في ذكرى مقتل سليماني.. عام 2020 العراق ساحة للصراع الإيراني الامريكي (تسلسل زمني بالهجمات وردود الطرفين)
كتبت – ريهام الحكيم
مع اقتراب الذكرى السنوية لمقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، سقط عدداً من صواريخ الكاتيوشا بالقرب من السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء بوسط بغداد، الأسبوع الماضي، وألقت الولايات المتحدة باللوم على فصائل مسلحة تتبع الحشد الشعبي العراقي و بدعمٍ من إيران.
الحادثة تعد واحدة من سلاسل الهجوم التي تنتهجها الفصائل المسلحة داخل العراق منذ مقتل سليماني يناير الماضي، والتي حولت أرض العراق مسرحاً للصراع والإقتتال بين كلاً من إيران والولايات المتحدة، محدثة خسائر بشرية ومادية وخراب ودمار للشعب العراقي.
فمن حكومة عادل عبد المهدي – المحسوبة على إيران – إلى حكومة مصطفى الكاظمي، لم تستطع أى من الحكومات العراقية السيطرة على نفوذ الميليشات وفوضي السلاح المتسببة في تعدد القرار الأمني وفرض الأجندات الأقليمية والدولية على العراق.
يعد العراق أولوية أمنية للنظام الإيراني، وله مكانة محورية في الفكر الاستراتيجي لها، فالعراق هو الجار الذي تتشارك معه إيران أطول حدودها البرية، حوالى 1500 كيلومتر، إضافة إلى التشابهات الإثنية والإجتماعية وثقافية بين البلدين.
وعقب سقوط النظام البعثي على يد قوات الاحتلال الأمريكية في 2003، والتي اسقطت معاها مؤسستي الجيش والشرطة العراقية. عملت إيران على إضعاف الدولة المركزية في أعقاب الغزو الأميركي، ووضع قيود على تضمين السُنة بشكل جدي في الحكم، وإنشاء الميليشيات وتسليحها وتدريبها.
خاض العراق حرباً ضد “داعش” في الـ 2014 ، خرج منها العراق بقوة جديدة سميت بمجموع فصائل الحشد الشعبي – عملت مع الجيش العراقي لتحري الأراضي العراقية من احتلال التنظيم التطرف – والتي انقسمت بين مجموعة فصائل تتبع رجل الدين الشيعي علي السيستاني، ومجموعة أخري تتبع النظام الإيراني وولاية الفقية.
الشعب العراقي بين إيران والولايات المتحدة 2020
عام2020 والذي شارف على الإنتهاء، يعد من أكثر الأعوام التي مرت على العراقيين صعوبة، فبين التوتر الداخلي، والاحتجات الشعبية وحوادث العنف والإغتيالات إلى الأزمات الإقتصادية والصراعات الإقليمية والدولية على أرضه.
بدء الصراع الإيراني-الأمريكي هذا العام مبكراً، ففي 3 يناير 2020 شنت الولايات المتحدة غارة جوية قُتل فيها قائد فيلق القدس الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة أستخدمت فيها طائرة مسيّرة أميركية قرب مطار بغداد، وذلك عقب أيام قليلة لإقتحام عدداً من عناصر الحشد الشعبي للسفارة الأمريكية ببغداد على خلفية مقتل عدداً من قادة وعناصر ( اللواء 45/ اللواء 46 ) في مدينة القائم قرب الحدود السورية.
وانطلق الصراع بين إيران والولايات المتحدة بعد مقتل سليماني إلى مرحلة جديدة، استخدمت إيران أدواتها العراقية و الإيرانية لإثبات نفوذها الإقليمي.
في 8 يناير قصفت إيران قاعدة “عين الأسد” الأمريكية في محافظة الأنبار غربي العراق، مستخدمة صواريخ باليستية وقاعدة “الحرير” الجوية – غارة المطار – في محافظة أربيل شمال العراق.
ودخلت الفصائل المسلحة المنتمية للحشد الشعبي الموالية لإيران – على خط الهجوم بإستهداف قاعدة “بلد” الجوية شمال العاصمة بغداد مستخدمتاً 8 صواريخ كاتيوشا، ما أسفر عن اصابة ضابط عراقي وثلاث جنود عراقيين وتضرر مدرج القاعدة وطائرتيين لسلاح الجو العراقي.
وليكتمل مشهد الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي والأمني، أقدم البرلمان العراقي على إتخاذ قراراً بخروج القوات الأجنبية من العراق، قرار البرلمان لم يوقف المسلحين عن عمليات القصف المتكررة لسفارة الأمريكية.
رداً على قرار البرلمان العراقي وعلى هجمات المسلحيين، أقدم الرئيس الامريكي دونالد ترامب على إرسال منظومة الدفاع الصاروخي C-RAM وهى منظومة أشبه بنظام القبة الحديدية.
ثم اتخذ ترامب قراراً بتخفيض عدد القوات الأمريكية من 7000 إلى 5200 جندي فقط، وبدأ بنقل المهام إلى حلف الناتو ضمن التحالف الدولي وبالتنسيق مع القوات العراقية.
في شهر مارس، تم إستهداف قاعدة “التاجي” العسكرية العراقية بسقوط 10 صواريخ كاتيوشا، القاعدة كانت تضم عدداً من القوات الأمريكية في شمال بغداد، وأسفر الهجوم عن مقتل جنديين أمريكيين وجندي بريطاني وأصيب عدداً من الجنود العراقيين بجروح.
مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء
في مايو من نفس العام، استطاع رئيس المخابرات العراقية مصطفى الكاظمى – غير المحسوب على المعسكر الإيراني – تمرير حكومته داخل البرلمان، وبوصول الكاظمي إلى الحكم، انتقلت العلاقة بين حكومة بغداد والإدارة الأمريكية إلى تعاون سياسي ودخل الطرفان، العراقي والأمريكي، مرحلة تفاوض أخرى في إطار ما عرف بـ “الحوار الإستراتيجي”.
في أغسطس التقى ترامب الكاظمي في واشنطن وأستقرا على تقليص عدد القوات الأمريكية والإبقاء على عدد أخر لمدة ثلاث سنوات شريطة إلتزام الحكومة العراقية بحماية العسكريين و المستشارين الأمريكيين داخل العراق.
لم تهدأ هجمات الفصائل المسلحة و أستمرمسلسل إستهداف البعثات الدبلوماسية وعلى رأس تلك الفصائل خلايا “الكاتيوشا”. والتي كثفت من إستهداف السفارة الأمريكية والقواعد العسكرية التي تستضيف جنود وضباط أمريكيين. ولم تسلم بعثة الأمم المتحدة “يونامي” من الهجمات ايضا. ففي 26 أغسطس من نفس العام تم استهداف رتلاً عن طريق وضع عبوة ناسفة اثناء مرورهم في مدينة الموصل بشمال العراق.
شهر ستمبر، قُتل 6 مدنيين عراقيين بينهم أطفال ونساء في منطقة الرضوانية غرب بغداد، عندما ضلت الصواريخ طريقها، فبدلا من استهداف القوات الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، سقطت الصواريخ بالخطأ على منازل العراقيين.
وقرب مطار أربيل الدولي، تم إستهداف قاعدة أمريكية بإطلاق عدد 6 صواريخ من مدينة الموصل في منطقة تقع تحت قيادة ( اللواء 30) التابع للحشد الشعبي، ما أجبر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لتغيير قائد الفصيل، وتم توقيف عدداً من عناصره بالإضافة إلى ضباط عراقيين.
حذّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الرئيس العراقي، برهم صالح، من أنه إذا لم تتوقف هجمات الميليشيات، فإن الولايات المتحدة ستسحب موظفيها من السفارة في بغداد. ديسمبر 2020، و تزامناً مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري” الإيراني الجنرال قاسم سليماني، صرح قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكينزي أثناء جولة يجريها في المنطقة، هذا الأسبوع، بقوله “مستعدون للدفاع عن أنفسنا والدفاع عن أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة، ومستعدون للرد في حال هجوم إيران على جنودنا في الذكرى الأولى لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وحذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إيران من حدوث أي هجوم يستهدف أميركيين في العراق، قائلاً إنه سيحمّلها المسؤولية في حال حصل ذلك.
وكتب الرئيس المنتهية ولايته على “تويتر”، “ضُربت سفارتنا في بغداد بصواريخ عدّة الأحد” الماضي، وهو هجوم خلّف أضراراً مادية فقط. وأضاف “احذروا من أين جاءت: من إيران”.
وتابع “الآن نسمع حديثاً عن هجمات أخرى ضد أميركيين في العراق”، موجّهاً “نصيحة ودية لإيران: إن قُتل أميركي واحد، سأحمّل إيران المسؤولية”. وحذّر قائلاً “فكروا في الأمر جيداً”.