عماد أديب في مقال جديد: الآتي سوف يسير من سيء إلى أسوأ.. ضغوط قاسية على اقتصادات عربية من بينها مصر.. يا ويلنا من الشهور المقبلة
أديب: الجميع يعاني ولا يوجد لدى أحد أدنى قدرة على التدخّل لإنقاذ الآخر أو إعطاء البشرية قبلة الحياة
كتب – أحمد سلامة
نشر الكاتب والإعلامي عماد الدين أديب مقالا جديدًا قال فيه إنه لا يستطيع التنبؤ بمستقبل جيد خلال الفترة القادمة، مضيفًا أنه كان يتمنى أن يبشر قراءه بالشهور الباقية من العام الجاري والعام الميلادي المقبل “لكن عذرًا، الآتي سوف يسير من سيئ إلى أسوأ”، حسب نص مقاله.
وتحت عنوان “بدايات متفجّرة للعام 2023!” استعرض أديب الأوضاع الدولية والإقليمية الملتهبة، واصفًا العالم حاليًا بأنه مأزوم اقتصاديًا ومتوتر أمنيًا ومرتبك سياسيًا ومتصارع مجنون استراتيجيا بسبب تصارع القوى ومناطق النفوذ.. إضافة إلى قضايا أخرى ملتهبة مثل شُح المياه وارتفاع الركود التضخمي وكذلك معاناة الولايات المتحدة واضطرابها استراتيجيًا.
وقال أديب في مقاله “هذه المرّة الجميع يعاني ولا يوجد لدى أحد أدنى قدرة على التدخّل لإنقاذ الآخر أو إعطاء البشرية قبلة الحياة”.. موضحًا “دول كثيرة كانت تعتمد على الدعم الإقليمي أو الدولي أو على دعم المؤسّسات الدولية مثل صندوق النقد أو البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الإفريقي أو البنك الإسلامي، ذلك كلّه لم يعُد سهلاً أو متاحاً لأنّ سقف وملاءة هذه المؤسّسات الماليّة لا يستطيعان تغطية الحجم الأسطوري من الاحتياجات الكونيّة دفعة واحدة”.
وأضاف “من هنا نتوقّع انهيارات اقتصادية كبرى تؤدّي إلى قلاقل اجتماعية عنيفة تنجم عنها فوضى أمنيّة غير مسبوقة.. من هنا ركّزوا أبصاركم على الضغوطات القاسية للغاية على اقتصادات السودان واليمن وسوريا ولبنان ومصر وتونس وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش والأردن والصومال وجيبوتي”.
وأردف “الأزمة الأخطر أنّ بعض الدول التي تمتلك فوائض نقدية ستقف عاجزة عن استخدام فوائضها إزاء شحّ وندرة الإنتاج العالمي من الغاز والكهرباء والحبوب والأسمدة والموادّ الأساسية”.
ونبه أديب إلى أن “الأصعب من ذلك أنّ عالم الخروج من الأزمات عبر اختلاق الحروب والغزو العسكري بهدف نهب الموارد أصبح صعباً للغاية بسبب تعقيدات النظام الدولي وعدم وجود قوى قادرة على أو راغبة في دفع فاتورة تكاليف حروب قد نعرف متى تبدأ ولا نعرف متى تنتهي”.. مختتمًا “يا ويلنا من الشهور المقبلة!”.
وكان أديب قد تعرض لانتقادات حادة بسبب مقاله “14 سببًا لسقوط الأنظمة”، فقد شن عددٌ من الكُتّاب والصحفيين والإعلاميين حربًا على المقال وعلى كاتبه متهمينه بالابتعاد عن الموضوعية والحياد، ومطالبينه بالعودة إلى صفوف مؤيدي النظام وعدم التغريد بعيدًا عنهم.
وقال الكاتب الصحفي مصطفى بكري عضو مجلس النواب، إن مقال عماد الدين أديب نُشر يوم 14 أغسطس ولكن لم يلفت الانتباه إلا بعد طنطنة جماعة الإخوان في وسائل إعلامها، واصفة إياه بأنه كاشف للأوضاع.
وأضاف بكري، خلال مداخلة مع برنامج “بالورقة والقلم” للإعلامي نشأت الديهي، أن هذا ليس هو المقال الأول للكاتب عماد الدين أديب فله مقال نُشر في شهر يونيو منسوبًا له حذر فيه وأشار إلى ما أسماه بالفوضى التي يمكن أن تعم البلاد وأن المصريين لن يجدوا أمامهم من سبيل سوى الهجرة عبر البحر الأحمر أو البحر المتوسط.
وتابع “أنا تساءلت، لماذا يكتب أديب بهذه اللغة التشاؤمية وكأنه عارف ببواطن الأمور، وكأنه يريد أن يقول للعالم والمستثمرين أن مصر على وشك فوضى كبرى عارمة يمكن أن تأكل الأخضر واليابس.. هذه الروح التشاؤمية أثارت قلقي.وأردف “الأمر الثاني أن هذا المقال الذي عدّد فيه أسباب الأنظمة لا يقل تشاؤمًا عن المقال السابق وربما يفسر كل وفق رؤيته، لكنها في كل الأحوال أسباب ليست مبنية على معلومات، ولا على أرقام، ولا توقعات موضوعية، وإنما هي يمكن أن تطبق في كل زمان ومكان.. كنت أتمنى من الكاتب عماد الدين أديب أن يتطرق إلى الحالة في مصر أو في أي بلد يقصده بشكل موضوعي كأن يقول إن الاقتصاد في طريقه للانهيار والأسباب هي كذا وكذا وكذا أو يقول أن هناك انسدادًا سياسيا أسبابه كذا وكذا، ولكنه أدخلنا في نفق مظلم وتحدث بلغة العموميات ثم اختتم بأنه يحذر من سقوط أنظمة على حد أقصى خلال منتصف العام المقبل”.
واستكمل “نعم نحن لدينا أزمة اقتصادية طاحنة ونعم لدينا ظروفنا الصعبة، ونعم لدينا إحساس لدى كثير من الفئات الاجتماعية بغلاء الأسعار، ولكن لماذا الآن؟ هل هو محاولة لتصوير الأمر على غير حقيقته، أم هي محاولة لشيطنة الواقع المصري؟ هل هي محاولة لبث اليأس في النفوس؟”.واسترسل “لاحظ معي أنه تحدث في مقدمة مقاله عن أن الأنظمة الملكية والدينية والثورية والملكية والجمهورية والرجعية كلها ذات خلفية عسكرية، وكأنه يريد أن يقول إنه عندما تكون الجيوش في سُدة الحكومة تكون الأمور شديدة السوء.. طيب يا أستاذ عماد أنت للمرة الثانية تبعث برسالة للناس الموجوعين من الأوضاع الصعبة بأن هذا الوجع سيسفر عن فوضى، وهذا غير منضبط لأن الشعب المصري دوما ما كان يرفض الفوضى”.
وأضاف “كنا شبه دولة بعد الفوضى التي تلت 2011 ونحن الآن في طريقنا لبناء الدولة الحديثة، الدولة التي تسعى لتحقيق الإنجاز.. نعم نعاني من مشاكل اقتصادية جمة لا أحد ينكر، لكننا أمام واقع مختلف”.من جهته قال الإعلامي نشأت الديهي، إن الاقتصاد المصري يسير في الوضع الصحيح، ولا يوجد خوف على الدولة المصرية من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، طالما تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها.
وتابع الديهي، مساء الأحد، أن محاولة خفض الروح المعنوية للأمة من خلال نشر الأحاديث السلبية أمرًا لا يمكن السكوت أمامه، مضيفًا أن مجلة الفورين بولسي الأمريكي توقعت حدوث أزمة في مصر بدون أي أدلة علمية أو عملية، مشيرًا إلى أن هذه المجلة تحدثت عن هذا الأمر في عام 2015، ولم يحدث شيئًا.
واستكمل “أنا حزين يا أستاذ عماد من كل قلبي، وأستشعر أن هذا الود الذي كنت أكنه لك ولأفكارك، حزين لكل هذا وأرى أن هذا المقال بكل هذه الإسقاطات مقالات حزينًا، ولا يمكن أن ينسى الشعب المصري ماذا فعل الرئيس السيسي من أجل مصر، كل الشعب المصري كان بينتقد المشير السيسي حينما تباطئ في الإعلان عن ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، اللي اتعمل في مصر يا مصريين خلال 8 سنين لا يمكن لعاقل أن يتصوره، لا يمكن لمخطط استراتيجي يقبل أن يتم عمله في 8 سنوات فقط، أوعوا تنسوا يا مصريين اللي اتعمل في مصر، ربنا ساترها معانا علشان الراجل دا مخلص”.
وأضاف “أخطر شئ عندما يخطئ العقلاء، وأرى أن عماد الدين أديب أخطأ، وإن كان المقال عن السقوط فهو ليس عن سقوط الأنظمة وإنما سقوط كاتب، حزين لأني كنت أحب الأستاذ عماد وأثق في أفكاره.. هذا فراق بيني وبينك”.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي وعضو مجلس الشيوخ محمود مسلم إن “حزين أن أقرأ هذا المقال المذيل باسم الكاتب عماد الدين أديب، ولا أتصور أنه كتب هذه الكلمات الصعبة على كل مصري، وأكبر حزني أن يتم الاحتفاء بمقاله في مواقع الإخوان وعلى صفحات السوشيال ميديا لأفراد هذه الجماعة”.
وتابع “في مقال عماد أديب أمور كان الشعب المصري تعود عليها من آخرين لكن الجديد أن هذا الحديث يأتي هذه المرة من شخص طالما دافع عن هذا النظام وطالما دافع عن ثورة 30 يونيو، وأنا أعتقد أن لسان حال الدولة المصرية (اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيلٌ بهم).. النظام فتح الآفاق للناس لتقدم رؤاها من خلال الحوار الوطني”.
واستكمل “قد يكون المقال مقدمه لإثناء الرئيس المُخلص والمُخلّص عبدالفتاح السيسي عن الترشح لدورة رئاسية جديدة، وهذا الأمر تكرر في 2014 و 2018.. لكن الجديد أنها تأتي من أحد الذين آمنوا بثورة 30 يونيو وآمنوا بهذا النظام”.
وتأتي تصريحات بكري والديهي ومسلم، واتهامهم لـ أديب بالحديث عن النظام المصري، في وقت لم يتحدث فيه أديب نفسه عن مصر ولم يُسمِ اسم أي حاكم في المنطقة وإنما كان مقاله أقرب إلى التحذير العام من خطر قد يتحقق في موعد أقصاه منتصف العام المقبل.
وفي مقاله أعرب الكاتب والإعلامي عماد الدين أديب عن تخوفه من سقوط بعض الأنظمة العربية خلال فترة تصل حتى منتصف العام المقبل، مشددًا على أن ذلك أمر محتمل إذا ما توافرت عدة أسباب واجتمعت لتجعل بعض الأنظمة في مهب الرياح.وفي مقال تحت عنوان “14 سببًا لسقوط الحكّام والأنظمة!”، تساءل عماد الدين أديب “ما هي آفة الحكّام العرب؟ ولماذا تسقط أنظمتهم بشكل تراجيدي؟ ولماذا لا ينتقل الحكم سلميّاً بدون أن يتمّ ذلك بأكلاف باهظة في المال والأرواح؟ يبدو وكأنّ هناك فرقاً زمنياً بين عصور الإصلاح السياسي في أوروبا وزمننا الحالي.
في أوروبا أدركهم الإصلاح السياسي منذ أكثر من 300 عام، فيما نحن نجلس في محطة قطار الإصلاح ننتظر رحلة قطار موعود لم يأتِ حتى الآن.. أهمّ ما في دراسة التاريخ هي خُلاصات دروسها المُستقاة بعد خبرة التعلّم والفهم لأسباب صعود وسقوط الأنظمة والأمم”.
وأضاف أديب “إنّ التحليل العلمي المحايد البعيد عن الأدلجة السياسية يمكن أن يعطينا إجابة واضحة عن أسباب سقوط الأنظمة العربية المعاصرة.. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبدء مرحلة نيل دول المنطقة استقلالها ظهرت عدّة أنظمة: ملكية، جمهورية، ثورية، محافظة، علمانية، دينية، مدنية، لكن كلّها عسكرية.
وعلى الرغم من اختلافاتها، تجتمع في معادلة واحدة، هي عناصر بقاء ونجاح النظام أو فشله ورحيله.. وكما يُقال في برامج الطهو، كيف ننجح أو نفشل في إعداد كعكة الشوكولاتة، فنحن اليوم نسأل كيف تسقط أنظمة الحكم في عالمنا العربي المعاصر؟”.
وعدّد أديب أسباب سقوط الأنظمة والتي جاءت في 14 سببًا حسب مقاله أبرزها: فساد الحاكم، تغاضيه عن فساد الحلقة الضيقة القريبة منه، الاعتماد على الثقات رغم ضعف كفاءتهم، تحول الرجال الثقة إلى خدمة مصالحهم، استقواء بعض رجال السلطة وتضحيتهم بالحاكم للإبقاء على مصالحهم، ارتباط بعض عناصر الحكم بعلاقة عمالة مع قوى إقليمية أو دولية للاستقواء بها في معادلة اختطاف الحكم، صراع الأجهزة، انصراف أجهزة الدولة إلى الانشغال بتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة الوطن من خلال السمسرة والعمولات والرشى، عدم اهتمام فريق الجهاز الحكومي بشؤون الدولة وانصرافه إلى تصفية بعضه البعض.
واستكمل أديب “شعور بعض التيارات أو القوى بعدم أحقّيّة الحاكم في الحكم، تعرّض بعض الحكّام إنسانيّاً لضغوط عاطفية من أفراد عائلتهم تجعلهم يضعونهم في مناصب لا يستحقّونها وغير مؤهّلين لإدارتها وتحمّل مسؤوليّاتها الصعبة، حاكم يجهل ما يُرضي شعبه وما يغضبه، حاكم يعطي امتيازاً خاصاً استثنائياً لجهاز سيادي أو طبقة أو طائفة أو منطقة حيوية مفضّلاً أحدها على الآخر، حاكم لا يتابع مدى التزام جهازه التنفيذي بأوامره وقراراته الرئيسية”.
وأردف أديب “إن أخطر ما يمكن أن يقع فيه الحاكم هو ألّا يُحسن اختيار فريقه الأساسي، وألّا يتعامل مع أعضائه بناءً على مدى التزامهم بالإنجاز بل على أساس عبارات المديح والولاء الفارغة، سقط حكّام كبار بسبب هذه الخطيئة بدءاً من يوليوس قيصر إلى هولاكو ثم إلى حكّام الدولة العبّاسية، كلّ الأسباب السابقة تزداد خطورتها وتصبح معها الأنظمة في مهبّ الرياح إذا ما توافرت وأجتمعت في عالم مرتبك فوضويّ مثل عالم اليوم.. لذلك كلّه، وتذكّروا كلامي، يا خوفي الشديد على كثير من أنظمتنا وشعوبنا من الآن حتى منتصف العام المقبل حينما تصبح لقمة العيش وسوء الخدمات واستحالة الحياة اليومية هي وقود اضطرابات اجتماعية مدمّرة”.
وكانت مؤسسات اقتصادية كبرى وخبراء قد حذروا من سقوط مصر في مصير مشابه لمصير سيرلانكا بعد أن خرج الشعب في تظاهرات عارمة أطاحت بالرئيس ومعاونيه.
وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن نحو 20 دولة من البلدان النامية مهددة بمصير مشابه لما حدث في سريلانكا بسبب المشاكل الاقتصادية والديون المتراكمة، من بينها دول عربية وإسلامية، مشيرة إلى أن قائمة الدول التي تبدو معرضة للخطر طويلة ومتنوعة، وتضم أكثر من 20 دولة من البلدان ذات الأسواق الناشئة المثقلة بالديون وتجد نفسها مضطرة للاختيار بين الدفع للدائنين أو توفير الغذاء والوقود لشعوبها.
وقالت إن من بين تلك الدول مصر وتونس وباكستان وغانا، وإن الدول الأربعة تجري الآن مباحثات مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ اقتصادها.وأشار تقرير الصحيفة إلى أن العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تعاني بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الذي بدأ مع تفشي جائحة كورونا ثم تفاقم خلال الحرب في أوكرانيا.