في الذكرى الثالثة لرحيله.. الطبلاوي سلطان التلاوة الذي رفض عرض عبد الوهاب وأحب صوت أم كلثوم وقدمه الشناوي وتلا في جوف الكعبة
أحيت أسرة الشيخ محمد محمود الطبلاوي ومحبيه الذكرى الثالثة لرحيله، حيث غيبه الموت مثل 3 سنوات في شهر رمضان بعد صراع مع المرض، بعدما ترك للإذاعة تسجيلات متنوعة وحفلات قرآنية خلال جولاته لمختلف دول العالم.
لم تكن رحلة الشيخ سهلة حيث رفضته الإذاعة 9 مرات بسبب الانتقال النغمي، تميز بأسلوب فريد في التلاوة وبحنجرة متميزة ودافع عن القراء المصريين، مؤكدًا أنهم الأفضل في العالم.
ولد الشيخ الطبلاوي في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، في قرية ميت عقبة، بمحافظة الجيزة، وتحديدًا في 1934، التحق الشيخ بالكتاب في عمر الرابعة، وأتم حفظ القرآن في العاشرة، وعمل بعدها مقرئًا يحي ليالي بعض المناسبات الدينية والاجتماعية.
لعب الشاعر الراحل مأمون الشناوي دورًا هامًا في حياة الشيخ حين استمع له حين كان يعمل مؤذنًا وقارئًا في مسجد موتسيان للدخان وقاله له أنت قارئ الزمن الآتي، ووقع معه عقدًا لشركة صوت الحب لتبدأ رحلته مع الشهرة أعلن حبه وتشجيعه لنادي الزمالك وكذلك تشجيع وحب محمد صلاح نجم المنتخب الوطني ونادي ليفربول الإنجليزي.
في 2017 ذهب الشيخ الثمانيني لواجب عزاء في محافظة الغربية وكان قد اعتزل التلاوة، وبعد إلحاح أهل المتوفي وافق الطبلاوي على قراءة بعض من آيات القرآن، وفي ثوان معدودة التف الناس حول الشيخ الذي فاجأ الجميع بأداء متقن وتلاوة عذبة أعادت للأذهان السنوات الذهبية التي قضاها الشيخ متربعًا على عرش التلاوة دون منازع.
كانت فترة الستينات هي بداية شهرة الطبلاوي حيث نافست تسجيلاته كبار المطربين والمنشدين في ذلك الوقت وحققت مبيعات كبيرة.
وفي السبعينات عزز الطبلاوي مكانته خاصة مع قربه من الرئيس الراحل أنور السادات الذي صحبه أكثر من مرة إلى قريته في المنوفية.
لم تخل حيات الشيخ من عقبات لعل أبرزها رسوبه في اختبارات الإذاعة 9 مرات، ولم ينجح إلا في المرة العاشرة، لعدم إلمامه بالمقامات الموسيقية كان سبب رسوبه المتكرر، ويرى أن الإذاعة أضافت له كثيرًا لأنه دخل من خلالها كل البيوت وصار الناس يعرفونه أكثر.
يقول الشيخ في تصريحات سابقة: تقدمت للإذاعة أكثر من مرة وكانوا يرفضونني بدعوى عدم حفظي لما يسمي بالنغم الموسيقي، وبعد أكثر من محاولة قررت عدم التقدم مرة أخرى، وقلت لنفسي (أنا كده كويس ومشهور والحمد لله وده نصيب) حتى علم الأستاذ محمد عبدالوهاب الموسيقار الكبير بالأمر فوجدته في إحدى المناسبات التي جمعتنا معا، وقال لي (سوف أعلمك النغم الموسيقي.. يمكن أن تحضر إلى المكتب ونبدأ فورا)، لكنني بصراحة شديدة لم أرغب.
وصفه الكاتب الكبير الراحل محمود السعدني، بـ”آخر حبات مسبحة القراء العظماء”.
سجل الطبلاوي القرآن كاملاً، مجوداً ومرتلاً، وزار عشرات الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وحظي بشهرة واسعة جعلته أميرًا لمدرسة التلاوة في مصر لعدة عقود، والمقرئ الأول.
تعلق بالقرآن منذ الصغير وهو ما يؤكده في قوله: “لم يكن لى هدف آخر غير أن أصبح قارئًا للقرآن، ولم أكن أطمح لعمل آخر، وهذه مهنتى منذ الصغر، ولم أتخيل نفسى أعمل في غيرها”.
وعن القرآء الذين يفضل الاستماع لهم يؤكد: “يطربنى الشيخ منصور الدمنهورى، وهو من قراء الإذاعة لكنه غير مشهور، كما أننى أحب أن أستمع للشيخ عبدالباسط والشيخ مصطفى إسماعيل، وكامل يوسف البهتيمى، وعبدالعظيم زاهر، كلهم كانوا على خلق وأحب الاستماع لهم، وربطتنى بمعظمهم علاقات جيدة، وكان الشيخ عبدالباسط يأتى لزيارتى ونجلس سويًا نتحدث في شتى المواضيع، العلاقات كانت جيدة وطيبة، وكنا نتفق قبل القراءة على الوقت الذي سيقرؤه كل منا حين نكون في احتفال واحد”.
يكشف الطبلاوي أنه لا يحب الاستماع إلى صوته، ويبرر ذلك بأنه لا يكون راضيًا عم مستواه، وينتقد نفسه كثيرًا لذلك يفضل الاستماع إلى غيره من القراء مثل صديقيه الراحلين عبد الباسط عبد الصمد ومصطفى إسماعيل.
يحب الشيخ الراحل الاستماع إلى أصوات أم كلثوم وسعاد محمد ومحمد عبد الوهاب ونجاة وعبد الحليم حافظ.
لا ينسى الشيخ تجربة القراءة داخل الكعبة، ويصفها بأنها “تجربة أكثر من رائعة أتمنى تكرارها، إذ دعانى الملك خالد بن عبدالعزيز لقراءة القرآن داخل الكعبة، وصليت في كل ركن من أركان الكعبة، وأنا قارئ القرآن الوحيد الذي قرأ داخل الكعبة المشرفة، كما أعطونى قطعة كبيرة من كسوة الكعبة مازلت أحتفظ بها”.
احتفظ الطبلاوي طوال مسيرته مع القرآن بعلاقات مع حكام مصر على اختلافهم، وهو ما أكده في قوله: “لا أحب السياسة لكنى احتفظت بعلاقات طيبة مع الكل”.