كارم يحيى يكتب: مأساة ماسبيرو وأهل ماسبيرو.. لماذا وماذا بعد ؟

بعد رحيل “حسنى مبارك” في فبراير قبل 11 عاما، علم المصريون بانتفاضة وعي ومهنية وضمير في مبنى ” ماسبيرو” ( اتحاد الإذاعة والتلفزيون حينها). وخرج أهل ماسبيرو إلى المجتمع محاولين فتح صفحة جديدة، بعدما عرفت موجات أثير إذاعاته و شاشات تلفزيوناته واحدة من أسوأ فصول الكذب والتضليل واللامهنية والتحيز ضد المواطنين مع مجريات ثورة يناير 2011. وحينها كان لنا كزملاء مهنة الصحافة والإعلام أن نتابع باهتمام تحركات مجموعات من أهل ماسبيرو من أجل التغيير، بما في ذلك وقفات احتجاجية ومشروعات قوانين ومواثيق مكتوبة تأخذ بتجارب العمل المهني المستقل في كبرى مؤسسات الإذاعة والتلفزيون في المجتمعات المتقدمة.


لكن للأسف لم يصل التغيير إلى غايته. وباستثناء جزر معزولة نادرة من برنامج هنا او هناك على هامش ماسبيرو سرعان ما تم إغلاق كافة نوافذ الحرية والمهنية مع قضية وجدل تيران وصنافير عام 2016. و بقي الحال على ماهو عليه “وعادت ريما لكل عاداتها السيئة القديمة”. وثمة من يرى ويقول أن ” ريما ماسبيرو” عادت فأصبحت أسوأ. وبالقطع اتضح أن ” الأسوأ ” مع تغطية مجريات ثورة يناير 2011 لم يكن الأخير . بل أن هناك ” الأسوأ من الأسوأ” حل تاليا. وهذا مع المزيد من الخسائر المالية والاقتصادية، ناهيك عن المعنوية المتعلقة بسمعة “ماسبيرو”.
*
موجة الاحتجاجات الأخيرة بين أهل ماسبيرو مع وقفات البهو الرئيسي بمبناه الشهير على كورنيش النيل يؤرخ لها بمطلع يناير 2022. وماسبيرو وأهل ماسبيرو أزمتهم عميقة ممتدة. وفي الأسباب المباشرة لانفجار الاحتجاجات يمكن أن نذكر بدء تطبيق نظام حضور وانصراف على العاملين ببصمة الوجه. ويبدو أنه مشابه لما سبق تطبيقه في مؤسسات إعلامية صحفية أخرى كـ ” الأهرام ” مع الاستعانة بالبوابات الالكترونية وبطاقات ممغنط. وقد عاينته كصحفي هناك منذ نحو خمس سنوات. وكل هذا مع عدم أخذ آراء العاملين بالأمكنة بمثابة مظاهر وأدوات ” ضبط وسيطرة ” بمفهوم المفكر الفرنسي التقدمي ” ميشيل فوكو” عن “المراقبة”. وفي ذلك وغيره ما يتسق مع ما تعانيه مصر من علاقة السلطة بالمجتمع مع الانقضاض على ثورة 25 يناير ومحو آثار زخمها ومكتسباتها في الفضاءات العامة، وتلك المخصصة للعمل المغلقة في مختلف المؤسسات المصالح.
وعلى ذكر الأسباب المباشرة لغضب أهل ماسبيرو ومع استكمال نظرية “فوكو” بالمعاقبة إلى جانب المراقبة، فبحلول الأول من يناير 2022 جاء أيضا موعد تطبيق لائحة جزاءات على العاملين “الماسبيريين” أشد قسوة وانتهاكا للحقوق في مواجهة سلطة الإدارة. هذه المسماة بـ ” لائحة العاملين في الإذاعة والتلفزيون بالهيئة الوطنية للإعلام”، والتي تشكلت بدورها ضمن ثلاث هياكل للسيطرة والهيمنة على مجمل الإعلام في مصر بحلول عام 2017. ووفق المطلعين على هذه اللائحة فإنها تشتمل على حالات ومسببات فصل من العمل يصفها ” مسبيريون” بأنها ” مرعبة”.
وثمة هنا سبب مباشر ثالث يطفو في المعالجات الإعلامية النادرة المحدودة لاحتجاجات أهل ماسبيرو المحاصرة في الصحافة والتلفزيونات الحكومية والمسماة بالخاصة ( وأغلبها كما هو معلوم أصبحت تحت سيطرة شركات احتكارية تابعة لأجهزة المخابرات). وهذا السبب الثالث الأكثر شهرة بفضل صفحات التواصل الاجتماعي بالأساس هو مطالبة العاملين بعلاوات دورية وعلاوات غلاء متأخر صرفها منذ عام 2018 ، فضلا عن حوافز وبدلات عمل وحقوق مالية أخرى لسواد “المسبيرويين”. وثمة هنا تقديرات متداولة عن متأخرات تتراوح في المتوسط بين 15 و 28 ألفا لكل ” ماسبيري” على حدة. علما بأن السيد “حسين زين” رئيس الهيئة الوطنية للإعلام المعين من الرئيس “عبد الفتاح السيسي” قد صرح في برنامج ” التاسعة ” بالقناة الأولى مع انفجار الاحتجاجات بأنه يحتاج إلى 750 مليون جنيه على الأقل لتلبية مطالب العاملين المالية. وهذا فيما تم الإعلان عن أن وزارة المالية في سياق الأزمة منحت ” ماسبيرو” نحو 60 مليونا فقط، ومنها 30 مليونا كقرض يسدد من ميزانية العام المقبل .
و وفق التصريحات الرسمية المتاحة، فإن الرقم الأكثر تداولا بشأن ديون “ماسبيرو” هو 42 مليار جنيه وجانب منها فوائد متراكمة لدى بنك الاستثمار القومي . وفي كل الأحوال، فإن ما لا يصرح به هو أن معظم هذه الديون قد يعود إلى قرارات سلطوية فوقية منذ عشرات السنين مع إدارات أدمنت الفشل في غياب مناخ الحرية والرشادة منذ عهد وزير إعلام مبارك الأشهر ضابط المخابرات والعسكري “صفوت الشريف” . ومن بينها التوسعات الكبرى التي لاتخلو من مظهرية ” الريادة المصرية المباركية ” مع منتصف التسعينيات كمدينة الانتاج الإعلامي و شركة “النيل سات” وغيرها. ولعل مما فاقم الخسائر لاحقا انتزاع وشبه احتكار شركات خاصة وأخرى مملوكة لجهاز المخابرات أو بالشراكة بين هذا وذاك ” للقمة ” انتاج الدراما التلفزيونية المصرية.
ولاستكمال حديث الأرقام، فإن إجمالي عدد العاملين بماسبيرو يقدر حاليا بنحو 32 ألفا وفق السيد / حسين زين في يناير 2022 ( راجع موقع جريدة “الوطن” تحت عنوان: عشرين تصريحا لرئيس الوطنية للإعلام منشور بتاريخ 9 يناير) ، فيما كانت التقديرات المتداولة بعد ثورة يناير 2011 تتجاوز الأربعين ألفا. وهو ما يجعل من ” ماسبيرو” ـ على رغم الانخفاض الحاد في أعداد العاملين بفضل سياسات التوقف عن التعيينات الجديدة والحد منها ـ التركز الأعلى لعدد العاملين في مؤسسات الإعلام بمصر وربما في العالم العربي. و هذا خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار توفر إحصاء نادر منشور في عام 2012 عن إجمالي أعداد العاملين في مؤسسات الصحف القومية المملوكة للدولة في مصر بنحو 24 ألفا، بينهم نحو عشرة آلاف في مؤسسة ” الأهرام ” وحدها ( التقرير النهائي للجنة المشتركة من لجنة الثقافة والإعلام والسياحة وهيئات مكاتب كل من لجان الشئون الدستورية، والشئون المالية والاقتصادية، وتنمية القوى البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشورى عن موضوع معايير وضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية لدورة جديدة واستيضاح كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه المؤسسات بما يكفل استقلالها، ص 23).
وفي سياق ملاحظة الانخفاض الحاد في أعداد العاملين خلال نحو عشر سنوات، فقد أضفى كثافة المحالين حديثا إلى المعاش من أهل ماسبيرو على الحركة الاحتجاجية زخما لافتا منذ بدايتها. وهذا عندما التقي أصحاب المعاشات القادمين من خارج المبنى للمطالبة بحقوقهم في مكافأة نهاية الخدمة و رصيد الإجازات المتأخر سدادها على جانبي ضفتي بوابات وماكينات الحضور والانصراف مع زملائهم الأحدث والأصغر سنا في وقفاتهم بالداخل . وثمة هنا من مسببات الشكوى لأصحاب المعاشات ما يتعلق بفساد صناديق العاملين وتأخير دفع المستحقات وهضم مبالغ منها، وكما هو الحال مؤخرا في مؤسسات صحفية قومية كما عاينت في تجربة شخصية مع ” الأهرام” إثر بلوغ الستين.
لكن من مفارقات ماسبيرو كغيره من المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة لسلطة الدولة في مصر أن سياسة الانكماش في التعيينات والضن بحقوق العاملين و المحالين على المعاش يناقضها مظاهرة مضادة. وهذا من قبيل ما يلاحظه بعض ” الماسبيرويين” بشأن استحداث وظائف جديدة غريبة الطابع على المجال الإعلامي كـ ” مساعد مذيع “. و يتردد أن بعض هؤلاء المساعدين من المحظوظين منهم مايتحصل على 15 ألف جنيه في الحلقة الواحدة. وهناك أيضا بين المظاهر المضادة للقتشف وانكماش التعيينات إبرام عقود عمل للمحاسيب المحظوظين من أصحاب الواسطة. وهذا علاوة على ما هو ظاهر للمشاهدين أمام الشاشات من الاستعانة بإعلاميين من خارج ماسبيرو، يجرى اغداق عشرات الألوف من الجنيهات عليهم في الحلقة الواحدة، وليس لهم من كرامات كفاءة ظاهرة إلا مداهنة السلطة وأهلها ونفاقهم الممجوج.

*
على أن معاناة أهل ماسبيرو لا تتعلق فقط بالحقوق المالية والاقتصادية عاملين ومحالين على المعاش. وهنا يضاف إلى المنافسة التي أصبحت غير متكافئة مع “بزنيس” المخابرات والشراكة مع إعلام رجال الأعمال المحاسيب تعبيرات خافتة لكنها مؤلمة تسمعها من المحتجين عن تهالك الأجهزة وتقادم التكنولوجيا وغياب الصيانة لما هو متوافرة. وهذا على نحو جعل هذا الصرح العملاق الذي كان من المفاخر المظهرية/ الواجهة الفاترينة ” القومية العملاقة” لنظام ” يوليو ” العسكري منذ بداية الستينيات ( افتتاح المبنى وإنطلاق ارسال التلفزيون العربي في 21 يوليو 1960) خارج المنافسة اليوم مع أستديوهات في دول عربية أخرى، وحتى محليا داخل مصر. بل لقد استمعت إلى شكاوى يخجل لها المرء عن بيئة عمل مادية غير ملائمة كالمقاعد المكسورة والديكورات المتهالكة في الأستوديوهات، فضلا عن دورات المياه التي أصبحت في غالبها بحالة مذرية مع تدنى خدمات النظافة في هذا المبنى التاريخي .
وإذا أضفنا ما لاحظه “الماسبيريون” المحتجون في العامين الأخيرين من وقائع على الأرض تغذي ” شائعات ” أو ” توقعات” بيع المباني و الأرض استكمالا لمسلسل تغيير عمران منطقة مثلث ماسبيرو وحي بولاق الشعبي إجمالا باتجاه النزول إلى أسواق المضاربات العقارية لحساب أثرياء الخليج وفي الداخل. وهنا تحديدا يأتى ذكر إزالة الجراج الذي كان قائما على خدمة العاملين في المبنى، و كذا حضانة رعاية أبنائهم . ومن يتجول في الحيز الجغرافي لماسبيرو ـ وكان يألف المكان من قبل ـ سيصدمه إغلاق مساحات كبرى كانت من حرم المبنى. ناهيك عن إغلاق الشارع الواصل بين ماسبيرو وميدان عبد المنعم رياض وشغلها بأعمال مقاولات مستحدثة.
ويبدو أن هكذا شائعات أو معلومات لن تتوقف مع تصريحات النفي الرسمية لبيع المبنى سواء من السيد/ حسين زين أو المتحدث باسم مجلس الوزراء، وكما هو وارد على سبيل المثال في (موقع جريدة ” المصري اليوم” بتاريخ 3 يوليو 2021 تحت عنوان : الوطنية للإعلام تكشف حقيقة بيع ماسبيرو). وهذا في ظل مايجرى من بيع هنا وهناك لأصول عقارية وسيادية معتبرة في البلد بالمجمل ومع حمى الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
*
من المفترض أن لكل حركة احتجاج وثائقها التي تشير إلى الحد الأدنى لاتفاق المشاركين فيها على مطالبهم. وفي ظل الحصار الإعلامي وحتى كتابة هذا المقال لم يتوافر أمامنا إلا ما نشرته صفحة التواصل الاجتماعي للمحاسب السيد/ خالد السبكي رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالقطاع الاقتصادي بماسبيرو. وهو يتمثل في قائمة مطالب من 20 نقطة. وصحيح أنه يغلب عليها تلك المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والمالية، وقد أشرنا الى العديد منها في السابق. ويمكن أن نضيف إليها “تفعيل لائحة أجور موحدة”. ناهيك عن مطالب إدارية تتعلق بعلاقات العمل كتعديل لوائح الموارد البشرية والجزاءات الإدارية التأديبية.
وثمة مطالب أخرى تتعلق بترشيد الإدارة كإعادة تشغيل قطاع الانتاج الدرامي وصوت القاهرة بعودة ( أستوديو 10 ) للعمل، وكذا عودة أستوديوهات المقطم للانتاج الدرامي والبرامجي. وأيضا هناك مطالب تتعلق بمكافحة الفساد كإلغاء كافة العقود المبرمة بين الهيئة الوطنية للإعلام وشركات المتحدة للخدمات الإعلامية وإعلام المصريين و”واتش ات” المملوكة للمخابرات العامة مع الحفاظ على حقوق الهيئة. وأيضا تشكيل لجنة من أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة المالية وجهاز الكسب غير المشروع لفحص كافة التصرفات المالية والعقود المبرمة بين الهيئة وكافة الشركات الإعلامية والقنوات وشركات الخدمات وحصر كافة الانحرافات المالية.. وهكذا.
ومن صفحات ” حراك ماسبيرو” يمكن اكتشاف التوجه إلى إضافة المزيد من المطالب لرفعها قريبا إلى كل من رئيس الجمهورية ووزير المالية ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام ” حسين زين”. وهذا على الرغم من أن موجة الاحتجاجات الأخيرة لم تخل من صدام وشعارات مناهضة لـ ” زين ” نفسه. كما يلفت النظر من بين المطالب العشرين التي نشرها السيد / السبكي ما ينفر منه مبدئيا كل ذي حس ديمقراطي مثل مطلب: ” عودة وزارة الإعلام بكامل صلاحياتها للإشراف على كل المجالس والهيئات الإعلامية الثلاثة ( المقصود المجلس الأعلى للإعلام و الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة !) وتعيين وزير إعلام ذي خلفية عسكرية إدارية وقانونية”. ومن الواضح خلال النقاشات مع بعض “الماسبيرويين” المحتجين استدعائهم لحنين ما ( نوستالوجيا) لفترة اللواء ” طارق المهدي” ( من القوات المسلحة) بين فبراير وأغسطس 2011. وهذا حتى إن هناك مطالبات في الظل بينهم بإعادته إلى ماسبيرو. وهو حنين في رأيي يخلط بين طبيعة الفترة وما صحبها عموما من انفتاح في الحقوق والحريات في اعقاب الثورة وقبل انكسارها ، ويعود الفضل فيه بالأساس الى الزخم الشعبي حينها .
*
بعد مايزيد على الخمسين يوما من بدء موجة الاحتجاجات الأخيرة لأهل ماسبيرو يتوقف المتابع حول عدد من الاسئلة والملاحظات. ولعل في مقدمتها:
ـ هل أنهكت كثرة الوقفات الاحتجاجية وتواليها بكثافة “الماسبيرويين” المحتجين فأخذت اعدادهم في الانخفاض أو التأرجح بين الزخم والانحسار؟. وهل يعجزون عن تطوير الوقفات إلى اعتصام كما لوح عدد من بينهم مؤخرا؟
ـ وهل هذه الموجة من الاحتجاجات بسبيلها إلى الانحسار الآن مع أنباء مؤكدة عن إجراءات قمعية إدارية ضد عدد من المحتجين، وآخرها يوم 21 فبراير 2022 بإيقاف ثلاثة “ماسبيرويين” عن العمل ومنع دخولهم المبنى، وبينهم النقابي السيد / خالد السبكي . وقد سبق هذا التطور بأيام عشرات من ” الماسبيرويين” إلى التحقيقات الإدارية، فضلا عن نقل 250 إلى النيابة العامة ( ولا أعرف أتم ذلك برغبتهم أم دونها).
ـ لماذا لم تفرز احتجاجات مستمرة على هذا النحو تنظيمات نقابية موازية من بين صفوف المحتجين أنفسهم كي تقود الحركة وتطورها، وتعويضا عن الغياب المزمن أو الحضور الانتهازي والمنقلب للنقابات الرسمية الصفراء داخل ماسبيرو وقيادتها؟.
ـ من المفهوم أن يحرص “المسبيرويون ” المحتجون على عدم التصعيد باتجاه رأس الدولة. وهو حرص الجأهم إلى هتافات في البهو الرئيسي مستنجدة بالرئيس “السيسي” ورافعة لشعارات ” تحيا مصر”. لكن “الحرية” أو تحرير المحتوى و العمل الإعلامي مع التزامه بالمهنية في التعامل مع المجتمع والسلطة يظل هو المفتاح الأهم والكبير في حل أزمة ” ماسبيرو”بأبعادها الاقتصادية المالية . وهذا هو المطلب الغائب يقينا في خطاب المحتجين المتوافر أمامنا على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تحققنا من هذا الغياب اللافت بما تلقيناه من إجابات على تساؤلاتنا بهذا الشأن.
وأظن كصحفي ممارس بدوري أنه لا أمل في ماسبيرو وأحوال ماسبيرو وأهلها بدون العثور علي هذا المفتاح الضائع أو المضيع و الحديث عنه بصراحة وإظهاره للمجتمع. وبالقطع فإن غياب مطلب الحرية وفي جوهره الانتقال من الإعلام الحكومي السلطوي إلى إعلام عمومي عينه على الجمهور / المواطنين وليس الحاكم غريب ويدعو للقلق والأسى.
وأعرف أن السياق العام في مصر معاكس. كما يمكنني أن أقارن مع ما يتمتع به زملاء “للماسبيرويين” في تونس مثلا من نقابات حقيقية وخبرات تنظيم الاضرابات في أماكن العمل بالإذاعة والتلفزة المملولكين للددولة وفرص الإعلان عن مشكلاتهم ومطالبهم على الأثير و الشاشات التي يعملون خلفها، بما في ذلك تصدر أخبار نشرات الأخبار. وهذا في حين يظل أهل ماسبيرو مجريدن ومحرومين من كل أدوات ادارة الصراع والتفاوض هذه.
… لكن ويقينا بغياب الحرية والمهنية لا أمل في العبور إلى ما يتجاوز بضع حلول وقتية تكررت في السابق. وهي ليست إلا بمثابة مسكنات وقتية لصداع مزمن وداء عضال. فماسبيرو ليس مصنع لألواح ثلج تحفظ وتجمد أوضاعا بائسة في الدولة والمجتمع. كما أن ماسبيرو ليس مخبزا لانتاج أرغفة عيش تشغل بطونا خاوية جائعة. فحتى صناعة ” الثلج ” و” الخبز” في المجتمعات كافة على صلة بالحرية، فمابالنا بالإعلام ياأهل ماسبيرو.
مع التمنيات لكم بالسلامة والتوفيق .
في 22 فبراير 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *