فكّوا قيود السفر.. «العفو الدولية» تطلق حملة جديدة تلقي الضوء على منع السفر العقابي بحقّ الناشطين السعوديين وعائلاتهم
أطلقت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، حملةً جديدة تطالب السلطات السعودية برفع منع السفر عن نشطاء وكتاب وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت المنظمة في بيان صحفي عبر موقعها الإلكتروني إن السلطات السعودية تستخدم قرارات منع السفر التعسفية أداةً لمعاقبة الناشطين/ات والكُتّاب والصحفيّين/ات والسيطرة عليهم/ن من خلال حبسهم/ن داخل البلاد، أو في حالة أولئك الذين يعيشون في الخارج، من خلال منع عائلاتهم/ن من السفر إليهم.
وتوثق حملة التي حملت اسم “فكّوا قيود السفر” حالة 30 من المدافعين/ السعوديين عن حقوق الإنسان ممّن حُكم عليهم بالسجن بعد محاكماتٍ بالغة الجور، مع دخول منع السفر حيز التنفيذ بمجرد انتهاء مدة عقوبتهم/ن.
كما توثق 39 حالة لأقارب الناشطين الذين وجدوا أنفسهم – بدون أمرٍ رسمي أو غيره من أشكال الإبلاغ – تحت منع السفر أيضاً، مما أدى فعلياً إلى تفريق العائلات قسرياً.
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن استخدام السلطات السعودية التعسفي منع السفر ضد الناشطين/ات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان يعكس حقيقةً قاتمةً في البلاد، حيث يستمر إسكات الأصوات المعارضة بلا هوادة، بينما يتحدث الرؤساء عن الإصلاح التدريجي”.
وأضافت: “لقد أصبح الناشطون/ات الذين واللواتي تجرّأوا وتجرّأن على التعبير عن أي شكلٍ من أشكال النقد أو الرأي، لا يروق لسلطات البلاد، ضحايا لمنع سفرٍ غير قانوني وعقابي يقيد فعلياً حريتهم/ن في التنقل، ويؤثر على القرارات الأساسية في حياتهم/ن. ويجب على السلطات السعودية رفع جميع أشكال منع السفر التعسفي، ووقف هذه الممارسة الانتقامية، والبدء في احترام الحق في حرية التعبير، وحرية الحركة والتنقل “.
ووفقا للبيان، تحدثت “العفو” مع ثمانية ناشطين سعوديين، ممّن فُرض عليهم منع سفرٍ تعسفي، أو مُنع أفراد عائلاتهم من السفر خارج السعودية. وقال أولئك الناشطون المقيمون في الخارج إنّ الأثر العاطفي عليهم كان وخيماً، لأنهم غير قادرين على رؤية أسرهم، أو زيارة وطنهم. فهُم يخشون التعرّض للاعتقال والاحتجاز بشكلٍ تعسفي إذا ما عادوا وعُدنَ إلى السعودية.
ونشرت “العفو الدولية” شهادات نشطاء سعوديين عن قرارات منع السفر بالمملكة العربية السعودية وتأثيرها عليهم وعلى أفراد أسرهم، وذلك ضمن الحملة. وقالت لينا الهذلول شقيقة الناشطة السعودية لجين الهذلول في شهادتها: “أنا وأختي علياء وأخي وليد نعيش خارج السعودية، لكن أختي لُجين وأمي وأبي يعيشون في المملكة، وهم ممنوعون من السفر”.
وأضافت: “لُجين عليها منع سفر لخمس سنوات قادمة بموجب حُكم المحكمة الجزائية المتخصصة الصادر بحقّها في ديسمبر 2020، أما أمي وأبي فعليهما منع سفر غير قانوني منذ عام 2018. لم يعلما أنهما ممنوعان من السّفر إلا عندما حاولا السفر خارج المملكة عبر المطار، فمنعتهما سلطات الجوازات من دخول الطائرة بحجة أنه عليهما منع سفر. أخذوهم إلى غرفة خاصة، سحبوا منهما هاتفَيهما الجوّالَين، وأبلغهم الضابط بأمر المنع من السفر. وأيضًا من فترة وجيزة حاول أبي وأمي السّفر إلى البحرين برًا وجوًا، ولم ينجحا”.
وتابعت: “عام 2018، بعد اعتقال لُجين، تواصلنا مع السلطات السعودية لنستفسر عن سبب منع والديّ من السفر، لكنهم أنكروا كلّ شيء وأوقفوا التواصل معنا. حتى أمّي قصدَت أمن الدولة لتسألهم، لكن لم يستجيبوا بأي طريقة، ثم قصدَت الجوازات وظلّت تحاول الدخول ليومٍ كاملٍ، وأخيرًا أدخلوها فتأكّدت من وجود منع سفر، لكنها لم تحصل على ورقةٍ قانونيةٍ تُثبت وجود منع سفر عليها وعلى أهلي. موظّفٌ ما في الجوازات أخبرها بوجود منع السفر، لكنه لم يذكر السبب. أرسلنا الكثير من الفاكسات ومؤخرًا الإيميلات، لكننا لم نتلقّ أي جواب من السلطات”.
وواصلت: أعتقد أن قرارًا كهذا، خاصة أنه “غير رسمي”، لا علاقة له بالمحاكم والقضاء، بل هو مُقررٌ من قبل أمن الدولة حتمًا. هذه سياسةٌ ممنهجةٌ واضحةٌ تستعملها سلطات المملكة للضغط على عوائل النشطاء بهدف السيطرة عليهم وترهيبهم، وكذلك خوفًا من فقدان السيطرة على أفراد عائلات النشطاء والمعتقلين وتصرّفاتهم وأقوالهم.
يذكر أنه لسنواتٍ طويلة، استخدمَت السلطات السعودية منعَ السفر لقمع الأصوات المعارضة والمنتقدة، داخل البلاد وخارجها. ففي حملة الملاحقات في فندق ريتز كارلتون في نوفمبر 2017، فرضَت السلطات منع سفر على نحو 300 شخص، من بينهم أفراد من العائلة المالكة السعودية.
وفي أكتوبر 2021، أصدرَت مبادرة الحرية، وهي منظمةٌ حقوقيةٌ مقرّها الولايات المتحدة تناضل من أجل إطلاق سراح السجناء والسجينات المحتجزين ظلماً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تقريراً يوثق ما لا يقلّ عن 89 “شخصاً أميركياً” (مواطنين أمريكيين أو مقيمين دائمين وشرعيين) تم احتجازهم أو فُرض عليهم قرار منع سفرٍ في السعودية.