محمود السقا يقدم طلبا لنقيب الصحفيين ورئيس لجنة القيد لتصحيح قرار رفض قبول أوراق عضويته: لن أتنازل عن حقي.. ولن أترك مهنتي
السقا: لن أنسي التضامن والدعم والمساندة من أساتذتي وزملائي الذين غمروني بمحبتهم.. فزت بعضوية حقيقية في قلوبهم وأذهانهم
كتب- محمود هاشم:
تقدمت الزميل محمود السقا، الصحفي في جريدة الكرامة، بطلب إلى نقيب الصحفيين ضياء رشوان، ووكيل النقابة ورئيس لجنة القيد خالد ميري، لإعادة النظر فيما وقع عليه من ضرر بشأن رفض قبول أوراق قيده في عضوية النقابة.
وقال السقا، عبر حسابه على “فيسبوك”: “طالبت بإعادة الاعتبار لي بتصحيح القرار، ومنحي حقي الذي لم ولن أتنازل عنه، مضيفا: “لن أنسي في الأساس كم التضامن والدعم والمساندة من أساتذتي وزملائي الذين غمروني بمحبتهم، وأكدوا لي أنني فزت بعضوية حقيقية في قلوبهم وأذهانهم، وهذا هو المكسب الأهم وسيظل دعمهم لي تاج علي رأسي ومهما وجهت لهم من شكر لن أوفيهم حقهم”.
وتابع السقا: “سأنتظر نتيجة هذا التظلم ولن أتنازل عن حقي، ولن أترك مهنتي التي أعشقها، ولن أتراجع عن أي موقف اتخذته يوما مهما كلفني هذا من أثمان”.
“جاء يوم لجنة القيد وتقدمت بأرشيفي الذي راجعته اللجنة حتي أن السيد عضو اللجنة الذي اختبرني يومها قال لي نصا: أنت أستاذ كبير يا محمود ومبروك من دلوقت، توكل علي الله، إلي أن صدرت النتيجة وعلمت بهذا الخبر الغريب والصادم بالنسبة لي – رفض قبولي عضوا بنقابة الصحفيين – فأنا لا أعرف هل حدث خطأ ما، أم بسبب موقف سياسي لي دفعت ثمنه سابقا مرارا وتكرارا، وتم التضييق علي كثيرا بسبب هذا الموقف الذي دفعت ثمنه من عمري وجهدي ومستقبلي بل وأسرتي أيضا”.
يحمل الزميل محمود السقا أرشيفه الصحفي، الذي جمعه خلال سنوات من العمل في المهنة، متوجها إلى شارع عبدالخالق ثروت حيث مقر نقابة الصحفيين، لتقديمه إلى لجنة القيد في سبيل الحصول على عضوية النقابة، التي تأخر حصوله عليها كثيرا، لا بأس، ربما كان هذا التأخر تمهيدا لفرحة منتظرة هذه المرة، أحد أعضاء اللجنة زف إليه البشارة فعليا، لكن مع موعد الإعلان الرسمي، لم يجد اسمه بين المقبولين.
“الزميل خالد ميري رئيس اللجنة رفض إطلاع المجلس على قائمة الأسماء التي طلبت الاطلاع عليها، بحجة أن القانون واللائحة لا يسمحان للمجلس بمناقشته في نتيجة القيد، ورغم أن القانون بالفعل لم ينص على ذلك، إلا أن المصلحة العامة للنقابة كانت تستدعي استشارته لكل أعضاء المجلس ومن قبله النقيب للاطلاع على ملاحظاتهم بما يضمن خروج النتيجة بصورة تليق باسم النقابة وحتى لا يتعرض أي زميل من المتقدمين للظلم”، يوضح عضو مجلس النقابة محمود كامل.
يضيف كامل: “طلبت من رئيس لجنة القيد إخطارنا وإعلامنا بالمعايير التي استندت إليها لجنته لاختيار الزملاء المقبولين والمؤجلين، وبالمتقدمين المرفوضين، إلا أنه قابل الطلب بالرفض، وقال إن المعايير شأن داخلي للجنة القيد وليس من حق المجلس معرفتها، وهو الأمر المستغرب، لأن الشفافية تقتضي إعلان وإعلام المجلس ومن قبله الجمعية العمومية بمعايير التقييم والترجيح التي استندت لها اللجنة في اختياراتها”.
بحسب كامل، اتضح بالفعل بعد إعلان الأسماء التي نعرف كثيراً منهم لاعتبارات الزمالة أنه ليست هناك معايير واضحة ومحددة يمكن لنا التعرف عليها، وحتى المعايير التي كان رئيس لجنة القيد أعلنها في مجلس سابق، والتي تتضمن ترجيح خريجي كليات الإعلام وأقسام الإعلام وترجيح المتقدم الأكبر سنا في حالة تساوي تقييم الأرشيف الصحفي بين المتقدمين، لم تطبق، بل إن عددا من المتقدمين لم تطلع اللجنة على أرشيفهم بشكل دقيق خلال انعقاد اللجنة التي كانت علنية وعلى مرأى من الجميع”.
يعمل السقا منذ ما يزيد عن 8 سنوات في المهنة، ويمتلك أرشيفا صحفيا يليق به وبوجوده عضوا في نقابة الصحفيين ضمن زملائه، حيث عمل في العديد من المواقع والصحف من بينها بوابة يناير، وبوابة “مدد” الصادرة عن حزب الكرامة، وصولا إلى جريدة الكرامة التي التحق بها منذ 2016، وحالت ظروف القبض عليه في حينها، في قضية “اقتحام مقر نقابة الصحفيين” الشهيرة، دون التحاقه بالنقابة، رفضت اللجنة قبول أوراق قيده في اللجنة الحالية، على الرغم من تقدمه هذه المرة مستوفيا الشروط المطلوبة، ورغم اجتيازه الدورة الخاصة بقيده، وتكريمه وحصوله على شهادة من نقابة الصحفيين بذلك.
يسترجع السقا ذكريات حلمه بالالتحاق بالنقابة، قائلا: “حين كنت طالبا في الجامعة، وكنت وقتها أعد مجلة حائط بمجهودي الذاتي تحت اسم مجهول حتى أن عميدة الكلية في عام ٢٠١٢ كرمت هذا الاسم دون أن تعرف صاحبه من شدة إعجابها بمشروعه وبما يكتبه، وحين عرفتني قالت لي أنت مكانك هناك في نقابة الصحفيين محجوز من دلوقتي يا سيادة الصحفي، ظلت هذه الجملة تتردد في أذني وأتمني تحقيق هذا الحلم، منذ ٢٠١٣ وأنا أعمل بجد وتركيز وأتنقل بين مصدر وآخر وبين تجربة صحفية وأخرى”.
كان السقا يمني نفسه بتحقيق حلمه وحلم والدته بالانضمام إلى نقابة الصحفيين ورسم الابتسامة على وجهها، أو تحدث المعجزة ويعود لها نظرها من الفرحة به، ويتذكر والده وأشقاءه وأقاربه وأصدقاءه، الذين تمني أن يجعلهم فخورين بتحقيق حلمه، ويستدرك: “لكن تأبي خفافيش الظلام أن يتحقق الحلم فهل هذا الرفض ينضم إلي قائمة الأثمان التي أدفعها، فإلى متي سيستمر هذا الانتقام وتصفية الحسابات معي، هل هذا خطأ غير مقصود! إذن فمتي أحصل على حقي”.
يصر السقا على عدم ترك حقه في الحصول علي عضوية نقابة الصحفيين، واتخاذه كل السبل القانونية من أجل ذلك، معلنا التقدم بتظلم حسب الإجراءات المتبعة لإعادة النظر في القرار، في انتظار نتيجة التظلم لتحديد السبل القانونية الأخرى التي يمكن اتخاذها من أجل الحصول على عضوية النقابة التي ينتمي إليها عرفا وحبا، وعلي حقي الذي لم ولن يتركه حتى آخر يوم في عمره”.
السقا ليست وحيدا في الأزمة الحالية، بل القائمة تطول، فقد قضى الزميل أحمد إبراهيم عصر هو الآخر ما يقارب 10 سنوات في المهنة، وحصل على العديد من الجوائز ففي مجال عمله، لكن كل ذلك لم يشفع له لقبول أوراقه في لجنة القيد.
عصر، الرابع على قسمه في كلية الإعلام بجامعة الأزهر، حاصل على جائزة أفضل تحقيق تليفزيوني قصير على مستوى الوطن العربي من شبكة “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)”، ويعمل ضمن وحدة التحقيقات الاستقصائية في جريدة الوطن منذ حوالي 6 سنوات، ما يزال – مثل الكثيرين من زملائه – لا يعرف سببا لتأجيل قيده، ما المطلوب منه للحصول على عضوية النقابة بعد تقديمه الأوراق المطلوبة واجتيازه اختبارات القبول، مدعوما بأرشيف سنوات من التعب والعرق لتقديم صحافة حقيقية.
“من بداية ما حلمت بأني أكون صحفي، وأنا بتعلم كل يوم من والدي يعني إيه نقابة الصحفيين، وإزاي القبول فيها شيء عظيم وخلاني أعافر وأحاول علشان أكون عضو فيها وأحقق له الأمنية اللي ياما تمناها، وفضلت معاه لحد ما مات، وانتقلت لي، وبقت هي كل حاجة في حياتي، أنا آسف لأبويا أني ما قدرتش أحقق له حلمه، آسف لأن 5 سنين و3 لجان وأرشيف من 2017، ومن قبل ما أتخرج حتى من الجامعة، ومستمر لحد اليوم ماشفعش ليا أني أتقبل في نقابة الصحفيين”، يروي الزميل عبدالرحمن بدر، قصة أخرى من قصص معاناة أبناء المهنة في الحصول على عضوية النقابة.
حوارات مع أساطير الكرة الإفريقية والعالمية باتريك مبوما ورابح ماجر وريجوبير سونج وأمادو فلافيو، فضلا عن الكثير من الموضوعات الأخرى في العديد من الألعاب أجراها الصحفي الرياضي، وقدمها وغيرها في أرشيفه، إلا أنه قبوله تأجل للمرة الثالثة.
الأولى لم يعرف سببها، وفي الثانية كان يقضي خدمته العسكرية بعد استدعائه، والثالثة كانت في لجنة القيد الأخيرة، يعلق بدر: “بعد كل ده الأساتذة قرروا يأجلوني، أتمنى حضراتهم يشعروا بالرضا لما يخلوا شاب زيي يسيب الحاجة الوحيدة اللي حلم بيها ويشوف له شغلانة تانية”.
علاء حسين أيضا واجه التعنت نفسه، فالزميل الذي حصل على جائزة مصطفى أمين وعلي أمين للتصوير الصحفي، وحصل لمدة 5 سنوات متتالية على جوائز شعبة المصورين بنقابة الصحفيين في مسابقة التصوير، فضلا عن جوائز أخرى محلية ودولية، أجلت لجنة القيد قبول أوراقه دون أسباب تذكر، اعترفت به المهنة في جوائزها ولم تعترف به النقابة ضمن أعضائها.
لم يستفق حسين من أثر القرار الصادم، متسائلا: “على أي أساس تقرر تاخد 10 أشخاص من جريدة لها الحق في أنك تاخد منها 30 أو 17 على أقل تقدير في مجزرة عجيبة، سألتوا علينا؟ بصيتوا على أرشيفنا؟ سألتوا عن حاجة في مهنتنا وماجاوبناش؟ اختبرتونا وفشلنا؟”.
العضوية والقيد فى جداول نقابة الصحفيين بنص القانون، تشترط لقيد الصحفى فى جدول النقابة والجداول الفرعية: أن يكون صحفيا محترفا غير مالك لصحيفة أو وكالة أنباء تعمل فى الجمهورية العربية المتحدة أو شريكا فى ملكيتها أو مسهما فى رأس مالها، وأن يكون حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تقرر شطب اسمه من الجدول لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة، وأن يكون حاصلا على مؤهل دراسى عال.
وتلزم المادة 13 من القانون لجنة القيد أن تصدر قرارها بشأن المتقدمين للعضوية خلال 60 يوما من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببا، ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال أسبوعين من تاريخ صدوره بخطاب مسجل بعلم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة منه بإيصال يوقع عليه، وبناء عليه فإن لجنة القيد بنقابة الصحفيين ليس من حقها أن ترفض أي من المتقدمين لها إلا إذا لم يستوف أحد الشروط الورادة في القانون.
الزملاء كانوا من بين 17 زميلا رفضتهم لجنة القيد بنقابة الصحفيين، و222 آخرين أجلت قبولهم من بين 543 زميلا، وفقا للكاتب الصحفي هشام يونس، عضو مجلس نقابة الصحفيين، على الرغم من تقديمهم أرشيفهم المهني والأوراق المطلوبة لحصولهم على عضوية النقابة، دون توضيحات معلنة من اللجنة لمعايير القبول أو أسباب رفض القيد للمتقدمين.
يشدد يونس، في تصريحه لـ”درب” أن لجنة القيد لا ينبغي أن تكون قراراتها منفصلة عن مجلس النقابة، لأن المجلس هو من منحها هذا التفويض ويستطيع سحبه في أي وقت، مؤكدا أن ما جرى في اللجنة الأخيرة سابقة في العمل النقابي يمكنني وصفها بوضوح بأنها “جريمة نقابية”، لأنه لم تكن هناك معايير واضحة أو موحدة يمكن تطبيقها على الجميع.
وأوضح عضو المجلس أن التذرع بوجود معايير مهنية في بعض الحالات والتغاضي عنها ف حالات أخرى يؤكد عدم وجود معايير من الأصل، كاشفا عن وجود ما وصفها بـ”شبهة حسابات سياسية واضحة” في رفض عدد من الأسماء.
وحول سبل تلافي حدوث مثل هذه الأزمة مستقبلا، قال يونس: “يجب النظر في الطريقة التي يتم بها القيد خاصة أن هناك سوابق وافق أعضاء اللجنة وعدد كبير من أعضاء المجلس على دخول شخصيات زورت أرشيفها النقابي وطلبوا إعادتها مرة أخرى، كما أن على الجمعية العمومية ألا تمرر ما حدث وأن يكون لها موقف جماعي لمواجهته، لأن هذا عبث بمستقبل المهنة وجمعيتها العمومية”.
يرى الكاتب الصحفي خالد البلشي، أن الأمر لا يقف فقط عند المرفوضين بالمخالفة للشروط القانونية الثلاث؛ ولكنه يمتد أيضا لظاهرة التأجيل الجماعي بلا قواعد واضحة، والتي تثير الكثير من التساؤلات وتطرح العديد من علامات الاستفهام.
ويؤكد أن “ما جرى بحق عدد من المتقدمين للقيد مستوفيي الشروط، جريمة نقابية تستوجب التوقف أمامها، خاصة أن هناك شبهات تصفية حسابات سياسية واضحة في حالة الزميل محمود السقا، فيما يبدو للجميع أنه استكمال لتصفية الحسابات في أزمة النقابة ٢٠١٦، وكان السقا وقتها يمارس الصحافة كمتدرب، وما يزال حتى الآن يمارس المهنة معينا بصحيفة الكرامة، والتي تم قبول عدد من المتقدمين منها في اللجنة الحالية، بخلاف عشرات الملاحظات التي أثارها الزملاء الذين تم إرجاء قيدهم وكذلك ما أثاره الزميل محمود كامل”.
يشير البلشي إلى أن النقابة ممثلة في لجنة القيد ملزمة بنص القانون بإعلان المرفوضين بسبب الرفض، والذي لابد أن ينحصر فقط في الشروط الواردة بالقانون وليس أي سبب آخر، وفي حالة الخروج عن الأسباب القانونية فإن الأمر يقتضي تحركًا جماعيًا من المستبعدين والمهمومين ببقاء الحد الأدنى من الحماية النقابية لتصحيح الوضع البائس، والذي امتد إلى أبسط الحقوق التي تقدمها النقابة وحولها لبيت للأشباح تم حجبه عن الأنظار.
ويشدد على أن “العودة للشطب والتأجيل الجماعي بالأهواء الشخصية أو بتوجيهات عليا، وهو الأمر الذي طالما ناضل الصحفيون للتصدي له ووقفه، أو ممارسة لجنة القيد لصلاحياتها بلا قواعد واضحة، وهو الذي امتد لعدد كبير من الملفات النقابية للحد الذي دفع الزميل محمود كامل لإعلان هوانه على الناس، هو إعلان واضح بموت العمل النقابي على الجميع التصدي له”، محذرا: “الأحداث الحالية تؤكد أن الصمت عليه سيدفع ثمنه الجميع”.
ما تزال أصداء الأزمة – المستمرة منذ سنوات – متواصلة، دون تعليق من أعضاء لجنة القيد، الأمر الذي دفع عضو مجلس النقابة محمود كامل لدعوة “كل من يرى أنه تعرض للظلم” للتقدم بتظلم للنقابة وفقا للإجراءات النقابية التي وضعها القانون.
وواصل: “لا أملك سوى الاعتذار لكل زميلة وزميل تعرض للظلم، رغم أن هذا الاعتذار لن يعوضهم عما أصابهم، ولكن يظل عذري الوحيد أن القانون غل يدي عن رفع هذا الظلم”.