كراسات التحالف.. لماذا نرفض الموازنة العامة للدولة: المجد للطرق والكباري والاقتراض وتجميد الأجور وخفض دعم الفقراء
الكراسات: 10 أسباب لرفض مشروع الموازنة 2021.. كيف تأخد من الفقراء لتعطي الأغنياء؟
خلل في الضرائب: شركات القطاع الخاص تدفع 144 مليار جنيه.. والعمال والموظفين يدفعون أكثر من 90 مليار
5 مسارات للإنفاق و الإيرادات في الموازنة تعكس انحياز الحكومة الاجتماعي وانتمائها السياسي
التمويل بالديون: 43% من قيمة الموازنة اقتراض.. والفوائد والأقساط تريليون و172.6 مليار جنيه
انخفاض أهميته الإنفاق على التعليم من 12.7% إلى 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض بدلات الأطباء رغم كورونا
كتب- فارس فكري
“ليست موازنة بين أرقام وحسابات وإيرادات ومصروفات ولكنها موازنة خيارات سياسية واجتماعية تعكس انتماء الحكومة وانحيازها الاجتماعي”.. هكذا يقول الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني نائب رئيس حزب التحالف الشعبي في كراسة التاحالف رقم “6” تحت عنوان لماذا نرفض الموازنة العامة للدولة لعام 2021-2022؟.
وتكشف الكراسة التي أعدها نائب رئيس الحزب وصدرت أمس السبت عن انحيازات الحكومة في الموازنة للرأسمالية والأغنياء على حساب الفقراء من خلال 5 مسارات للإنفاق واللإيراردات في الموازنة هي التمويل بالديون، وألإنفاق على التعليم، والإنفاق على الصحة، وضرائب الدخل، والمصروفات والأجور والشراء، والدعم والاستثمارات.
والكراسة محاولة لتبسيط مفاهيم الموازنة العامة لتصل إلى كل أصحاب المصلحة من الطبقات الكادحة، وهي خطوة على طريق بناء البديل التنموي الذي يحقق العدالة الاجتماعية.
ووضعت الكراسة 10 أسباب لرفض حزب التحالف مشروع الموازنة المالية لعام 2021-2022، كان أهمها الانحياز للأغنياء ورجال الأعمال وفرض الضرائب غير المباشرة على الفقراء والطبقة المتوسطةن وتجميد الأجور وتخفيضها وخفض الدعم المخصص للفقراء وزيادته لرجال الأعمال والأغنياء، وتوجيه الاستثمارت نحو قطاع المباني والطرق والتشييد لمشروعات- لم يؤخذ فيها رأي المواطنين دافعي الضرائب- وليس لإنتاج السلع بالإضافة إلى تمويل الموازنة من خلال الديون الخارجية والداخلية ما يحمل الأجيال الحالية والقادمة مزيد من أعباء أقساط الديون وفوائدها التي تلتهم الميزانية.
وتستعرض الكراسة اختلالات الهيكل الضريبي وانحيازاته الواضحة من الاعتماد على الضرائب غير المباشرة وضرائب الأجور والمرتبات ثم يتعرض لتفاصيل بنود المصروفات وتطورها من أجور ومشتريات ودعم واستثمارات وكيف تم تقليص المخصص للأجور والدعم لصالح سداد الفوائد والأقساط والاستثمار في مشاريع كبرى لم يشارك أصحاب المصلحة في اختيارها.
وقال الميرغني في مقدمة الكراسة التي جاءت في 65 ورقة وتم نشرها على شبكة الإنترنت مجانا، إن الموازنة العامة للدولة تعكس حصرًا للنفقات الحكومية والإيرادات الحكومية المتوقعة خلال فترة زمنية مقبلة، عادة تكون سنة مالية.
وأضاف: الموازنة توضح أوجه الإنفاق المتوقع للعام المقبل في مجالات الصحة والتعليم والدفاع وغيرها وكذلك أوجه تدبير الإيرادات اللازمة لتغطية تلك النفقات. ليست مجرد موازنة بين إيرادات ومصروفات عامة للحكومة، بل هي موازنة بين خيارات سياسية واجتماعية تعكس انتماءات الحكومة الآنية والمستقبلية وانحيازها الاجتماعي،وتعكس الموازنة انحيازات السلطة الحاكمة حيث توضح الموازنة َممن ُتجبى الإيرادات وعلى َمن ُتنفق المصروفات.
مثال: لو كانت النسبة الأكبر من الإيرادات ُتجبى من الفقراء والنسبة الأكبر من المصروفات تخصص للطبقات الأكثر غنى، فهذا مؤشر لميل الحكومة للطبقات الغنية. والعكس صحيح إذا كانت تحصل الضرائب من الأغنياء وتخصص النسبة الأكبر للإنفاق على الخدمات العامة للفقراء، فهذا مؤشر لميل الحكومة للطبقات الفقيرة. عند َمنح المستثمر الأجنبي إعفاءات ضريبية في صناعات يمكن للمستثمر الوطني أن ينمو ويكبر فيها، فيشير ذلك لمناصرة الحكومة للشركات الأجنبية الكبرى وإهمال الصناعة الوطنية ولو اقترضت الحكومة لتزيد من إنفاقها الآني، فهذا يشير لإرضاء أو استرضاء الجيل الحالي على حساب الأجيال القادمة التي ستسدد القروض. حينما تقلل الحكومة من نسبة إنفاقها على المصروفات الجارية وتزيد من الإنفاق على الاستثمارات التنموية لتدر نفعًا عامًا في المستقبل (السد العالي كمثال)، فهذا يدل على رؤية مستقبلية وميل لتحفيز الجيل الحالي لصنع حياة أفضل للأجيال القادمة .كل هذه خيارات صعبة، وبالأخص مع قلة الإيرادات العامة والتي تقلص من حيز الحركة المتاح لصانع القرار، ولكن الأكيد أن لكل من هذه الخيارات كلفة ومكاسب تختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى، ولكنها في نهاية الأمر خيارات تعكس الانتماءات السياسية والوطنية والطبقية للسلطة الحاكمة.
التمويل بالديون
تحت عنوان التمويل بالديون قالت الكراسة: إن ديون مصر المحلية خلال سنوات حكم الرئيس السيسي زادت 2.6 تريليون جنيه، والديون الخارجية زادت 77.5 مليار دولار (1.2 ترليون جنيه على أسا سعر صرف الدولار اليوم 16.6 جنيه)، كذلك ارتفعت أعباء خدمة الديون إلى تريليون جنيه بما يشكل عبء على التنمية وعلى الاستقلال الاقتصادي وخضوعًا كامًلا لشروط المقرضين.
وأضافت الكراسة أن هناك فرق كبير بين الاستدانة لتمويل مشرعات إنتاجية ستدر عائدًا سريعًا يمكن منه سداد الديون وبين الاستدانة لتغطية الاحتياجات الاستهلاكية للطعام والدواء. أو الإنفاق على مشروعات الطرق والكباري والأنفاق والقطار المعلق، أو الإنفاق العقاري الذي يعد استثمارًا طويل الأجل وهو لا يسمح بتوفير أعباء خدمة الديون التي تجاوزت 1000 مليار جنيه. لذلك يصبح سداد الأقساط والفوائد عبئًا ثقيًلا على الاقتصاد المصري وقيدًا على الاستثمار في مختلف المجالات.
قيمة موازنة مصر للعام المالي القادم تبلغ حوالي 2.5 ترليون جنيه تمثل الضرائب والمنح والإيرادات الأخرى 55% من موارد الموازنة بينما يمثل الاقتراض وإصدار الأوراق المالية من أذون وسندات وغيرها 43% من قيمة الموازنة ، وبذلك يكون ما يقرب من نصف الموازنة الجديدة يمول بالديون المحلية والخارجية، ووفقا لمشروع الموازنة تبلغ فوائد الديون 579.6 مليار جنيه كما سيتم سداد أقساط ديون 593 مليار جنيه.
التعليم في الموازنة
تعقد الكراسة مقارنة بين الإنفاق على التعليم عام 2008 والموازنة الحالية، مؤكدة أنه رغم ارتفاع الإنفاق على التعليم من 31 مليار إلى 173 مليار جنيه إلى أنه في الحقيقة انخفضت أهميته نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من 12.7% إلى 9.4% في مشروع موازنة 2020\2021 .
وتستعرض الكراسة هيكل الإنفاق على التعليم في بيانات مشروع الموازنة، مشيرة إلى أنه رغم تراجع أهمية الإنفاق على الأجور والسلع والخدمات إلى أن أهمية الاستثمارت في بناء المدارس والجامعات ارتفعت من 11% إلى 23% ورغم ذلك لم تعالج أزمة كثافة الفصول التي تفاقمت من 43.8 تلميذ في الفصل عام 2011 إلى 55 تلميذا في الفصل العام الحالي.
الإنفاق على الصحة:
تكشف الكراسة عن إضافة وزير المالية لـ 166.8 مليار جنيه إلى مخصصات الصحة في الموازنة الجديدة لكي يستوفي الاستحقاق الدستوري في الإنفاق على الصحة، لكن لم يذكرهم في بيانات مشروع الموازنة، وبالتالي هناك أكثر من 166 مليار جنيه يتم إدارتهم خارج الموازنة ولا نعرف أي شيء عن تفاصيلها أين تصرف ومن أين يأتي تمويلها.
ونص الدستور المصرى فى المادة 18 “على حق المواطن فى الرعاية الصحية المتكاملة، وأن تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية”.
وكشفت الكراسة أن المخصص لبدل طبيعة العمل للأطباء لم يزد عن العام الماضي سوى 300 ألف جنيه ليصبح 97 مليون جنيه، وانخفض بدل العدوى والوقاية من الأشعة من 200.5 مليون إلى 189.6 مليون جنيه، كما انخفض بدل المهن الطبية 100 ألف جنيه في الموازنة الجديدة، كما ارتفعت مشتريات الأدوية لمواجهة كورونا 2.1 مليار جنيه.
ضرائب الدخل –الفقراء يدفعون أكثر-
تنقسم الإيرادات الضريبية 983 مليار جنيه في مشروع الموازنة إلى ضرائب مباشرة وهي الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية وتبلغ 370.3 مليار جنيه وهي تمثل 37.7% من الإيرادات الضريبية، وضرائب غير مباشرة والتي يتحملها الجميع بما فيهم الفقراء وتبلغ قيمتها في المشروع 612.7 مليار جنيه وهي التي تعمق الفقر وغياب العدالة.
وكشفت الكراسة عن الخلل في تحصيل الضرائب، مؤكدة أن شركات القطاع الخاص تدفع 144 مليار جنيه فقط، بينما يدفع العمال والموظفين أكثر من 90 مليار جنيه، وتبلغ ضرائب المهن غير التجارية أو المهن الحرة 4.8 مليار جنيه، وهم الأطباء والمهندسين والمحامين والفنانين ولاعبي الكرة وغيرهم، بينما يدفع أصحاب المنشآت الفردية والصغيرة 50 مليار جنيه.
وأضافت أنه وفقا للنظام الضريبي الحالي لا يدفع الضرائب إلا العمال والموظفون ونسب تحصيل ضرائبهم تفوق الموازنة، لكن باقي ضرائب الدخل يكون الحساب الختامي أقل من المستهدف في الموازنة.العمال والموظفون فقط لا يتهربون من الضرائب وليس لديهم إدارات مالية تقنن تهربهم وإعفاءهم الضريبي كما هو الحال مع الطبقة الرأسمالية.
المصروفات والأجور والشراء- تقشف وتجميد-
قالت الكراسة إنه رغم ارتفاع مخصصات الأجور والمصروفات والشراء إلا أن أهميتها بالنسبة إلى الناتج المحلي انخفض بنسب متفاوتة، مؤكدة أن الأجور في مشروع الموازنة تم تجميده، كما تم خفض المزايا والبدلات والمنح، مشيرة إلى أن الأجور في المحليات الزراعية والصحية انخفضت أو زادت بنسبة بسيطة جدا بما يعكس التفاوت الكبير بين الأجور في المحافظات والمحليات .
وأكدت أنه تم تخفيض شراء الخدمات الخاصة بصيانة الأجهزة والمباني والطرق والكباري والجسور مقارنة بالعام الماضي، كما أيضا تم تخفيض المخصص لتكاليف البحوث والتطوير وتدريب العاملين.
الدعم للأغنياء
تكشف الدراسة في هذا المسار عن خطة الحكومة لخفض الدعم المخصص للفقراء والطبقة المتوسطة تنفيذا لتوصيات البنك الدولي في حين تستمر في دعم الأغنياء ورجال الأعمال فرغم انخفاض الدعم الحقيقي المخصص للسلع التموينية، وانخفض دعم المواد البترولية وحتى دعم المزارعين انخفض من 733 مليونا إلى 664 مليون جنيه إلا أن دعم الصادرات تضاعف من 2.3 مليار جنيه إلى 4.2 مليار بالإضافة إلى دعم كورونا 3 مليارات جنيه وفي الموازنة الجديدة ارتفع إلى 18 مليار جنيه، وهوما يوازي تقريبا دعم المواد البترولية.
وتكشف الكراسة المثال الأبرز في اختلال الموازنة بالانحياز للأغنياء وهو دعم الكهرباء الذي رفع تماما عام 2020 إلا أن الزيادة في التعريفة أعلى على فئات الاستهلاك المنخفض، وأقل على الشرائح الأعلى في الاستهلاك ما يعكس الانحياز الواضح لصالح الأغنياء، بالإضافة إلى تثبيت أسعار الكهرباء للمصانع لمدة 5 سنوات ما يكلف الدولة 22 مليار جنيه.
وقالت الكراسة بعد عرض أهم مسارات الإنفاق الحكومي في الموازنة إن اهتمام الحزب التحالف الشعبي بالموازنة يأتي لأنها البوصلة التي تقيس انحيازات السياسات المالية، من الذي سيتحمل الضرائب والأعباء؟ ومن الذي يحصد الإعفاءات والمزايا؟ وأي طبقات تتحمل التكلفة الأعلى ولمصلحة من تصب الموازنة وانحيازاتها؟.
وقالت الكراسة إنه بعد التعرف على أبرز معالم انحيازات السياسة المالية والموازنة العامة الجديدة لصالح الطبقة الرأسمالية المهيمنة على حساب الطبقات الكادحة.فإننا نرفض مشروع موازنة مصر 2021/2022 للأسباب الآتية
-رغم كل السياسات التقشفية بهدف تخفيض عجز الموازنة فإن العجز يتزايد بما يعكس أن السياسات المالية المتبعة وخاصة التوسع في الاستدانة المنفلته منذ 2015 لم تؤدى إلى حل مشكلة العجز.
-الاقتراض وإصدار الأوراق المالية من أذون وسندات وغيرها يمثل 43.4% من موارد الموانة الجديدة وهو عبء يتزايد عامًا بعد الآخر نتيجة السياسة المالية المتبعة.
– سداد الفوائد وأقساط القروض يمثل 47.6 % من إجمالي الاستخدامات و63.8 %من إجمالي المصروفات.
-رغم التوسع في الاستدانة فإن غالبية القروض يتم توجيهها لمشروعات استهلاكية أو عقارية أو تشييدات في الطرق والكباري وليس لتمويل مشروعات إنتاجية مما يضيف أعباًء مستمرة دون توافر مصادر للسداد إضافة إلى أن تضخم الديون يشكل عبئًا على الجيل الحالي والأجيال القادمة.
-تعتمد الموازنة على الضرائب غير المباشرة والتي يتوجه عبؤها للطبقات الكادحة أكثر بينما الاعتماد الأقل على ضرائب الدخل المباشرة.
-العمال والموظفون هم أكثر الفئات التزامًا بسداد المستحقات الضريبية بينم كل الفئات الأخري من الطبقة الحاكمة على اختلاف وظائفهم لا يسددون ضرائب تتناسب مع أرابحهم ومكاسبهم بما يعكس غياب العدالة الضريبية والحاجة لإصلاح شامل للنظام الضريبي وفرض ضرائب تصاعدية على الدخل وضرائب على الثروة.
-يوجد شبه تجميد للأجور والمرتبات في الدولة إضافة إلى وقف التعيينات والاتجاه لتقليص عدد العاملين في الدولة.
-الزيادة النقدية في مخصصات الدعم لا تعكس زيادة حقيقية لصالح الكادحين بل يوجد المزيد من الدعم لقطاعات المقاولات والسياحة والمصدرين بينما لم تحصل العمالة غير النظامية إلا على النذر اليسير وحرم غالبية العاملين بالقطاع من الاستفادة بالإعانة.
-رغم زيادة الاستثمارات بشكل ملموس إلا أنها موجهة في غالبيتها لمشروعات الطرق والكباري والمباني الإدارية ولا يتم توجيهها للاستثمار في القطاعات السلعية بما يضمن توفير دخل حقيقي يسدد عنه ضرائب ويوفر فرص عمل.
-مجمل توجهات وانحيازات الموازنة العامة الجديدة لصالح الطبقة الرأسمالية بينما غالبية الأعباء تتحملها الطبقات الكادحة والفقراء ومحدودو الدخل.