محمد جلال عبدالرحمن يكتب: قلة الوعي.. خطر كورونا المضاعف
المشهد المتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي لرفض بعض الاهالي دفن طبيبة توفيت جراء الإصابة بفيروس كورونا، هو مشهد بعيد كل البعد عن قيم الأخلاق والإنسانية وتعاليـم الدين.
في هذه المرحلة يجب أن تتدخل الدولة بتحديد شكـل التعامل بين عـدد من الاطراف، سواء بين الاطباء والمجتمع، أو بين الأطباء والمرضى، أو بين المصابين بالكورونا احياءً أو امواتًا وبين أهاليهم، وتحديد آلية آمنة يحصل من خلالها كل طرف على حقه من الآخـر، خاصة بعدما تنامي ظاهرة النفور من الاطباء على خلاف ما يجب أن يستحقون من التكريم والتعظيم لمجهوداتهم سواء احياءً او شهداء فهم يزودون عن الوطن في مواجهة هذا الوباء.
لا ننكر على بعض الناس سلوكهم الطبيعي بالتخوف في مثل أزمة كورونا، خاصة أن الجميع يفكر في دفـع الأذى المحتمل وقوعه عليـه وهناك من يصل به التخوف الى حـد شديد، فيتحول معه سلوك المواجهة الى وسواس لكن هذا لا يجيز أن نعتدي على حقوق الآخرين اثناء حياتهم أو بعد مماتهم لاسيما وأن الاطباء هم خط الدفاع الأول في مواجهتنا لهذا الوباء، وهو اعتداء لا نجيزه أيضًا في مواجهة أي انسان، إلّا أن ترك الحبل على الغارب والاعتماد على المواجهة بالوعي وحده أو التخوفات سوف يقتل معنويات الاطباء أو يؤدي إلى إهلاك الكثير من المواطنين جراء التعامل بهذه السلوكيات مع المصابين.
إلّا أن قلة الوعي أو انعدامه عند البعض امرًا كارثي لأنها الوسيلة الوحيدة الناجعة حتى الآن في مواجهة هذا الوباء لكن يجب علينا الاحتواء والاستمرار في التوعية خاصة بعدما دق جرس الانذار بتزايد اعداد المصابين مؤخرًا بما يصاحبه من تحذيرات حسب تصريحات وزيرة الصحة الاخيرة وهو ما يدل بوضوح على أننا بحاجة الى إعادة النظر في بذل المزيد في التعامل مع هذا الوباء سواء على المستوى المهني أو وصولًا إلى المواطنين.
ولعل ما وصلت إليه إيطاليا من انهيار منظومتها الصحية يعد درسًا للجميع سببه الرئيس تفضيل المواطن الإيطالي الخروج الى الشارع وعدم الاكتراث للتحذيرات وبالتالي اختياره عدم الالتزام بالتدابير الوقائية، والاستهتار بتطورات هذا الفيروس، فلم يعد هناك اماكن ولا أسرة لمصابين بعشرات الآلاف، فنتج عن ذلك متوفون بالآلاف وهو ما اضطرت معه الدولة إلى استخدام (طب الحروب)، مثاله: إذا وُجد مصابان، شاب، وآخر كبير في السن، فبموجب طب الحروب يتم اختيار معالجة الشاب، وإخراج المسن من المشفى ليواجه الموت.
وكذلك ما يطل علينا من انهيار اقتصادي مرجح على مستوى العالم، بجانب التكاليف البشرية؛ إذ يتراوح تكلفة علاج المصاب الواحد بفيروس كورونا بين ٩٧٠٠ و٢٠٠٠٠ دولار، حسب موقع health system tracker .
والحقيقة أن هناك التزام اصيل يقع على عاتق الدولة في تطوير مجهوداتها لتساير كل مرحلة حسب خطورتها بضرورة توعية المواطنين بل والاطباء كلٌ حسب درجته ومكانته العلمية عبر وسائل التوعية المتاحة لها، بالتعامل الصحيح مع مصابي كورونا، وما هو افضل سلوك في التعامل معهم احياءًا أو امواتًا.
يجب علينا جميعًا نشر الوعي بين ابناء الوطن طبيًا أو سلوكيًا أو اخلاقيًا في التعامل مع ازمة كورونا مع استعمال القبضة الحديدية من الدولة بما لها من صلاحيات في تطبيق الإجراءات الوقائية واستحداث عدد من التعليمات في اختصاص الدولـة بدفن شهداء كورونا وهو ما يرفع جزء من الخطر والالم عن اهل المتوفين، خاصة أنه لا شيء يمنعنا من ذلك، فالظهير الصحراوي يسمح لنا بامتداده أن نخصص فيه مقابر سواء للمسلمين أو المسيحين بأسمائهم لمن يريد زيارتهم من اهليتهم فيما بعد وتخليدًا لذكرى هذا الوباء ولما نتج عنه على مستوى العالم ليذكرنا بضعف الانسان ويعظنا في الابتعاد عن الظلم والفساد ويعظم هؤلاء الأموات قيمة البحث العلمي للأحياء ولأجيالنا القادمة.
صحيح أن الدولة قامت بالعديد من المجهودات لكن الامر يحتاج الي السرعة في التعامل مع الأزمة سواء بإدخال الاحزاب في نشر التوعية بعد تدريب وتوجيه طبي من المختصين أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، قنوات التلفزيون أو وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها مع ضرورة الوصول إلى القرى والارياف وهو ما يجب أن يكون على رأس الأولويات، فما شهدته القرى والارياف من تهميش عبر سنوات طويلة نحصد ثماره الضارة الآن من قلة وعي أو استهتار بالمخاطر.
ونهاية فأن قلة الوعي من أخطر الأمراض لأن أضرارها متعدية تتجاوز أصحابها الى غيرهم، وفي ظل هذا الخطر الذي يحيط بنا يجب أن نضرب على يد كل متهاون ويقع على عاتقنا توعية كل الذين لا يدركون خطورة الموقف، ونسأل الله أن يحفظ مصر وشعبها ويرفع البلاء والوباء عن البشر أجمعين .
ايميل: mdgalal3@gmail.com