فلاش باك.. قصة متهمين أفرجت عنهم مصر بعد نشر فيديوهات لاعترافاتهم بالتحريض وإشعال الفوضى.. ومحامون: نشر الاعترافات جريمة
محمود هاشم
أعادت تسجيلات وزارة الداخلية لعدد من المتهمين المحتجزين على ذمة قضايا، الحديث بشأن مدى قانونية تسجيل الأمن اعترافات لمتهمين ونشرها قبل صدور حكم قضائي بإدانتهم، خاصة مع الإشارة لوقائع سابقة نشرت فيها الداخلية تسجيلات لمواطنين أجانب اتهمتهم بنشر الفوضى في مصر، قبل أن تفرج عنهم في وقت لاحق بعد استنكار شديد من حكوماتهم، وإعلان المتهمين وقتها إجبارهم على قراءة اعترافات ليست صحيحة، لعرضها في إحدى القنوات الفضائية حينها.
مظاهرات سبتمبر.. متهمون بالصدفة
الواقعة التي نتحدث عنها تعود إلى تاريخ سبتمبر من العام الماضي، تزامنا مع دعوة المقاول محمد علي للتظاهر مساء 20 من الشهر ذاته، حيث أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي، القبض على عدد من المتهمين بالتحريض ضد مصر ودعم التظاهرات ضد النظام الحاكم.
قائمة المتهمين حينها ضمت كل من الفلسطينين أشرف أسعد أحمد طافش وعلي الخريبي، والأردنيبن ثائر حسام فهمي مطر، وعبدالرحمن علي محمد الرواجبة، والهولندي بيتر باس هابس، والتركيبن عبدالله كيماك، وبيرات بيرتان أودجان، والسوداني وليد عبدالرحمن حسن، والمصري مصطفى أحمد مصطفى.
في هذه الأثناء، عرض الإعلامي عمرو أديب التسجيلات المصورة عبر برنامجه “الحكاية” على قناة “إم بي سي مصر”، واتهم المذكورين بالسعي لإشعال الفوضى فيه البلاد، متسائلا: “دول في مصر بيعملوا إيه؟”.
إفراجات بعد التشهير
ولم تمض أسابيع على واقعة التسجيلات التي نشرها أديب، حتى أعلنت وزارة الخارجية الهولندية الإفراج على مواطنها الذي ألقي القبض عليه على خلفية التظاهرات.
وقالت الخارجية الهولندية في بيان، إن بيتر باس هابس، المفرج عنه، سافر إلى مصر للسياحة وألقي القبض عليه بالقرب من ميدان التحرير، إلا أن مصر طلبت منه مغادرة البلاد في أسرع وقت.
وتوالت الإفراجات عن المتهمين في القضية تباعا، ففي الثاني من أكتوبر أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية السفير سفيان القضاة، إفراج السلطات المصرية عن المواطنين الأردنيين ثائر حسام فهمي مطر، وعبد الرحمن علي محمد الرواجبة.
وعقب وصولهما، أقام أهالي وأصدقاء المواطنين الأردنيين احتفالات بعودتهما، مؤكدين أن قرار القبض عليهما وتسجيل اعترافات لهما كان “كيديا” دون دلائل واضحة.
وفي منتصف أكتوبر الماضي، أطلقت السلطات المصرية سراح 81 معتقلا فلسطينيا، من بينهم أعضاء في سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، بعد زيارة استغرقت 4 أيام لأمين العام للحركة جهاد النخالة، ومسؤولين آخرين في الحركة، وكان من ضمن المفرج عنهم أشرف طافش نفسه.
كما أفرجت السلطات أيضا عن مواطنه علي الخريبي، دون إصدار أي توضيحات بشأن ملابسات خروجه.
وكانت حركة “الجهاد الإسلامي”، قد نفت في بيان يوم 25 سبتمبر، صحة التسجيلات، المنسوبة لأشرف طافش – أحد المتهمين – وهو أحد أعضائها – التي قال فيها إنه نزل إلى مصر لمراقبة موقف التظاهرات والإبلاغ بالتطورات، ودعم الثورة – مؤكدة أنه وصل إلى القاهرة قبل يوم واحد من المظاهرات، بغرض السفر إلى بلد آخر للدراسة.
وأكدت الحركة عدم سعيها لخلق إشكالات أو تدخل في أي شأن داخلي لأي دولة، مطالبة المسؤولين المصريين باتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع الظلم الذي وقع على مواطن فلسطيني بريء، والمراجعة والتدقيق في الاتهاات الموجهة ضده.
وتستمر الافراجات
وفي نهاية سبتمبر، استدعت وزارة الخارجية السودانية السفير المصري في الخرطوم حسام عيسى، على خلفية قضية اعتقال وليد عبد الرحمن، على ذمة القضية، معبرة عن قلق أسرة الطالب والحكومة السودانية حيال الطريقة التي تم التعامل بها معه.
واستنكرت الوزارة وعدم تمكن السفارة السودانية من زيارته وتقديم المساعدة القنصلية والقانونية له، مطالبة بضمان سلامته، والابتعاد عن محاكمته إعلاميا.
ونظم مواطنون سودانيون احتجاجات أمام مقر السفارة المصرية، مطالبين بإطلاق سراح عبدالرحمن، كما وصف تجمع المهنيين السودانيين الإجراءات المتخذة ضده، بأنها مشينة وغير أخلاقية، داعيا لضمان عدم تعرضه لإكراه أو تعذيب.
وبعد الإفراج عنه، قال الطالب السوداني إن السلطات الأمنية أجبرته على تسجيل اعترافات كاذبة، باتهامات ملفقة، قائلا إن قوات الأمن أعطته ورقة مصاغة لحفظ الكلام الموجود بها وترديده بالطريقة نفسها في الفيديو، نافيا أي علاقة له بأي جماعة سياسيته، حيث كان سبب زيارته القاهرة هو دراسة اللغة الألمانية في معهد جوته.
وأعلنت النيابة العامة، أن سفارات الدول التي يحمل جنسياتها المتهمون بتصوير ميادين البلاد خلال التظاهرات الأخيرة، تقدمت بطلب إخلاء سبيلهم على ذمة القضية وتعهدت بترحيلهم، موضحة أن قرار إخلاء سبيلهم صدر بعد اتهامهم بالتحريض على التظاهر بالميادين والطرق العامة.
الإكراه على الاعتراف.. جريمة بحكم القانون
ووفقا للقانون، لا يجوز إجبار أي متهم على تقديم دليل ضد نفسه، وهو ما يعد أشبه بالتعذيب في مسألة انتزاع الاعترافات جبرا.
“أدعو النائب العام إلى فتح تحقيق فيما تم نشره اليوم، حول ما يقال إنها اعترافات متهم في إحدى القضايا محل تحقيق جنائي قائم”، هكذا جاءت دعوة المحامي الحقوقي نجاد البرعي، بعد نشر فيديوهات لاعترافات متهمين في إحدى القضايا بينهم الصحفي سامح حنين.
وقال البرعي: “نريد أن نعرف بالضبط من سمح للمتهم بالإدلاء بهذا الحديث الذي قد يدينه ويؤلب الرأي العام ضده، ومن سمح للجريدة أن تنشر”.
وأضاف: “أذكر الجميع بنص المادة 75 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على أن إجراءات التحقيق وما تسفر عنه هي من الأسرار، وأن القانون يعاقب قضاة التحقيق وأعضاء النيابة ومساعديهم ومن يحضرون التحقيق على إفشاء أسرارها، ويوقع عليهمم العقوبة المنصوص عليها في المادة ٣١٠ من قانون العقوبات”.
وأشار البرعي إلى أن نص المادة 187 من قانون العقوبات بأن يعاقب بالعقوبات نفسها، كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أموراً من شأنها التأثير في القضاة الذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمام أي جهة من جهات القضاء في البلاد أو في رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق، أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى، أو في ذلك التحقيق، أو أموراً من شأنها منع شخص من الإفضاء بمعلومات لأولي الأمر، أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده.
وتابع: “أدعو محامي الأستاذ الصحفي الذي ظهر في الفيديو إلى التقدم ببلاغ فورا للنائب العام، أو تحريك دعوي مباشرة ضد من نشروا الفيديو، أو القيام بالأمرين، كفى استهانة بكرامة المحتجزين وحقوقهم، كفى استهزاء بالقانون” .
وفي هذا الأمر، يقول مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد: “أنا تحت التعذيب ممكن أعترف أني أنا اللي قتلت خميس والبقري، وقتلت شهدي عطية الشافعي، وأنا اللي قتلت سليمان خاطر، وأنا اللي قتلت فرج فودة، وأنا اللي قتلت منصور الكيخيا، وأنا اللي قتلت جمهور الأهلي في ستاد بورسعيد، وأنا اللي قتلت الطفل عمر بياع البطاطا، وممكن أزود أني قتلت شادي حبش”.