«لو بطلنا نحلم نموت».. زبيدة الصعيدي قصة سيدة حصلت على شهادة محو الأمية في سن 87 عامًا: حلمي كان الجلوس على مقعد الطلاب
كتبت- ليلى فريد وصحف
شغلت قصة السيدة زبيدة الصعيدي رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، بعدما استطاعت أن تخوض تجربة محور الأمية في سن الـ87 عامًا.
زبيدة التحقت بمحو الأمية ضمن مبادرة وزارة التضامن الاجتماعي “لا أمية مع تكافل” بعمر السابعة والثمانين، وجلست السيدة المسنة على مقعدها المخصص لأداء الامتحانات، وفي عقلها حلم النجاح، وتجاوز امتحان محو الأمية، واستكمال تعليمها.
تقول زبيدة، التي أصرت على تعليم أبنائها الـ8 وشقيقاتها، بعد وفاة والدها: “حلم حياتي كان استكمال تعليمهم. فعلت كل ما في وسعي حتى يكونوا ناجحين ومتفوقين، والآن حان دوري”.
وتضيف الجدة لـ 13 حفيدا وحفيدة في حديثها بحسب “سكاي نيوز عربية”: “كنت أقف خلف سور مدرسة أولادي، حتى أرى الباب مغلق، وأطمئن عليهم. لم يكن لدي أي شك أن تعليمهم سيفتح لهم أبواب الرزق والنجاح”.
وعن تأديتها لامتحانات محو الأمية، قالت:”أحلم بالحصول على الشهادة، فالتعليم عز ونجاح للنفس قبل أي شيء آخر، فمن علمني حرفا صرت له عبدا وهو ما يوضح أن العلم والمعلم لهم مكانة كبيرة في حياتنا”.
زبيدة انضمت إلى مبادرة “لا أمية مع تكافل” التي تنفذها وزارة التضامن الاجتماعي، لمحو أمية أسر برنامج “تكافل”.
وقالت: “والدي لم يحب تعليم الإناث، وكان يرى أن تعليمهم ليس له فائدة، غير أنني بعد وفاته كان لدي إصرار على تعليم أخوتي البنات، وعملت لسنوات طويلة حتى أرى ثمرة نجاحهن حاضرة بين الناس، لم أبخل في سبيل ذلك بأي شئ، وبفضل من الله تمكنّ جميعا من النجاح”.
تزوجت زبيدة وهي في الثامنة عشر من عمرها، وأنجبت، وأصرت على تعليم أولادها على الرغم من مشقة الحياة حينها، ففي سبيل ذلك عملت في التجارة والبيع والشراء، ووصل بها الحال لبيع بعض المنتجات البسيطة أمام مدرسة أولادها كي تتابعهم وخوفا عليهم من التسرب من التعليم.
وأضافت: “كنت أتمنى أن أتعلم، وحاولت كثيرا أن أقلّدهم وهم يكتبون واجباتهم المدرسية، ولكنني فشلت في تلك الفترة لأنه لم يكن لدي أي خبرة على الإطلاق، بجانب الأوقات الصعبة التي عشتها في سبيل توفير لهم نفقاتهم اليومية”.
في سبتمبر الماضي عرضت إحدى الميسرات المكلفات من وزارة التضامن الاجتماعي على “الحاجة زبيدة” التعلم في برنامج وزارة التضامن، فوافقت على الفور: “كان لدي الحماس الغائب منذ عشرات السنين، حينها أدركت أن عليّ تنفيذ تلك المهمة التي أجّلتها طويلا”.
وخوفا من ميسرة الفصل على صحتها وكبر سنها وتعرضها لأي أذى، عرضت عليها أن تأتي لمنزلها وتعلمها، غير أن رغبة السيدة المصرية كانت التعلم في الفصل: “حلمي كان الجلوس على مقعد الطلاب والتعلّم معهم”.
يقول الدكتور سمير الفقي، رئيس وحدة المعرفة والبحوث بوزارة التضامن الاجتماعي: “نعمل في 27 محافظة مصرية وبتوجيهات من وزيرة التضامن الاجتماعي، ونستهدف المسجلين على قواعد البيانات أو غير المسجلين بداية ممن أعمارهم تتجاوز الـ16 عاما، ونصل لمختلف القرى والنجوع مهما كانت بعيدة أو نائية”.
وتابع الفقي لـ”سكاي نيوز عربية”: “قررنا أن يكونوا المدرسين أو الميسرين من برنامج تكافل وكرامة لكي نزيد من دخلهم الشهري أو أن يقوم بذلك أبنائهم، وقبيل ذلك يتم عمل تدريبات لهم بالشراكة من هيئة تعليم الكبار”.
وعن الحاجة زبيدة، أشار وحدة المعرفة والبحوث بوزارة التضامن الاجتماعي إلى أنها “نموذج ملهم للجميع، حقّقت مثال أن كبر السن ليس عائقا أمام التعلم، لها منا جميعا كل تقدير على جهودها في سبيل تحقيق حلمها. فطالما كان هناك رغبة في التعلم فعلينا مساعدتها بكل الطرق”.
“عدد من الأفراد يقومون بمتابعة العملية التعليمية بداية من رئيس الوحدة ومدير الإدارة الاجتماعية وصولا حتى وزيرة التضامن الاجتماعي التي تولي أهمية كبرى لمحو أمية الأفراد من خلال الحملة، وهنا محو الأمية ليست للقراءة والكتابة فقط ولكن محو الأمية الرقمية أيضا”، حسب قوله.
وأضاف: “الأفراد هم من يحددون المكان والميعاد المناسب لهم، نحن مجرد أدوات تنفيذية لرغبتهم في التعلم، نصل إليهم ولا ننقلهم من أماكنهم، فرغبتنا هي راحتهم ومحو أميتهم”.