العامة، متسائلا: “هيئة قناة السويس أعلنت بالفعل تحقيقها أرباحا بمليارات الدولارات سنويا، فما الداعي لإنشاء صندوق سيادي يستقل بميزانيتها عن ميزانية الدولة ويبتعد عن آليات الرقابة والمحاسبة”.
وكشف رئيس التحالف الشعبي عن اجتماع طاريء للأمانة العامة للحركة المدنية الديمقراطية من المقرر عقده قبل نهاية الأسبوع الحالي، لبحث المسارات المقرر التحرك فيها للتصدي لمشروع قانون الصندوق، التي قد تشمل إقامة مؤتمر موسع، فضلا عن التحرك القانوني أمام المحكمة الدستورية العليا، فضلا عن حشد الرأي العام لتوعيته بمخاطر مثل هذا التوجه، وغيرها.
وعبر الزاهد عن استغرابه من إنشاء صندوق سيادي جديد خارج رقابة البرلمان، يتيح التصرف في موارد الهيئة ومشاريعها ووضع أرباحها فوائدها محل تصرف مستثمر أجنبي، في الوقت الذي يتجه العالم إلى دمج وتوحيد الصناديق وليس زيادتها، خاصة أن القناة هي المورد الأكبر للدولة بعائدات بلغت 8 مليارات دولارات في العام المالي الأخير.
وتابع: “مصر الآن تواجه خطرين سد النهضة على النيل ومشروع صندوق قناة السويس، في تهديد واضح لسيادتها وأمنها، بغرض السيطرة على موردها المائي، وعلى شريانها الحيوي الذي يربطها بالعالم”.
ولفت إلى أن الأمر بدوره يؤثر على السيادة الوطنية المتمثلة في سلطة الدولة في إدارة هذا الشريان الحيوي بشكل منفرد، وواصل: “القناة لها دلالة وطنية ورمزية مهمة، فقد قدم عشرات الآلاف من المصريين أرواحهم من أجل حفرها وخروجها إلى النور، وتعرضت البلاد لعدوان ثلاثي بعد إعلان تأميمها كشركة مساهمة مصرية”.
وأعاد الزاهد التذكير بموقف الحركة المدنية، الذي صاغته في بيان لها بتاريخ 7 سبتمبر 2022، بشأن رفضها اندفاع السلطات في اتخاذ اجراءات اقتصادية وسياسية ذات طابع استراتيجي تمثل بالهياكل الإنتاجية والوطنية الرئيسية قبل انطلاق الحوار الوطني، والذي أكدت عليه خلال مؤتمرها الأخير في 11 ديسمبر 2022.
واستكمل: “على السلطة إثبات جديتها في الدعوة للحوار الوطني بالاستماع بشكل جاد وحقيقي للأصوات الوطنية قبل اتخاذ قرارات من شأنها التأثير على الدولة وعلى حياة المواطنين والأجيال القادمة، بدلا من الاندفاع في اتجاه آخر كاشف للنوايا الحقيقية بشأن الحوار في حد ذاته”.
كان سياسيون ونواب وأحزاب سياسية، رفضوا موافقة مجلس النواب في المجموع على مشروع قانون جديد بشأن إنشاء صندوق خاص لهيئة قناة السويس، يمنحه الحق في بيع وشراء واستئجار الأصول والتحكم فيها، فيما اعتبروا قناة السويس” خط أحمر”.
ووافق مجلس النواب في جلسته العامة، الاثنين، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975، وإرجاء التصويت النهائي عليه إلى جلسة لاحقة لعدم توافر النصاب اللازم لتمريره.
وقال السياسي البارز والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، إن “قناة السويس خط أحمر، بأرواح الشعب حفرناها، وبإرادة الشعب أممناها، وبدماء جيش الشعب حررناها، وهي ملك الشعب ولن يسمح لحكومة فاشلة بالتفريط فيها”.
أعضاء مجلس النواب أيضا كان لهم موقف في رفض مشروع القانون أمام البرلمان، حيث سجل بعض أعضاء المجلس رفضهم المشروع المعد من الحكومة في مضبطة الجلسة، ومنهم النائب عن حزب الوفد الجديد محمد عبد العليم داود، الذي قال في كلمته: “إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص. وهذا المشروع يمثل خطراً داهماً على الدولة المصرية”.
وأضاف داود: “مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يشبه مشروع طرح أهرامات الجيزة للبيع في سبعينيات القرن الماضي، والذي تصدت له النائبة نعمات أحمد فؤاد تحت قبة البرلمان”.
وتابع: “هذه قناة السويس المملوكة للشعب المصري، والتي حفرها بدمه، وليست شركة من شركات القطاع العام التي تُباع بـ أبخس الأثمان”.
وقال النائب عن حزب “التجمع” عاطف مغاوري: “أربأ بهيئة قناة السويس أن تلحق بمغارة علي بابا المسماة بالصناديق الخاصة. ومشروع القانون المطروح هو تشوه تشريعي، لأن قناة السويس ليست مرفقاً عادياً للدولة، وإنما هي تجسيد لإرادة الشعب المصري”.
بدوره، أعلن النائب عن الحزب “المصري الديمقراطي” إيهاب منصور رفض الحزب مشروع القانون، قائلاً: “عدم وحدة الموازنة أحد العيوب الأساسية للسياسة المالية العامة للدولة، ومصر تعاني من زيادة عدد الصناديق والحسابات الخاصة التي وصل عددها إلى 7 آلاف صندوق، وكان فائضها العام الماضي وحده نحو 36 مليار جنيه، لم يستقطع منها سوى 3 مليارات جنيه لدعم الموازنة”.
وطالب منصور الحكومة بـ”إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وبحث سبل زيادة معدل النمو الذي بلغ 5.5 في المائة، في حين أن معدل زيادة الديون وصل إلى 12 في المائة، أي ما يعادل ضعف معدل النمو”، مضيفا: “الحكومة تقترض الآن لسداد الديون، وليس للإنتاج والتشغيل، وهذا أمر خطير على الاقتصاد المصري”.
وقال النائب فريدي البياضي: “الحكومة تعد مشروعاً جديداً كل فترة بشأن أحد الصناديق الخاصة، وبذلك تأخذ من إيرادات الدولة بعيداً عن موازنتها، أو عن رقابة البرلمان. الحكومة عومت الجنيه، وغرقتنا في الديون، وغرقت معها الطبقات المتوسطة والفقيرة”.
وأضاف: “هذه الحكومة يجب أن تسمى حكومة الصناديق الخاصة، وأقول للجميع: كفاية إفراغ لموازنة الدولة، وكفاية صناديق جديدة، وكفاية سياسات خاطئة، وكفاية كل هذا الوقت على الحكومة. الحكومة الحالية يجب أن تقال، بل يجب أن تحاكم!”، على حد تعبيره.
وأصدر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيانًا حذّر فيه من “خصخصة قناة السويس”، مُشددًا على أن الإعلان عن “صندوق الهيئة الجديد” يأتي بعد أيام من اتفاق لم تُعلن كافة بنوده مع صندوق النقد الدولي.
وقال البيان “فوجئ الشعب المصري أمس بالإعلان عن موافقة مجلس النواب على مجموع مواد مشروع حكومي لتعديل القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن نظام هيئة قناة السويس”.
وأضاف “والهدف من التعديل واضح وصريح: إنشاء صندوق خاص جديد للهيئة يجري تمويله من إيرادات الهيئة وفائض أرباحها، ويعتبر من أشخاص القانون الخاص وليس العام، وأهدافه صريحة في الاستثمار وتأسيس شركات وشراء أو بالأحرى بيع أصول وخلافه، وبذلك تمتد أيادي السلطة الحاكمة إلى قناة السويس ذاتها، وهو أمر كان لا يمكن أن يتخيله غالبية المصريين، وإن كان الأمر بصدور وثيقة ملكية أصول الدولة قد أصبح واضحا منذ شهور”.
وتابع “ومع ذلك فتوقيت ظهور تعديل القانون وتأسيس هذا الصندوق الخاص الذي يخصص القناة عمليا، بعد أيام فقط من توقيع اتفاق لم تعلن كافة بنوده مع صندوق النقد الدولي، بل تمت إحاطة الاجتماع الذي تم فيه الاتفاق بالسرية الكاملة خلافا لكل التقاليد المرعية في مثل هذه الاجتماعات التي يعقدها صندوق النقد مع الحكومات، بما يثير شبهات كبيرة عموما حول الشروط التي تم فرضها عموما، ومن بينها التوسع في خصخصة مرافق مصر الاستراتيجية بما فيها قناة السويس خصوصا”.
واستكمل بيان التحالف “واللافت للنظر أن مجلس النواب المصري سارع للموافقة المبدئية على قانون الخصخصة هذا بدلا من أن يناقش أولا اتفاق الحكومة غير المعلن مع الصندوق، وهو اتفاق تلزم المادة ١٢٧ للدستور السلطة التنفيذية بالحصول على موافقة عليه قبل الحصول على أي قروض خارجية، وهو حق تقاعس مجلس النواب المصري هذه المرة، كما في عام ٢٠١٦ عن التمسك بالوفاء به في مواعيده قبل إقرار تلك الاتفاقات”.
وأردف “وتزداد الشبهة هنا لسابق تصريح وزير المالية برفض مصر خصخصة قناة السويس أو السد العالي، وهو ما يشير إلى أن خصخصة تلك المرافق الاستراتيجية كانت بالفعل ومنذ فترة موضع تفاوض مع الدائنين الدوليين، وممثلهم صندوق النقد الدولي”.
ولفت البيان بالقول “ومن الجدير بالذكر أن نفي الحكومة لخصخصة قناة السويس أو بيعها لا قيمة له، لأن الخصخصة لا تعني بالضرورة بيع المجرى الملاحي نفسه، بل خصخصة أنشطة هيئة قناة السويس بالسماح لشركات وجهات أجنبية بالقيام بها بشكل منفرد ببيع أصول من خلال الصندوق الجديد الكارثي، أو بالمشاركة مع الهيئة وجهات محلية أخرى”.
واسترسل “التاريخ يعيد نفسه مع بالغ الأسف، والمشابهة قائمة مع ديون عهد الخديوي إسماعيل التي أنفقت على البذخ والترف، وأدت إلى وقوع مصر في النهاية في العبودية المالية للدائنين والمرابين الأجانب؛ وتكتمل المشابهة لحد التطابق باقتراب الحكم القائم في مصر من خصخصة قناة السويس، ليستنسخ مسألة بيع الخديوي إسماعيل حصة مصر في أسهم القناة من أجل سداد ديون الدولة، وهو الأمر الذي كلف مصر فقدان سيادتها السياسية بعد فقدان سيادتها الاقتصادية، إلى أن تمكنت فقط في عام ١٩٥٦، وبعد ما يقرب من قرن من الزمان، من تأميم قناة السويس بقرار تاريخي كلفنا مواجهة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مجتمعين، ووقوف أحرار العالم معنا نحن المصريين”.
واختتم البيان بالقول إن “الحكم الراهن يهدر كل مكتسبات نضال الشعب المصري التاريخية، ويعود لبيع قناة السويس، بعد أن أغرق مصر في الديون”.
ويقضى مشروع القانون بإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس بغرض المساهمة بمفرده -أو مع الغير- في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.