قانون يقوض العدالة| المركز المصري يستنكر مناقشة البرلمان مشروع “الإجراءات الجنائية” رغم الاعتراضات ويطالب بسحبه  

عبر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن قلقه البالغ واستنكاره العميق لبدء مجلس النواب، هذا الأسبوع، مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي أعدته اللجنة الفرعية التابعة للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية دون إجراء حوار مجتمعي حقيقي يضم كافة الأطراف المعنية. 

وجدد المركز، في بيان صادر عنه اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024، تأكيده أن مشروع القانون المقترح يعزز توجهات تشريعية تثير المخاوف بشأن احترام المعايير الدستورية والدولية لحقوق الإنسان، ويمثل تراجعًا عن ضمانات المحاكمة العادلة ومبادئ حقوق المتهمين والمحتجزين، ما يهدد بتقويض ركائز العدالة والنظام القانوني المصري، مشددا على ضرورة سحبه فورا. 

كما تساءل المركز بشأن ادعاءات مسؤولين حكوميين وأعضاء بمجلس النواب بأن المشروع جاء استجابة لمخرجات “الحوار الوطني” لعام 2023، على الرغم من أنه يأتي بتعديلات تشريعية تزيد من السلطات الممنوحة للجهات الأمنية، وتقيد حقوق الدفاع، وتكرّس مفهوم الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب بدلًا من كونه إجراءً احترازيًا، بدلاً من أن يعكس هذا القانون توجهًا نحو إصلاح الإجراءات الجنائية وضمان حقوق الأفراد أمام القانون. 

وبحسب المركز، يركّز مشروع القانون على جوانب تعزز من صلاحيات الجهات الأمنية والقضائية على حساب حقوق الأفراد، حيث يبقي على الحبس الاحتياطي كإجراء مفتوح يمكن تمديده واستخدامه في قضايا متكررة ومتعددة، بما يسمح باستمرار احتجاز الأفراد لفترات مطولة من دون محاكمة، ما يحيل الحبس الاحتياطي من كونه استثناءً إلى قاعدة وعقوبة في حد ذاته.  

إضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع عددا من المواد التي تمنح حصانات للمسؤولين العموميين، خاصة في القضايا المتعلقة بالاعتداء على حقوق المواطنين، ما يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات والإفلات من العقاب.  

ويتضمن المشروع الجديد بنودًا تهمّش حقوق الضحايا في ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات، مما يضعف منظومة العدالة ويمنح حصانات غير مبررة لبعض الجهات، كما يضع قيوداً على فرص التفاعل المباشر بين المتهم والقاضي عبر اعتماد جلسات تجديد الحبس والمحاكمة عن بُعد باستخدام “الفيديو كونفرانس”، ما من شأنه انتهاك حقوق المتهم والدفاع في التواصل المؤثر مع هيئة المحكمة، ويضعف آليات وضمانات المحاكمة العادلة، وفقا للبيان. 

وبناء على ذلك قدم المركز عددا من التوصيات في هذا الشأن منها: طرح المشروع للحوار المجتمعي الموسع، بما يشمل منظمات حقوق الإنسان، وخبراء قانونيين، ومحامين، ونقابات مهنية، ومعنيين، لضمان توافق القانون مع احتياجات المجتمع واحترام حقوق المتهمين. 

كما أوصى بتعديل بنود الحبس الاحتياطي بحيث يتم تقنين استخدامه كإجراء استثنائي لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات القصوى وضمن مدد زمنية محددة، مع إلزام السلطات بالإشراف القضائي على أي تمديد للحبس الاحتياطي ومنع استغلال آلية “التدوير”. 

وشدد المركز على ضرورة إلغاء النصوص التي توسع من استخدام جلسات المحاكمة عن بعد، وحصرها في الحالات الاستثنائية فقط مع وضع ضوابط صارمة لها، إلى جانب تعزيز حقوق الدفاع واستدعاء الشهود وضمان التفاعل المباشر بين المتهم والدفاع والقاضي لضمان نزاهة المحاكمة، وإلغاء أي نصوص تتيح حصانات للمسؤولين عن الجرائم أو الانتهاكات، وتسهيل إجراءات تقديم الشكاوى ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. 

وأوصى أيضا بالتعويض المالي والمعنوي لأي شخص يتعرض للاحتجاز التعسفي أو الحبس الاحتياطي غير المبرر، بما يتماشى مع حقوق الإنسان وحماية كرامة الأفراد. 

ودعا المركز المصري لحقوق الإنسان كافة القوى الحية في المجتمع المصري إلى رفض مشروع القانون بصيغته الحالية، والعمل على صياغة قانون يلبي احتياجات العدالة ويحقق توازنًا بين الحفاظ على النظام العام وضمان حقوق الأفراد.  

كما ناشد الحكومة ومجلس النواب فتح باب الحوار المجتمعي حول مشروع القانون، وعدم إقرار أي تعديلات تهدد حقوق الإنسان الأساسية وتزيد من القيود على الحريات المدنية، حفاظًا على مبادئ العدالة وحماية حقوق المواطنين. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *