في ذكرى استشهاد عماد عفت.. ما تيسر من سيرة «شيخ الثوار» (بروفايل)
كتب: عبد الرحمن بدر
وجه مميز صار أحد أيقونات الثورة ورموزها الخالدين، شيخ أزهري انضم لثورة 25 يناير ضد نظام حسني مبارك منذ بدايتها، ودافع عنها بكل قوة خلال أحداثها المختلفة، حتى استشهد بالقرب من ميدانها في أحداث مجلس الوزراء التي تحل ذكراها العاشرة، إنه وكفى الشيخ الثائر الشهيد عماد عفت.
بملامح لا تخطئها العين وبجسد رفيع وملامح سمراء مثل الأرض الطيبة، وبضمير نقي انحاز عفت للحق ولم يخش العواقب، كان الشيب يكلل بعض شعر رأسه ولحيته لكن قلبه كان شابًا، لم يسخر علمه في نفاق أو مجاملة أحد، وصدح بكلمة الحق دون أن يخشى العواقب، انضم للثوار في 25 يناير، وهاجم رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
“أقسم بالذي يُـحْلَفُ به أن هواءَ ميدان التحرير أحبُّ إليَّ من هواء الحرم الشريف، ولو أني خُيِّرْتُ بين أن أحج بيت الله تعالى وبين شهود هذه الأيام في ميدان التحرير لما عدلت عن الميدان وأيامه بغيره، وإني لأقطع أن من لم يرَ ميدان التحرير هذه الأيام لم ير مصر، وأنه محروم”، هكذا تحدث الشيخ الشهيد عن ميدان الثورة.
استحق الشيخ الشهيد رسم جرافيتي له لسنوات عديدة بالشوارع المحيطة بميدان التحرير، وحين طمست معالم الشوارع ورسوم الثورة في السنوات الماضية، لم يغب عماد عفت عن ضمير وقلوب المصريين، وصار رمزًا وقدوة، وسيرة أطول من العمر، ستتناقلها الأجيال القادمة لتحكي عن رجل دين في وظيفة مرموقة آمن بالثورة ومات شهيدًا أمام مجلس الوزراء على بعد أمتار من ميدان التحرير، وكأن الله قد استجاب لدعائه الذي كان يردده دائمًا: (اللهم ارزقنا الشهادة تحت راية نبيك يارب العالمين).
كان الشيخ يحمل أطفاله إلى الميدان كل جمعة، ويلتقط الصور معهم في التحرير، وربما هي ميراثهم الباقي حين يكبرون ويشيرون إليها بفخر واعتزاز.
ولد الشيخ عماد عفت، في الخامس عشر من أغسطس 1959، وحصل على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1991، بعدها، نال ليسانس الشريعة الإسلامية في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997، ودبلومة بالفقه الإسلامي العام، من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عام 1999، ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة، وكان متزوجا ولديه أربعة أبناء؛ ولدين وبنتين.
كان الشهيد عماد عفت، ينتهي من عمله بدار الإفتاء، والدروس العلمية بأروقة الأزهر الشريف، ثم يخلع الزي الأزهري، ويرتدي ملابس عادية، لينضم إلى الثوار في ميدان التحرير، دفاعًا عن قيم الحق والعدالة والحرية، التي طالما آمن بها وأيقن أنها لا تتعارض مع الدين الذي يعلمه لطلابه.
وآخر الوظائف التي عمل بها، مديراً لإدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء، وعضو لجنة الفتوى بها، بعد أن تولى منصب رئيس الفتوى المكتوبة بالدار في بداية تعيينه بأكتوبر 2003.
وفي موقف كاشف عن شخصيته أفتى الشيخ عماد عفت بعدم جواز التصويت لفلول الحزب الوطني في الانتخابا عقب الثورة، معتبرًا إياهم من المفسدين الذين ساهموا في إفساد البلاد، وأن التصويت لهم هو بمثابة إعانة لهم على الفساد، وأكد الشهيد عماد عفت أن ذلك الحكم مبنيٌّ على أن فلول الوطني يرغبون في تدمير مستقبل مصر، بنشر الرشاوى والمحسوبيات ثانيةً، بعدما قضت الثورة على تلك الأصول، ومن يمنحهم صوته يساعدهم على الوصول إلى المنصة التشريعية”.
من وصاياه للشباب: “شاركوا في بناء مصر التي استُشهد من استشهد وجُرح من جرح من أجل أن ينشأ جيلكم فيها عزيزًا كريمًا حرًا أبيًا، لا أن يكون جندًا من جنود الشيطان وأسيرًا للشهوات المحرمة، وحافظوا على أنفسكم وعلى زميلاتكم مما لا ترضونه لأخواتكم، وأمهاتكم وبناتكم”.
استشهد الشيخ لكن سيرته ستبقى طويلاً، وصورة ستظل محفوظة في ضمائر كل من آمنوا بالثورة والتغيير والحرية، وستبقى كلماته ومواقفه فخرًا لأبنائه وتلاميذه، فأمثال عماد عفت يرحلون بأجسادهم فقط، لأن ذاكرة الشعوب لا تنسى.