كارم يحيى يكتب: إدارة “الاهرام “تمحو تاريخ توفيق الحكيم المحترم لحساب مكرم محمد قائد “تصحيح المسار”

قامت إدارة مؤسسة ” الأهرام ” برئاسة “عبد المحسن سلامة” قبل أيام بتغيير تسمية قاعة المفكر و الأديب الكبير “توفيق الحكيم” رائد المسرح المصري بالدور الخامس في المبني القديم إلى قاعة “مكرم محمد أحمد” قائد مايسمى بـ جبهة تصحيح المسار النقابي “، والتي وقفت مع عدوان البوليس على مقر نقابة الصحفيين واقتحامه في الأول من مايو 2016. ويقول عاملون في “الأهرام” أن هذا التغيير، الذي وصفوه بالصادم والمفاجئ وغير المسبوق في تاريخ مبنى الجريدة، بمثابة رد جميل من سلامة إلى من رشحه لدى السلطات لتولى منصبه في المؤسسة قبل نحو خمس سنوات.

وحملت القاعة ( قاعة اجتماعات شهيرة وفريدة من نوعها ) اسم توفيق الحكيم (1898 ـ 1987) منذ عقود وبعد وفاته،و التي تتجاوز سمعته مصر إلى العالم العربي والآداب العالمية، وبوصفه أيضا رائد التأليف باللغة العربية للمسرح المصري والعربي . وللحكيم صاحب مسرحية ” أهل الكهف” ورواية ” عودة الروح “1933 و” يوميات نائب في الأرياف” 1937 إسهاماته المقدرة على صحفات “الأهرام” لأكثر من نصف قرن بين مقالات فكرية وسياسية وأعمال أدبية. كما ظل حتى وفاته يلعب دورا لافتا في قيادة وإدارة حوارات بين كتابه ومثقفيه ومن خارجه ممن يوصفون بأعلام التاريخ الثقافي لمصر و”الأهرام” .
وتقع قاعة توفيق الحكيم في المبنى ذاته الذي ضم مكتبه ببرج الطابق السادس. وشهد المكتب توقيع نحو مائة مثقف ، من بينهم لويس عوض و نجيب محفوظ ويوسف إدريس ـ على بيان يناير 1973 الذي طالب بالحريات وتضامن مع حركة طلاب الجامعات في مواجهة سلطة الرئيس ” أنور السادات”. وهو البيان الذي بادر به وصاغه الحكيم . إلا أن مكتب توفيق الحكيم بـ”الأهرام” كغيره من أعلام الأدب والثقافة والفن في مصر القرن العشرين سرعان ما شغله محررون . ولم تتنبه إدارات المؤسسة المتعاقبة لمطالبات بتحويل هذه المكاتب إلى متاحف تذكارية تحفظ تاريخ هؤلاء الرواد في الجريدة ومعها.



و جاءت تعيينات السلطة السياسية الأمنية في مايو 2017 لرؤساء إدارة وتحرير الصحف المملوكة للدولة في مصر المسماة بـ “القومية” بمثابة مكافأة للصحفيين الذين طعنوا النقابة في الظهر، وخالفوا قرارات اجتماع أعضاء الجمعية العمومية 4 مايو 2016 احتجاجا على اقتحام مقرها. وكان هؤلاء المعينون قد شاركوا خلال الأزمة في فعاليات ما يسمى بـ” جبهة تصحيح مسار العمل النقابي ” بقيادة مكرم والموالية للسلطة السياسية الأمنية ضد نقابتهم. وهكذا جلبت تعيينات مايو 2017، إلى جانب مكرم محمد أحمد ( 1935 ـ 2021) رئيسا للمجلس الأعلى للإعلام ، بخمسة من بين عناصر هذه الجبهة إلى مواقع القيادة في إدارة وتحرير مؤسسات وصحف قومية مملوكة للدولة. وهم : النقيب حينها ” عبد المحسن سلامة” رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة ” الأهرام” و ” علاء ثابت” رئيسا لتحرير ” الأهرام” اليومية و”محمد شبانة” رئيسا لتحرير مجلة ” الأهرام الرياضي” و “خالد ميري” رئيسا لتحرير “الأخبار” اليومية و” إبراهيم أبو كيلة ” رئيسا لتحرير “رأي الشعب”.
وخلال إدارة مكرم محمد أحمد للمجلس الأعلى للإعلام بين 17 و2021 اتخذ سياسات ومواقف مناهضة لحرية الصحافة وللمهنية وللصحفيين، وللحريات بصفة عامة. كما شهدت الصحافة المصرية انتكاسة لافتة بحجب مئات المواقع الإخبارية. والمعروف أن مكرم من الصحفيين الذين تورطوا في التطبيع مع العدو الصهيوني، وقام بزيارة القدس المحتلة مع الرئيس الأسبق “السادات” نوفمبر 1977. وبعدها عينه الرئيس الأسبق في رئاسة مجلس إدارة “دار الهلال” و رئاسة تحرير مجلة “المصور”عام 1979 . وظل في المنصبين القياديين حتى صيف 2005 بالمخالفة للقانون، وبعدما تجاوز سن المعاش المحدد قانونا لقيادات الصحف القومية وعموم الصحفيين بهذه الصحف.

وكان مكرم عضوا بحزب السادات / مبارك “الوطني الديمقراطي” الحاكم ولحقه عبد المحسن سلامة قبل حل الحزب بعد ثورة يناير 211 بحكم قضائي أدان فساد الحزب وإفساده للحياة السياسية في مصر. وافتخر مكرم بعد الثورة بأنه أحد كتاب خطابات الطاغية المخلوع مبارك، فيما وصفه مراقبون بأنه كان أحد أعمدة الدعاية الكاذبة للدكتاتور. كما اعتبر نقاده أن هذا الاعتراف يؤكد تضارب المصالح مع عمله الصحفي والمهني واستقلالية موقع نقيب الصحفيين الذي تولاه على مدى نحو ربع قرن منذ منتصف عقد الثمانينيات من القرن العشرين بالتناوب مع “نافع” عضو الحزب الوطني أيضا.
وجاءت لحظة الحقيقة في 8 فبراير 2011 حين قام الصحفيون المصريون بطرد مكرم من نقابتهم ( مرفق الرابط)، ما اضطره للاستقالة بعد أيام ، ولم يجر بعدها ترشيحه لمنصب نقيب الصحفيين.
……
ملاحظة :
شخصيا كتبت ونشرت في حياة مكرم محمد أحمد مقالات نقدية لأدائه المهني والنقابي، وبخاصة بين عامي 10 و2011. وهي كتابات موثقة بتواريخ النشر وبالاقتباسات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *