قراءة في تأثير “كورونا” على النساء العاملات: كشفت ضعف النظم الاجتماعية والاقتصادية.. ويجب تعديل قانون العمل
المؤتمر الدائم للمرأة العاملة يوصي بتعديلات لحماية حقوق عاملات المنازل في الأجور وساعات العمل والإجازات والتأمينات
المؤتمر: يجب تدشين آليات جديدة لدعم العاملات اللاتي تأثرت سُبل عيشهن أو شهدوا انخفاض دخولهن
كتب – أحمد سلامة
أصدر المؤتمر الدائم للمرأة العاملة بدار الخدمات النقابية والعمالية قراءة في التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لانتشار فيروس كورونا على النساء العاملات في مصر، وذلك في خضم التبعات الاجتماعية والاقتصادية لأزمة الجائحة وما خلفته من خطر صحي عالمي شديد الوطأة على العالم بأكمله.. موصيًا بتوفير أدوات وقاية وبيئة عمل آمنة للأطقم الطبية وللعاملات اللاتي يضطررن إلى مزاولة عملهن بالمستشفيات نظرًا لحاجة المجتمع الشديدة لهن لمواجهة الأزمة، وتعديل مشروع قانون العمل المعروض على مجلس النواب بما يكفل الحماية القانونية للعاملات بالقطاع غير الرسمي وتحديد آليات وضوابط فاعلة لحمايتهن اجتماعيًا واقتصاديًا.
ورصد المؤتمر الدائم للمرأة العاملة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لانتشار الفيروس وتبعاته السلبية الحالية والمستقبلية من آثار على النساء العاملات التي ستؤدي إلى الدفع بالكثير منهن للعمل بشروط غاية في الصعوبة جرَّاء الركود الاقتصادي الذي أثر على دخول معظم الأسر وزيادة النساء المعيلات لأسرهن، وتعرض الأغلبية منهن لفقدان عملهن في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتُخذت من قِبل الدولة للحد من انتشار العدوى بالفيروس.
وأشارت ورقة بحثية صادرة عن المؤتمر إلى أنه الجائحة كشفت ما يشوب النُظم الاجتماعية والاقتصادية من مواطن ضعف تزيد بدورها من آثار الجائحة على النساء في جميع المجالات، من الصحة إلى الاقتصاد إلى ضعف الحماية الاجتماعية، وما ترتب عليها من آثار سلبية مضاعفة، لكون الأغلب منهن يشغلن وظائف غير آمنة ويعشن في مستويات قريبة من مستوى الفقر.
وتابعت “مع تزايد الضغط الاقتصادي والاجتماعي المقترن بتقييد التجول وفرض تدابير العزلة، تزايدت أعداد النساء المُجبرات على العمل بسوق العمل غير المنظم، والذى يعصف بحقوق النساء والرجال (معا) لانعدام الحماية التأمينية والصحية والاجتماعية”.. مشيرة إلى أنه علاوة على ذلك فإن قطاعات الخدمات التي تهيمن عليها الإناث، مثل الغذاء والضيافة والسياحة، هي من بين القطاعات التي يُتوقع لها أن تتأثر اقتصاديًا نتيجة للتدابير المُتخذة لاحتواء الأزمة، لذلك فإنهم أكثر عُرضة للتأثر سلبًا، حيث أن حوالي 55٪ من النساء يعملن في قطاع الخدمات (مقارنةً بـ 44٪ من الرجال)
وتابع المؤتمر في ورقته البحثية “وإذا كان الهدف من الحجر الصحي هو تقليل احتمالية العدوى وانتقال الفيروس، فإن النساء لا يمكنهن الاستفادة الكاملة من هذا الحجر، إذ أن الثقافة المجتمعية ما فتئت تضع مهمة شراء احتياجات المنزل على أعتاقهن، وبحسب دراسة بحثية صادرة في العام 2019، فإن نسبة النساء اللاتي يتحملن هذه المسئولية تصل إلى 80% في بعض البلدان، ومِن ثَم تزيد إمكانية اختلاطهن بحاملي الفيروس، رغم ذلك لم يلق صدى لدى الحكومات التي ما برحت مُصرّة على الفصل بين النوع الاجتماعي والقضايا الصحية، وتتجاهل إدماج قضايا الجندر في شتى المناحي
“.
ولفتت الورقة البحثية إلى نسب النساء العاملات في مصر وتوزيعها حيث بينّت أن 18.1 % من النساء معيلات لأسرهم وأن 40.9 % من إجمالي العمالة غير الزراعية للإناث يعملون في وظائف غير رسمية و 33.9 % من عمالة الاناث في أعمال هشة و 6.7 % يعملن في قطاع الصناعات و 36.4 % من الاناث يعملن في الزراعة و 56.8 % يعملن في القطاع الخدمي،
إضافةً إلى حوالي 42.4% من الأطباء البشريين و 91.9 % من طاقم التمريض يعملن في وزارة الصحة و 73.1 % من طاقم التمريض في المستشفيات والمرافق العلاجية في القطاع الخاص (وفقا لما جاء باحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء وتقرير المجلس القومي للمرأة).. مشددة على أنه من المتوقع أن يؤثر فيروس كورونا على مختلف هذه القطاعات بما في ذلك القطاع الصحي من المستشفيات والمرافق العلاجية في القطاع الخاص، وهو ما يعرضهن لخطر أكبر، كون أن معظمهن أمهات يقع عليهن مسئولية رعاية أفراد أسرهن و تحمل ضغط العمل.
وأصدر المؤتمر الدائم للمرأة العاملة عدة مقترحات وتوصيات من بينها، توفير أدوات وقاية وبيئة عمل آمنة للأطقم الطبية وللعاملات اللاتي يضطررن إلى مزاولة عملهن بالمستشفيات نظرًا لحاجة المجتمع الشديدة لهن لمواجهة الأزمة، وتعديل مشروع قانون العمل المعروض على مجلس النواب بما يكفل الحماية القانونية للعاملات بالقطاع غير الرسمي وتحديد آليات وضوابط فاعلة لحمايتهن اجتماعيًا واقتصاديًا.
كما أوصى بالمطالبة بضرورة تعديل مشروع قانون العمل بما يكفل عدم استبعاد عاملات المنازل من نطاق سريانه وحماية حقوقهن في شأن الأجور وساعات العمل والإجازات، كذلك شمولهن بالمظلة التأمينية.. وإعطاء الأولوية فيما يمكن تقديمه من دعم للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التي تعملن بها نسب من النساء كبيرة، وتفعيل برامج الدعم المتواجدة بالفعل فيما يتعلق بجميع جوانب خدمات الرعاية الصحية وبرامج الحماية الاجتماعية، وادماج النساء في مجالات صنع واتخاذ القرار يمكن أن يحسن آليات مراقبة الوقاية الصحية للأطقم الطبية وللعاملات في المصانع والشركات.
وأوصى المؤتمر أيضا بتدشين آليات جديدة لدعم العاملات اللاتي تأثرت سُبل عيشهن أو شهدوا انخفاض دخولهن، ومتابعة جميع السياسات والإجراءات الصادرة التي تستجيب لاحتياجات النساء العاملات في ضوء الجهود المبذولة للحد من انتشار فيروس كورونا، وتصميم أداة سهلة الاستخدام كمرجع لجميع السياسات الصادرة المتعلقة بالمرأة والتي يمكن استخدامها من قبل متخذي القرار من أجل رؤية أكثر شمولاً، وإدماج النساء والمنظمات النسائية في صميم تدابير الاستجابة لجائحة “كوفيد 19″، تحويل أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر المجحفة إلى اقتصاد رعاية جديد شامل للجميع ويعمل لصالح الجميع.