مؤسسة دعم العدالة: تعديلات قانون القضاء العسكري كارثة تُهدد حقوق المصريين في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي
البيان: حماية المنشآت العامة تدخل في اختصاص وزارة الداخلية والجرائم التى تلحق بها وبغيرها من المنشآت شملها قانون العقوبات
قالت مؤسسة دعم العدالة بالمركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، إنها تعرب عن انزعاجها وقلقها الشديدين من التعديلات التى أجريت على بعض أحكام قانون القضاء العسكري، والتي تعصف بالضمانات الدستورية الممنوحة للمصريين فى حقهم فى المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، وعدم محاكمتهم أمام القضاء العسكرى الاستثنائى إلا فى الحدود التى رسمها الدستور.
وتابعت في بيان لها، الاثنين: أصدر البرلمان أمس 28 يناير 2024. تعديلات قانون القضاء العسكري، وشملت التعديلات دمج قانون حماية المنشآت العامة رقم 136 لسنة 2014. والذي صدر ليطبق لمدة عامين فقط، وفي ظل أوضاع استثنائية، حيث أضاف التعديل ماده 5 فقرة أولي – بند هـ، لاختصاص القضاء العسكري (الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق العامة والحيوية والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها والتي تتولى القوات المسلحة حمايتها)، وهي المادة التي تفتح الباب أمام محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وكانت تلك المادة قد أثارت جدلا واسعا حال صدور قانون 136 لسنة 2014، خاصة أن صياغة المادة غير دقيقة، ويمكن أن تستخدم في التوسع بمحاكمة المدنيين عسكريا طبقا للظروف المتغيرة.
وأضافت أن حماية المنشآت العامة تدخل في اختصاص وزارة الداخلية وهي وزارة مدنية، فالمرافق العامة بما تشمله من منشآت وطرق، وغيرها هي مجال حركة المدنيين، والجرائم التى تلحق بها، وبغيرها من المنشأت قد شملها قانون العقوبات المصرى بالتنظيم الكافى لضمان نظرها أمام القضاء الطبيعي، دون تعريض المدنيين للمحاكمات العسكرية التي تعد قضاء استثنائى لهم، فضلًا عن كونها تمثل سلبًا لولاية القضاء العادى فى نظر القضايا التى تدخل فى اختصاصه.
كان مجلس النواب خلال جلسته العامة أمس الأحد، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى ، نهائيا ، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكرى رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦ .
وقال المستشار الدكتور حنفى جبالي إنه باستقراء نصوص مشروع القانون لفت انتباهى الحرفية الشديدة التى صيغت بها هذه النصوص، وأن وزارة الدفاع تقدمت بالتعديل المعروض حرصًا منها على تنفيذ الالتزامات الدستورية واتساقًا مع القوانين التى صدرت وآخرها تعديل قانون الإجراءات الجنائية (المتعلق باستئناف الأحكام فى الجنايات).
وأضاف: ولعل التعديل المقترح فى المشروع المعروض يؤكد وجهة نظرنا التى أبديناها أثناء مناقشة مشروع القانون المتعلق باستئناف الأحكام فى الجنايات، حيث أشرنا فى حينه إلى أن هناك بعض القوانين – ومن بينها قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية- انتظمت قواعد خاصة بنظام التقاضى أمامها استثناء من الشريعة العامة، وذلك إما لطبيعة المنازعات التى تنظرها أو لصفة الخصوم الذين تنظر دعواهم، حيث أفرد لها المشرع نظام تقاض خاص، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية – جلسة 5/8/2012، ومن ثم فإن بعض النصوص يتأبى نفاذها على تلك القوانين بمجرد تعديل قانون الإجراءات الجنائية خاصة الأحكام المتعلقة بتشكيل المحاكم التى تم استحداثها بوصفها أحد العناصر الجوهرية اللازمة لصحة الأحكام التى تصدر عنها، وهو ما تداركته وزارة الدفاع فى مشروع القانون – والذى يستحق الإشادة كما ذكرت- متوافقا مع هذه الرؤية .
وأوضح جبالى أنه باستحداث المحكمة العسكرية للجنايات المستأنفة وتحديد تشكيلها واختصاصاتها، مع الإحالة فى الإجراءات المتبعة أمامها إلى قانون الإجراءات الجنائية بما لا يتعارض مع أحكام قانون القضاء العسكري، فضلاً عن تنظيمه لمادة انتقالية تتعلق بعدم سريان أحكام استئناف الجنايات المنصوص عليها بهذا المشروع إلاّ على الدعاوى التى لم يفصل فيها من محاكم الجنايات العسكرية اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون اتساقًا مع التعديلات التى وافقنا عليها أثناء مناقشة مشروع قانون استئناف الأحكام فى الجنايات المشار إليه.
ووجه جبالى حديثه للنواب بأهمية قراءة ودراسة جميع مواد مشروعات القوانين المعروضة ونصوص الدستور والقوانين ذات الصلة والسوابق القضائية المتمثلة فى مبادئ وأحكام المحاكم العليا للوقوف على الغاية التشريعية المستهدفة منها قبل إبداء الرأى ومناقشتها فى وسائل الإعلام والإدلاء بآراء قانونية فى غير محلها بما قد يثير اللبس والبلبلة لدى المواطن العادى لاسيما غير المتخصص فى مجال القانون.
ومن جانبه قال اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشئون الدستورية والقانونية ، إن القوات المسلحة كانت ومازالت عبر تاريخها سندا وحصنا امينا للوطن، وهى ملك للشعب وستواصل دورها فى حماية الوطن وستظل درعا وسيفا لمنع كل من تسول له نفسه المساس بهذا الوطن .
وأضاف – خلال مناقشة تعديلات قانون القضاء العسكري – أن القضاء العسكري لم يكن استثنائيا طوال تاريخه، وهو قانون دستورى منذ دستور 1923 حتى 2014، والاصح ان يقال عليه «خاص وليس استثنائيا».
وأكد «شاهين» ان القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة وهذا منصوص عليه فى الدستور. وأضاف أن : «التعديلات المطروحة استكمال لمنظومة التطور، وقانون القضاء العسكرى المصري من أكثر القوانين تطورا بين قوانين القضاء العسكرى فى العالم، وهناك ضمانات للقاضى والمتقاضي، وطرق الطعن محددة فى القانون».
وأوضح أن جميع أعضاء القضاء العسكرى خريجو كلية الحقوق، وأن هناك من أعضائه حاصلين على ماجستير ودكتوراة ويحصلون على دورات فى معهد الدراسات القضائية.
واستهدف مشروع القانون تعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكرى رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦، لتحقيق التناسق والتكامل بين التشريعات الجنائية فى الدولة باعتبارها تشريعات متكاملة تعتنق مبادئ واحدة لتحقيق العدالة لجميع المتقاضين والتأكيد على تمتعهم بجميع ضمانات التقاضي. كما استهدف أيضا تحقيق المستهدف التشريعى من قانون القضاء العسكرى واستيفائه الشرائط الدستورية للجهات القضائية، مما استلزم تدخلاً تشريعيا بتعديل بعض أحكامه لمواكبة التعديلات التى لحقت بتلك التشريعات والتى حددت ضوابط عمل الجهات القضائية وسلطاتها وصلاحياتها وتنزيها لحصانات أعضائها ليتفق مع الواقع العملى الذى يسير عليه القضاء العسكري.
وانتظم مشروع القانون فى خمس مواد بخلاف مادة النشر على النحو التالي:
(المادة الأولي) : (استبدلت عبارة أعضاء القضاء العسكري) بعبارة (ضباط القضاء العسكري)، وعبارة (عضو القضاء العسكري) بعبارة (ضابط القضاء العسكرى أينما وردت فى قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٦ أو أى قانون آخر، كما تستبدل عبارة (المجلس الأعلى للقضاء العسكري) بعبارة (لجنة هيئة القضاء العسكري)، وعبارة المجلس المذكور) بعبارة (اللجنة المذكورة)، وكلمة (المجلس) بكلمة (اللجنة) أينما وردت فى قانون القضاء العسكرى المشار إليه، وذلك لتتفق مع أحكام الدستور.
(المادة الثانية) : أضافت درجة من درجات التقاضى وهى المحكمة العسكرية للجنايات المستأنفة إلى أنواع المحاكم العسكرية لتصبح المحكمة العسكرية العليا للطعون، المحكمة العسكرية للجنايات المستأنفة، المحكمة العسكرية للجنايات، المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة، المحكمة العسكرية للجنح، كما حددت اختصاصها دون غيرها بنظر الدعاوى والمنازعات التى ترفع إليها طبقا للقانون، واختصت رئيس هيئة القضاء العسكرى بقرار منه لتشكيل دوائر المحكمة العسكرية العليا للطعون واختصت مدير المحاكم العسكرية بقرار منه تشكيل دوائر المحاكم العسكرية الأخرى المنصوص عليها فى هذه المادة.
كما تناولت تشكيل المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة وتكون من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من ثلاثة قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم على ألا تقل رتبته عن مقدم وبحضور ممثل للنيابة العسكرية، وحددت اختصاصها بنظر استئناف الأحكام المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليه فى الأحكام الصادرة من المحكمة العسكرية للجنح، ويتبع فى الدعاوى التى تنظرها القواعد والإجراءات المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية، وذلك فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، ويصبح حكمها نهائيًا دون حاجة لأى إجراء .
كذلك تناولت أداء رئيس وأعضاء هيئة القضاء العسكرى لليمين، وذلك بأن يؤدى أعضاء القضاء العسكرى – قبل مباشرة وظائفهم – اليمين (أقسم بالله العظيم أن أحكم بالعدل وأن أحترم القوانين) على أن يكون أداء رئيس هيئة القضاء العسكرى اليمين أمام رئيس الجمهورية، ويكون أداء اليمين بالنسبة لأعضاء القضاء العسكرى الآخرين أمام وزير الدفاع وبحضور رئيس هيئة القضاء العسكري، ولا يتكرر أداء اليمين عند الترقية أو عند النقل بين القضاء والنيابة العسكرية.