مأزق الغنوشي.. الأزمات تحاصر رئيس حركة النهضة ومطالب بإعفائه من رئاسة البرلمان
بيان لأحزاب تونسية ينتقد موقفه من الأزمة الليبية: يصب في خانة الاتهامات لتونس بتقديم الدعم اللوجستي لتركيا
كتب – إسلام خليل
“الغنوشي سيسعى إلى تصريف أزمتة الداخلية وهزيمته السياسية اثر السقوط المدوي لحكومته بكل الوسائل” قراءة قدمها النائب اليساري ( المنجي الرحوي) فى يناير الماضي تعليقا على زيارة غير رسميه من الغنوشى للرئيس التركى رجب طيب اردوغان، مشيرًا – طبقا لما نشره موقع (ميدل إيست أون لاين) – إلى أن “الوضع دقيق في تونس والموقف جد حساس في ليبيا والتطورات الحاصلة تشير الى تعقيدات تتطلب كثيرا من الحذر والانتباه”.
قراءة المنجي الرحوي ما لبثت أن تحققت، وتطورت إلى اتهامات ومطالبات بمساءلة الغنوشي بعد تكرار العديد من التصرفات المماثلة والتي اعتبرها قطاع كبير من السياسيين التونسيين، توريط لتونس في النزاع الليبي واتهموا الغنوشي بالعمل لمصلحة التنظيم العالمي للإخوان أكثر من مصالح تونس وشعبها، وهو ما “يشكل تهديداً للأمن القومي لتونس” على حد ما جاء في بيان عدد من الأحزاب عقب تهنئة الغنوشي لحكومة السراج بعد سيطرته على موقع الوطية مؤخرا” طبقا لما نشره موقع (سكاي نيوزعربية)
وعقب زيارة الغنوشي لتركيا في يناير دعا الرحوي رئيس الجمهورية قيس سعيّد لمساءلته إذا لم يكن على علم بزيارته إلى تركيا بصفته رئيسا للنهضة، أو مساءلة مجلس نواب الشعب له أذا كانت الزيارة بصفته رئيسا له ، وأوضح الرحوي أن “هناك خلط واضح بين الصفتين، وهذا أمر تكرر ويمثل خطرا على المؤسسات والديمقراطية”، مذكرًا بان “الموقف التونسي الرسمي أعلن من خلال رئاسة الجمهورية بأن لا تموقع لتونس في سياسات” المحاور” ، وأشار النائب إلى أن “تركيا وقطر أحد المحاور في رحى حرب تفرض وتدق طبولها على الشقيقة ليبيا”، وأن “إعلان النهضة من خلال رئيس كتلتها بدعم حكومة الوفاق هو تخندق وانحياز ذو بعدين وهو انحياز سياسي لطرف تدعمه المنظمة العالمية للإخوان المسلمين وبسند ميداني للجماعات الإرهابية وهو كذلك خطر على الموقف الرسمي التونسي لجرها للمحور التركي القطري في إشارة لعلاقة النهضة بحركة الإخوان المسلمين عامة ورجب طيب اردوغان بصفة خاصة”.
فى يوم ٢٠ مايو الماضى كان الغنوشي على موعد مع هجوم جديد، حيث هاجمت أحزاب تونسية، راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسيه (الزراع السياسى لجماعة الاخوان المسلمين بتونس ) معتبرة أنّ تهنئته لرئيس حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، بعد سيطرته على قاعدة الوطية “تجاوزاً لمؤسسات الدولة، وسلطات الرئيس التونسي، ومحاولة لتوريط تونس، في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان وحلفائها
ودعت أحزاب (التيار الشعبي، والعمال، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الاشتراكي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، والقطب، وحركةالبعث ) الرئيس قيس سعيد إلى الرد على مواقف الغنوشي، وقالت في بيان نشرته (سكاي نيوز عربية) إنها “مواقف تصب في خانة الاتهامات الموجهة لتونس بتقديم الدعم اللوجستي لتركيا في عدوانها على ليبيا”.
ودعت تلك الأحزاب القوى والمنظمات الوطنية إلى “اتخاذ موقف حازم” تجاه الغنوشي وجماعته، الذين “يحاولون الزج بتونس في النزاع الليبي، وتوريطها مع الاحتلال التركي، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على تونس والمنطقة، كما أشار البيان إلى أنّ المكتب الإعلامي للبرلمان لم يورد أي بيان بخصوص فحوى الاتصال بين الغنوشي والسراج.
ولم يعلم الجميع بالأمر إلا عندما كشفت رئاسة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، في بيان، أنّ الغنوشي هنأ السراج في اتصال هاتفي، بسيطرة قوات الوفاق ومرتزقة تركيا على قاعدة الوطية الاستراتيجية على الحدود التونسية.
ورفضت الأحزاب تصرفات رئيس حركة النهضة باسم البرلمان في الخارج، معتبرين أنّ الغنوشي يهتم لمصلحة التنظيم العالمي للإخوان أكثر من مصالح تونس وشعبها، وهو ما “يشكل تهديداً للأمن القومي لتونس”.
وجددت الأحزاب “تضامنها مع الشعب الليبي في محنته”، مؤكدة احترامها لسيادة البلاد، ووقوفها معه “في مواجهة كل عدوان خارجي، وبعيداً عن أي اصطفاف وراء ما وصفته بمحاور الاقتتال الهمجي ونهب الثروات وتقسيم البلد”.
وكانت أحزاب تونسية قد ابدت اعتراضها على ما اعتبرته “تحركات واتصالات غامضة ومخالفة للقوانين” من قبل الغنوشي، واعتبروها اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية ووزير خارجيتها، وكان من بينها زيارته لتركيا في (يناير) الماضي، ومقابلته لرئيسها رجب طيب أردوغان، وكذلك اتصالاته بأعضاء جماعة الإخوان في ليبيا”.
واعتبر الكثير من السياسين ، كان ابرزهم( التيار الشعبي، والعمال، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الاشتراكي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، والقطب، وحركة البعث و النائب اليساري المنجي الرحوي والنائب فيصل التبيني وعضو شورى حركة النهضة التونسية نفسها زياد بومخلاء وكتلة الحزب الدستورى الحر) أن “اجتماع الغنوشي مع رئيس دولة أجنبية دون حضور الإعلام يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية والنظام الداخلي”.
كما أبدى جميع المحتجين استغرابهم من عدم “إعلام إدارة البرلمان أو مكتبه بزيارة رئيسه إلى تركيا، ولا باللقاء الذي جمعه بأردوغان”، معتبرين أن صفة الغنوشي الحزبية لا تنفي عنه صفته البرلمانية وأن كل تحركاته تُلزمه كرئيس للبرلمان التونسي”.
هذا وقد نفذت كتلة الحزب الدستوري الحر الليبرالى برئاسة السيدة عبير موسي اعتصاماً في البرلمان للمطالبة بإقالة الغنوشي ومساءلته قانونياً على الكثير من الأمور المرتبطة بتنظيم الإخوان العالمي والدول الراعية له، ومواقفه من الصراع في ليبيا
وأمام هذه الضغوطات، فالغنوشي في موقف صعب، – طبقا لما نشرته (سكاي نيوز عربية) بعد أن أصبح محاصراً بعدّة أزمات باتت تهدد وجوده على رأس البرلمان وحتى على رأس حركة النهضة ذاتها، فقد طالب أعضاء في حركة النهضة التونسية رئيسهم راشد الغنوشي بالتنحي عن رئاستها قبل نهاية العام الحالي، في مؤشر على تصاعد حالة الغضب الناجمة عن طموحات رئيس النهضة راشد الغنوشي الذي عمّر طويلا في قيادتها، ودعا الموقّعون على بيان صادر عن جبهة داخل الحركه اسمت نفسها “الوحدة والتجديد” ( طبقا لما نشرته أر تي العربية) إلى ضرورة عقد المؤتمر في آجاله القانونية، على ألاّ يتجاوز ذلك نهاية 2020، والحرص على ضمان التداول القيادي في حركة النهضة بما يسمح بتجديد نخبها وذلك وفق لمقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات في إطار تجديد عميق للحركة استجابة لمتطلّبات الواقع وحاجيات البلاد وهو ما يشير الى احتمالية حدوث انقسام داخل حركة النهضه نفسها فقد استقال من الحركه عضو شورى حركة النهضة التونسية نفسها زياد بومخلاء واخرين، وتنامى زخم المطالبه بمساءلته داخل البرلمان حول علاقاته الخارجية الغامضة وتخابره مع جهات أجنبية والنظر في سحب الثقة منه، من طرف العديد من النواب الذين انضموا إلى هذه المبادرة التي تقودها رئيسة الحزب الدستوري الحر السيده عبير موسى منهم نواب (اعضاء احزاب التيار الشعبي، والعمال، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الاشتراكي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، والقطب، وحركة البعث والنائب في البرلمان عن حزب تحيا تونس مبروك رشيد و النائب اليساري المنجي الرحوي والنائب فيصل التبيني واخرين ) .
هذا وقد تزايدت حدة الرفض التونسي فى كل اوساط الشعب التونسى مؤخراً تجاه التجاوزات التي يقوم بها رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في الفترة الأخيرة خدمةً للمشروع الإخواني في المنطقة فقد أطلق نشطاء وحقوقيون تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة شعبية للمطالبة باعفاء الغنوشي من رئاسة البرلمان التونسي ومساءلته في كل الاتهامات الموجهه اليه والتدقيق في مصادر ثروته الطائلة والتحقيق في كيفية جمعها.
وطبقا لـ ( ميدل إيست أون لاين) فقد وقع الآلاف من التونسيين على اللائحة التي حملت عنوان “لا لراشد الغنوشي على رأس البرلمان ” وجاء في نص الحملة الإلكترونية ، “نحن التونسيون رجالا ونساء نطلب من كل نائب نزيه ومن كل رجل وامرأة حر/ة أن يوقع على مطلبنا الراهن بإعفاء راشد الغنوشي من مهام رئاسة البرلمان، الوطن آمانة. عاشت تونس.
وفي مؤشر على تنامي السخط الشعبي تجاه الغنوشي وحزبه فقد حمله العديد من المواطنين هو وحزبه مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع البلاد من تدهور اقتصادي واحتقان اجتماعي، هذا وقد استند الكثير من المعارضين الى انه بات يشكل تهديداً للأمن القومي التونسي والمنطقه باثرها كما ورد فى العديد من الفيديوهات التى نشرها مواطنين تونسين على مواقع التواصل الاجتماعى وموقع يوتيوب
واستجابة لكل هذا الغضب الشعبى على الغنوشى وحزبه ،أعلن البرلمان التونسي، الجمعة الماضيه ، أنه سيعقد جلسة عامة في الثالث من يونيو المقبل، لمساءلة رئيس البرلمان راشد الغنوشي بشأن التدخلات في الأزمة الليبية، كما أوضح مكتب البرلمان، أنه ستتم مساءلة راشد الغنوشي بشأن اتصالاته الخارجية فيما يتعلق بليبيا، وحول الدبلوماسية التونسية،
من جانبه اختار الغنوشي اللجوء للتقاضي للرد على الحملات ضده، حيث قام يوم الاربعاء الماضى بتحريك عدد من القضايا في حق أشخاص ومؤسسات يدعى انها تعمدت نشر إشاعات وأكاذيب بحقه ، وحاول استعطاف الشعب التونسى بالكلمات الرنانه، ففى كلمته التى القاها لتهنئة الشعب التونسى بمناسبة عيد الفطر دعا مواطني بلاده إلى التضامن ورصّ الصفوف والتهدئة. وقال “نتجه إلى مرحلة أخرى هي مرحلة ما بعد كورونا، لذا ندعو الجميع إلى التضامن ورصّ الصفوف وندعو إلى التهدئة وندعو إلى التوافق”.
وأضاف أنه “بعد النجاح في الانتقال الديمقراطي والسياسي، علينا أن نتوجّه إلى المجتمع -وخاصة إلى الفئات الضعيفة والجهات المحرومة- لتحقيق التنمية المطلوبة، كماأشار إلى أن “الرهان يتمثل في نجاح التنمية كما نجحنا في السياسة، وأن ننجح في العدل الاجتماعي كما نجحنا في الحريّة .
مؤيدو الغنوشي ادعوا أن الحملة تهدف إلى الوقيعة بين البرلمان والرئاسة في تونس، وإثارة معارك جانبية بين الكتل رغبة في تفكيك مؤسسات الدولة، واضافوا انها محاولة للتغطية على الفشل في ليبيا !
فيما جاء رد الرئيس التونسى قيس سعيد خلال كلمة القاها لتهنئة الشعب التونسى بعيد الفطر المبارك ، نبه خلالها إلى أنه هو رئيس الجمهوريه وهناك من يتخطى صلاحياته ، ولكنه لم يتحدث عن الاجراءات التى سوف يتخذها مع من يتخطى هذه الصلاحيات؟! .
لم يقتصر قيس سعيد فى خطابه على توجيه اتهامه المبطن إلى راشد الغنوشى ، بل أن مراقبين رأوه تهديدا لكل القوى السياسيه المتواجده فى البرلمان وحتى خارج البرلمان عندما تطرق الى من يريدون العوده الى الوراء أي ماقبل ٢٠١١ فى اشاره الى السيده عبير موسى ومجموعتها، ومن يريدون النزول الى الشارع” مدعيا أنهم يسعون الى الفوضى وموجها كلامه إلى مجموعات الحراك التى تستعد لنزول الشارع والتظاهر.
ولكن جانب كبير من كلمة قيس سعيد كانت موجهة الى حزب النهضه عندما قال “الذين يظنون انهم يمتلكون الحقيقه” ، كما ركز جانب من الكلمة على الغنوشى واتصالاته الخارجية، مشددا على أن لتونس رئيس واحد فى العلاقات الداخليه والخارجيه وهو الوحيد الذى يمثلها”
ما ورد في كلمة قيس سعيد اعتبره البعض إشارة إلى تصرفات الغنوشي الأخيرة والتي اعتبرتها المعارضة تجاوزا لدوره وصلاحياته كرئيس للبرلمان وخلط بين هذا الدور وموقعه كرئيس لحركة النهضه.
ووسط حملة الانتقادات التي يواجهها الغنوشي والمأزق الذي خلقته تحركاته ، فإن مصيره سيظل معلقا حتى 3 يوليو انتظارا لنتيجة الجلسه التى سوف يعقدها البرلمان التونسى لنرى هل يبقى الغنوشى فى رئاسة البرلمان ام انه سيفقد موقعه؟