في ندوة بمناسبة ذكرى الثورة| د. مصطفى كامل السيد: الحريات الإعلامية وهوامش التعبير فتحت مساحات لثورة يناير.. والثوار تركوا القيادة لآخرين
كتب – أحمد سلامة
تحدث الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حول ثورة يناير والحريات الإعلامية وهوامش التعبير عن الرأي التي فتحت مساحات لثورة يناير، مشيرًا إلى أن هناك عوامل عامة مشتركة بين كل الثورات التي هبت في المنطقة العربية، بالإضافة إلى عوامل خاصة لكل حالة بشكل مستقل.
وأوضح مصطفى كامل السيد أن كل الثورات في المنطقة العربية شارك فيها الشباب ولم يكن أولئك الشباب بالضرورة من الطبقة العاملة أو من الفلاحين والعمال ولكنهم كانوا من الطبقات الوسطى الذين يمكنهم استخدام أدوات التواصل الاجتماعي، وبالتالي فإن سمة أساسية من سمات ثورات المنطقة العربية كان حضور الشباب واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وخلافه.
واستكمل ورغم أن القيادة كانت للشباب في هذه الانتفاضات/الثورات فإن المواطنين بمختلف فئاتهم شاركوا فيها بقطاعات واسعة من المواطنين، لذا يمكن وصف هذه الانتفاضات أو الثورات بأنها كانت عابرة للطبقات، والذي يميزها أيضا أنها لم تكن تتميز بأيدلوجيا معينة، مستكملا أن “هذه الثورات خرجت ضد الليبرالية الجديدة التي ربما نجحت في تحقيق بعض المكاسب وعلى الرغم من هذه المكاسب إلا أن قطاعات كبيرة من المواطنين شعرت بأنها لا تستفيد من هذه المكاسب.
واسترسل مصطفى كامل السيد، في ندوة بمناسبة ذكرى 11 فبراير وثورة يناير، أنه من الظروف الخاصة التي كانت سببًا في الثورات، مسألة التوريث، التي كانت مطروحة في عدة دول منها مصر واليمن وتونس وقبلهم سوريا والذين شهدوا حالة من الإعداد لتجهيز خليفة.
وشدد مصطفى كامل السيد على أنه من المهم الإشارة إلى أنه كان أحد العوامل الرئيسية في هذه الثورات أنه سبقها -على الأقل في مصر- قدر من حرية التعبير والتنظيم، وهو ما جسده ظهور عدة حركات مثل حركة كفاية وحركة 6 أبريل إضافة إلى القنوات التلفزيونية والصحف المستقلة التي كانت تسمح بمساحة من الحركة ومساحة من الانتقاد، كل هذا سمح لقوى المعارضة أن تتواصل مع المواطنين، وبالتأكيد لم تكن ثورة يناير لتحدث لولا هذا القدر من الحريات.
وأردف “السمة المهمة أيضا والعجيبة، أن الثوار لا يطمحون إلى الوصول إلى السلطة وإنما يتركون أمر السلطة إلى آخرين وبالتالي لا يوجد تنظيم ولا توجد قيادة ولذلك بعد الثورة كانت هناك قوتان هما اللتان لديهما القدرة على الوصول إلى السلطة، لذلك فإن إحدى المقالات التي تناولت الثورة في مصر قالت إن الذي فاز في مصر هو الثورة المضادة، بالمعنى العلمي والأكاديمي للكلمة والذي يعني أن الذين انتصروا هم الذين يعتقدون أن خروج الناس وتحركهم هو أساس الفوضى.
ونبه مصطفى كامل السيد إلى أن “عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أكد في تصريحات سابقة أنه رفع تقريرًا إلى الرئيس السابق محمد حسني مبارك حول كيفية التعامل في حال خروج الناس ضد التوريث، وهذا يؤكد أنه كان هناك خوف من جانب القوات المسلحة”.. مضيفا “لم يكن هناك اعتراض على شخص جمال مبارك وإنما كان هناك اعتراض على الفئة التي تقف إلى جانبه وهي رجال الأعمال الذين اكتسبوا درجة عالية من التنظيم والتأثير”.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بالقول “وبالتالي أقول إن القوات المسلحة في 2011 ليست هي على الإطلاق القوات المسلحة التي خرجت في 1952، وبالتالي فالذي يقول إن جمال عبدالناصر جاء بالعسكريين أرد عليه بأن الفريق الذي جاء به عبدالناصر -على اختلافنا أو اتفاقنا معه- مختلف تماما عن الجيش المصري في 2011، الجيش في 2011 تحول إلى مؤسسة حقيقية، مؤسسة تتولى كل ما يحتاجه الفرد المنتمي إليها، بالإضافة إلى أن أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا على تواصل مع المدنيين، على عكس ما حدث بعد ذلك”.
واستكمل “وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه إن كانت القوى التي خرج الثوار ضدها عادت مرة أخرى بنفس السياسات فما الذي يمنع قيام ثورة أخرى، الحقيقة أن قيام ثورة يناير كما قدمنا كان نتاج مساحة من حرية التعبير وبالتالي فإن هذا ما تم الانتباه إليه من الأنظمة التي عادت للحكم رغم الثورات ولم ينتبه إليه الثوار، فعمدت إلى وضع قاعدة عامة من التضييق على حرية التعبير وحرية التنظيم، لذلك فمن الصعب أن يتم تكرار التغيير بنفس ما حدث سابقًا”.
وأردف “التاريخ يُعيد نفسه، في المرة الأولى بصورة دارمية وفي المرة الثانية في صورة هزلية، لذلك نرى أن الدعوات التي تلت ثورة يناير في مصر كانت كلها دعوات هزلية وآخرهم دعوة 11/11”.