فاطمة خفاجي تكتب: نساء مصر والحوار الوطني
تتطلع نساء مصر بصفتهن نصف المجتمع إلى الاشتراك في الحوار الوطني لكي يعبّرن عن مشاكلهن ويطرحن من وجهة نظرهن مقترحاتهن لإصلاح التشريعات والسياسات والإجراءات التي تحد من حرياتهن وحصولهن علي الموارد والفرص المتاحة في المجتمع بطريقة تضمن تمتعهن بالمساواة الجندرية والنساء هن القادرات على التعبير عما يرونه ضروري لمواجهة احتياجاتهن والمشاكل الخاصة بهن مثل القضايا الخاصة بالصحة والحقوق الإنجابية ومثل الحاجة إلى وقف كافة أشكال العنف الممارس ضدهن بصفتهن نساء ومثل انتهاك حقوقهن في قوانين مثل الأحوال الشخصية ولا تنتهي هموم النساء وتطلعاتهن في القضايا الخاصة بهن كنساء فقط بل تمتد إلى ما يعانين منه نتيجة اللامساواة الجندرية في مجالات عدة.
وإذا نظرنا إلى اللامساواة الجندرية التي تواجهها النساء في مصر حسب التقديرات والمؤشرات الدولية المعترف بها نجد أنه طبقاً لمقياس الفجوة الجندرية للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022 الذي تشترك فيه مصر سنوياً فإن مصر يقع ترتيبها من حيث ارتفاع هذه الفجوة في ترتيب عال، حيث صنفت بأنها من أكثر الدول التي تتسم بالفجوة الواسعة بين الجنسين فقد صنفت الدولة 129 الأكثر انخفاضاً في سد هذه الفجوة من مجموع 146 دولة في هذا المقياس، فقد تأخرت عن 128 دولة أخرى في الحد من هذه الفجوة وقد سبقتها بلاد عدة في إفريقيا وفي أمريكا اللاتينية التي استطاعت أن تسد من هذه الفجوة الجندرية إلى حد ما واستطاع البعض منها القضاء عليها في بعض الأحيان وسبقت مصر أيضاً عدة دول عربية في هذا المقياس بالرغم من أن وضع نساء مصر كان أفضل من وضع النساء في هذه الدول سابقاً.
ويشير نفس المقياس إلى أن ترتيب مصر بين البلدان المختلفة من حيث مشاركة النساء في القوة العاملة هو أيضا ترتيب متدن حيث جاءت ترتيبها الدولة 143 من مجموع 146 دولة شملها المقياس من حيث ضعف مشاركة النساء في القوة العاملة هذا بينما تبلغ نسبة النساء العاملات في القطاع غير الرسمي حيث لا تتمتع النساء بتأمين صحي في أغلب الحالات ولا تأمينات اجتماعية 70 و66%.
وتؤكد مصادر أخرى لمؤشرات وضع النساء في مصر على أن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة تبلغ 3و21% ونسبة مشاركة الرجال هي فوق الـ70% وتبلغ نسبة البطالة بين النساء 51 و23% وتنخفض بين الرجال الي 64 و5%.
وتنخفض نسبة ملكية نساء مصر للأصول الاقتصادية أيضا ونسبتهن في الإدارة فالنساء اللاتي يمتلكن شركات مثلا هو 30 و2% فقط من مجموع الشركات وتعتلي النساء في مصر 30 و6% فقط من المناصب الإدارية العليا في مثل هذه الشركات.
أما الأمية فما يزال بمصر 11.5 مليون امرأة أمية وهناك نصف مثل هذا العدد أو أكثر قليلا أي 6 ملايين رجل أمي في مصر.
فلا نستطيع القول حقيقة أن المرأة تعيش في أزهى عصورها بالرغم من أن هناك نية وإرادة للنهوض بحال النساء في مصر ولكن ما زال هناك تشريعات وإجراءات تنفيذية كثيرة تعوق هذه الإرادة وربما بعض ما تعاني منه البلاد من زيادة سكانية وما تعاني منه الفتيات مثل الزواج المبكر وختان الاناث قد يكون أحد أسبابه العادات والتقاليد المتوارثة ولكن في الحقيقة أن الأسباب الجذرية تكمن في انتشار الفقر بين كثير من الأسر وخاصة الأسر الريفية حيث تفضل إنجاب كثير من الأطفال للزج بهم في العمل حتى ينفقوا على أسرهم ويتم أيضا تزويج القاصرات حتى لا تتحمل أسرهن الفقيرة الإنفاق عليهن.
ويرجع أيضا كثير مما تعاني منه النساء كالأمية المرتفعة وضعف مشاركة النساء في العمل الرسمي اللائق الذي يوفر الحماية إلى عدم توفر الفرص والموارد الكافية حتى تستطيع النساء أن تلتحق مثلا بالعمل الرسمي وخاصة في القطاع الخاص الذي ما زال يميز ضدهن كونهن أمهات أو زوجات وما زال يقع على عاتقهن المهام الإنجابية والرعاية الأسرية لجميع أفراد أسرهن.
مصر لا تستطيع أن تخطو إلى الأمام ونصف سكانها وهن النساء يعانين من الأمية ومن عدم حصولهن على العمل اللائق وعدم حصولهن على خدمات رعاية أطفالهن التي يجب أن تتحملها الدولة بشكل كاف ومتاح للجميع وأن يشارك الأزواج أيضا في أدوار الرعاية الأسرية كمسؤولية للطرفين.
ما زالت نساء مصر يعانين كثيراً من المشكلات في كلا من المجال الخاص والمجال العام. إن التقدم النسبي لمؤشرات المشاركة السياسية لنساء مصر حيث بلغت نسبة النساء في البرلمان 30 و13% وأصبح لدينا 8 وزيرات لم ينتج عنه حتلا الآن غلق فجوة اللامساواة الجندرية التي نتوقع من الحوار الوطني أن يضعها ضمن أولويات أجندته الوطنية.
منسقة الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني
نقلاً عن صحيفة الدستور.
Pingback: فاطمة خفاجي تكتب: نساء مصر والحوار الوطني – عنوان الموقع