كارم يحيى يكتب: مع مباراة نهائي كأس العرب.. تذكروا الشاب المصري ” عز منير”
تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي خلال أيام بطولة كأس العرب لكرة القدم بقطر صورا وفيديوهات للاعبين ومشجعين رفعوا أعلام فلسطين في المدرجات وفوق البساط الأخضر. كما كان لافتا كم التدوينات بهذا الشأن. ولأن مباراة النهائي أصبحت بين فريقي الجزائر وتونس ـ وهما على الأرجح في المقدمة لاعبين وجمهورا في المبادرة إلى رفع علم فلسطين ـ فكيف لا نتذكر المصري ” عز منير خضر”؟.
هذا الشاب البالغ اليوم نحو 21 سنة دفع ما يزيد على التسعة أشهر من عمره في الحبس لمجرد مبادرته برفع علم فلسطين يوم 19 نوفمبر 2019 في مدرجات إستاد القاهرة الدولي خلال مباراة الفريق الأوليمبي المصري مع نظيره الجنوب أفريقي في الدور نصف النهائي من بطولة كأس الأمم الأفريقية للشباب تحت 23 سنة ، فرددت جنبات الإستاد هتاف عشرات الألوف من الجماهير المصرية :” بالروح بالدم نفديك يافلسطين”. وفي ذلك كشف لبعد المسافة وحدة الخصام بين حقيقة موقف الشعوب وبين السياسات الرسمية في قصور الحكم والسفارات وعند أجهزة الأمن والمخابرات.
ولطالما كان لجمهور كرة القدم العربي تعبيراته المعارضة لنظم الحكم التسلطية في ظل القمع وضيق هامش حرية التعبير وتجريم السياسة. والأشقاء التونسيون أنفسهم الذين عاصروا سنوات الجمر قبل ثورة 17 ديسمبر / 14 جانفي ( يناير) يتذكرون كيف بدأ مشجعو كرة القدم في مدرجات الملاعب قبل اندلاع الثورة بسنوات بالهتاف ضد بن على وعائلته المتنفذة وأقارب زوجته ليلي الطرابلسي.
وإلى اليوم اتضح أنه وخلال أحلك أعوام القمع والمرتبط في عديد من المجتمعات العربية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني تستطيع جماهير كرة القدم في المدرجات ابتكار تعبيرات الرفض والاحتجاج إزاء السلطة المستبدة الباطشة ، ولو بلغة الإشارة والرموز ، وسواء أكانت هذه الجماهير منظمة في روابط ” ألتراس” أو بدونها متحدية ملاحقة هذه الروابط ومطاردتها. وحتى الآن وعلى بعد نحو عقد كامل من مجزرة إستاد بورسعيد ثمة اتفاق ضمني وعقد غير مكتوب بين جماهير الكرة المصرية كي تعلن وفاءها للشهداء بإضاءة هواتفها المحمولة وتحريكها في لوحات احتجاج مذهلة مع الدقيقة الثانية والسبعين من المباريات، و بعدد شهداء بورسعيد. وعلى أي حال ، فإن تجليات مناهضة التطبيع تلمع أضواؤها في العديد من الرياضات والمجالات. وليس أولها ولن يكون آخرها موقف لاعب الجودو الجزائري “فتحي نورين “صيف هذا العام.
“عز مصر” حيث ضرب التطبيع الرسمي أول عاصمة عربية كان عمره عندما رفع علم فلسطين في إستاد القاهرة الدولي 19 سنة. وهو على هذا النحو من جيل لم يعاصر زيارة السادات للقدس نوفمبر 1976 وما تلاها من كامب ديفيد ومعاهدة صلح 78 و1979. شاب مصري لاهو زعيم سياسي أو نجم مشهور جاء من حي شبرا بالقاهرة. يدرس اللغة العبرية في جامعة عين شمس. وتحفظ شبكة الإنترنت كيف انقض رجال الأمن لانتزاع العلم من يده و تكميم فمه ليمنعوه من الاستمرار في الجهر بكلمة فلسطين.
يستحق “عز منير خضر ” اليوم أن نتذكره في المباراة النهائية بكأس العرب، ومعه كل ” عز” في دولة عربية تقهر وتمنع تضامن مواطنيها مع الشعب والحق الفلسطيني ، وخصوصا أن حبل تطبيع الأنظمة أصبح على الجرار