“عين عبدالعال”.. أن تجرب النظر لمنصة البرلمان من مقعد “رئيس سابق” (تقرير)
كتب- محمود هاشم:
خرج رئيس مجلس النواب السابق والعضو بالمجلس الحالي علي عبدالعال من منزله، يتراءى أمام عينيه مشهد واحد إعلان فوزه بمنصب الرئيس للمرة الثانية، ارتدى ملابسه الرسمية وسلك طريقه إلى مقر البرلمان، وما أن وطأت قدماه القاعة الرئيسية لمعت عيناه مجددا بينما ينظر إلى المقعد الشاغر على المنصة، الذي طالما كان ضيفا معتادا عليه طول 5 سنوات سابقة.
ربما كان يهديء عبدالعال نفسه خلال الجلسة الافتتاحية للمجلس الجديد، بينما يرى أكبر الأعضاء سنا جالسا على كرسي الرئيس – بروتوكوليا – فما هي إلا دقائق معدودة حتى يعود إلى مقعده بين النواب، بينما ينتظر الرئيس السابق للمجلس أن يحل محله في كرسيه.
عين جانبية
تغير المشهد أمام عينيه، بعدما لمح نقاشات جانبية بين قيادات “القائمة الوطنية”، والتفافا “غير معهود” حول رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، المستشار حنفي الجبالي، دقائق معدودة استغرقها ليستوعب الأمر، حزب الأغلبية – مستقبل وطن – وأنصاره استقروا على تزكية الجبالي رئيسا جديدا للمجلس، واستبعدوه من المعادلة.
حلف عبدالعال اليمين الدستورية، جالسا في الصف الأخير بجوار باب رئيس المجلس، قبل أن يغادر قبة البرلمان دون عودة حتى الآن، وأمام أمام عينيه – في لحظة انسحابه – المقعد الذي لم يتخيل أنه لن يجلس عليه مجددا – وبينما أدار ظهره مغادرا لمعت عينيه لمعة حزينة فيما كانت تتلألآن في وقت سابق، وكان آخر عهدهما بالدموع، يوم فرحه بفوزه بالمنصب للمرة الأولى.
عين على القادم
احتجب.عبدالعال في منزله منذ ذلك الحين، بينما يتراءى أمام عينيه مشهد افتراضي مغاير – ربما كان دافعا لقراره الغياب عن جلسات المجلس – كيف سيتصرف إذا احتد عليه رئيس المجلس الجديد أو قاطعه، كما اعتاد مقاطعة نواب “25/30” في جلسات سابقة وتهديدهم باستبعادهم من المجلس؟ ماذا إن تم طرده من القاعة أمام النواب الذين اعتاد فعل الشيء نفسه ضدهم؟ كيف ستختلط مشاعره، حينما يرسل إليه الرئيس الجديد للمجلس قبلة، كقبلته الشهيرة التي أرسلها للنواب في المجلس الفائت؟
مشهد الانسحاب– الذي بدأ كأنه مقاطعة ضمنية اعتراضا على تهميش دوره في المجلس الجديد – كان المحور الأبرز للنقاشات الجانبية بين أعضاء البرلمان، إلى أن كشف النائب مصطفى بكري بعضا من تفاصيله.
عبدالعال، الذي قضى 5 سنوات على رأس البرلمان السابق، يدير الجلسات ويوجه النواب جالسا على كرسيه الكاشف لقاعة البرلمان على اتساعها، يعطي الكلمة لبعضهم ويمنعها عن آخرين، وجد نفسه الآن في مقاعدهم، بل قد يواجه مصيرا أسوأ حال إسقاط عضويته كما طالب عدد من النواب.
عين أخرى
وجهات نظر متباينة مع حزب مستقبل وطن كان وراء استبعاده، بعدما دخل البرلمان “مرحلة جديدة” تغيرت فيها 80% من الوجوه السابقة، وجعلت البعض يرى ضرورة تغييره، ليفضل عدم حضور الجلسات في هذا التوقيت لتأثره نفسيا”، بحسب بكري.
“أنت لا ترضى لي أنني كنت رئيس برلمان والآن أصبح مجرد نائب، سيبني شوية”، كانت هذه رسالة عبدالعال لبكري في أثناء زيارة الأخير له في منزله، كشف عنها بكري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الاثنين،
وتراجع بكري عن تصريحاته بشأن دور “مستقبل وطن” في استبعاد عبدالعال، قائلا: “الحزب لم يكن يوما عدائيا ضد الرئيس السابق للمجلس، وأكن لقياداته كل احترام لدورهم الاجتماعي والسياسي، كما أن شقيقي عضو في مجلس الشيوخ عن حزب مستقبل وطن هتكلم أقول إيه”.
تصريحات بكري في المجلس، جاءت بعد هجوم شديد من نواب الحزب ضده بسبب تصريحاته السابقة، حيث أصر زعيم الأغلبية النيابية أِشرف رشاد، في كلمته خلال الجلسة العامة على أن “النواب جاؤوا بإرادة حرة”، نافيا وجود أي تنسيقات لاستبعاد الرئيس السابق للبرلمان.
وأضاف: “كل ما ما حدث بين الحزب وعبدالعال، كان سببه الاعتراض على مخالفته الائحة في إدلائه برأيه من فوق المنصة، وهذا أمر غير مقبول”.
عيون الغضب
رئيس حزب العدل عبدالمنعم إمام، أيضا دخل على خط الهجوم على عبدالعال، مطالبا بتطبيق لائحة الغياب دون إذن عليه، قائلا إن رئيس المجلس السابق لديه حرية الاختيار بين حضور الجلسات أو أن يترك مكانه ليحل آخر مكانه.
وتابع: “عبدالعال لم يترشح لرئاسة المجلس الحالي من الأساس، لذا لابد من اتخاذ إجراء ضده وتصعيد غيره داخل القائمة أو إجراء انتخابات على مقعده”.
لائحة المجلس، حددت مصير عبدالعال في هذه الحالية، حيث نصت المادة ٣٦٢ على أنه “يجب على العضو الذي يطرأ ما يستوجب غيابه عن إحدى جلسات المجلس، أو اجتماعات لجانه، أن يخطر رئيس المجلس، أو رئيس اللجنة، حسب الأحوال، كتابةً بذلك، ولا يجوز أن يتغيب أكثر من 3 أيام جلسات في الشهر، إلا إذا حصل على إجازة أو إذن من المجلس لأسباب تبرر ذلك”.
كما لا يجوز للنائب طلب الإجازة لمدة غير معينة، وللرئيس في حالة الضرورة العاجلة أن يرخص بالإجازة للعضو، ويخطر المجلس بذلك في أول جلسة، لكن إذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن، أو لم يحضر بعد مضي المدة المرخص له فيها، اعتبر متغيبًا دون إذن ويسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب.
لكن التغيب عن حضور الجلسات لا يمكن الاعتماد عليه لإسقاط عضويته، فطبقا للائحة يستوجب إسقاط عضوية النائب التصويت على القرار بموافقة ثلثي أعضاء المجلس، في حالات محددة طبقًا لقانون مجلس النواب.
حصل عبدالعال على مقعده في مجلس النواب بعد دخوله على أس القائمة الوطنية من أجل مصر عن شمال ووسط وجنوب الصعيد، والتي يقودها “مستقبل وطن”، وبديله في القائمة الاحتياطية هو ابن شقيقه، أشرف ربيع عبدالعال.
عين على الماضي
وعلق النائب السابق ورئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، على الأزمة المثارة بشـأن رئيس مجلس النواب السابق والعضو في المجلس الحالي علي عبدالعال، بعد الانتقادات الموجهة له لعدم حضوره جلسات المجلس بعد استبعاده من سباق الترشح على رئاسة المجلس.
وقال السادات، عبر صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”: “التحية والتقدير للمستشار سرى صيام، عندما شعر المستشار الجليل منذ بداية عقد جلسات مجلس النواب الماضي أنه لن يستطيع التعاون وقبول تصرفات معينة مع إدارة المجلس، احترم نفسه وتاريخه القضائي الرفيع وتقدم باستقالته رغم أنه معين من رئيس الجمهورية ولم يجد في ذلك حرجا”.
وأضاف: “ماذا أنت فاعل يا موسوعة القانون وبحر المعرفة، هل الامتناع عن الحضور هو الحل؟ أم الخروج بإرادتك للحفاظ على ماء الوجه هو السبيل الوحيد منعاً لتطبيق اللائحة وإسقاط عضويتك لعدم حضور الجلسات؟”.
رئيس محكمة النقض الأسبق المستشار سري صيام، أعلن استقالته من مجلس النواب السابق بعد شهر واحد من بدء الجلسات، بعد عدم انتخابه لرئاسة المجلس أو اللجنة الدستورية والتشريعية، واختيار عبدالعال بدلا منه، بعد “شعوره بالتهميش المتعمد” بحسب وصفه.
أسئلة كثيرة تدور حول مصير عبدالعال بعد غيابه عن جلسات البرلمان، لكن السؤال الأكبر الذي يدور في ذهنه حال انتهاء الأزمة بعودته مجددا، هو كيف ستعتاد عيناه على “المشهد العكسي” بالنظر من أسفل إلى أعلى من كرسي العضو، عكس ما اعتادت خلال 5 سنوات سابقة.