عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق يكتب عن رحيل المؤرخ قاسم عبده قاسم: ذكرك حاضر دائمًا بأعمالك وتلاميذك ومحبيك
نعى الدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة الأسبق، المؤرخ قاسم عبده قاسم، الذي غيبه الموت بالأمس، ووجه له رسالة قائلا: “ذكرك حاضر دائما بأعمالك وتلاميذك ومحبيك”.
وقال أبو غازي في تدوينة له، إنه عرف الراحل منذ 50عامًا، وإن الصلة لم تنقطع خلال تلك المدة، مضيفا: “جمعتنا نشاطات عامة في العمل السياسي، وأنشطة في الجمعية التاريخية، وتعلمت من كتبه ودراساته المتميزة في تاريخ المماليك، ومن كتاباته في مجال التراث الشعبي والأدب، وأعماله المهمة في الربط بين التاريح والأدب والفلكلور”.
وإلى نص ما كتبه د. عماد أبو غازي:
ويتوالى رحيل الأحبة، فقدت اليوم صديق آخر من أصدقاء العمر، صديقي وأستاذي قاسم عبده قاسم، عرفته من حوالي 50 سنة كنت طالب في قسم التاريخ وكان يعد رسالته للدكتوراه، ومن يومها لم تنقطع الصلة، جمعتنا نشاطات عامة في العمل السياسي، وأنشطة في الجمعية التاريخية، وتعلمت من كتبه ودراساته المتميزة في تاريخ المماليك، ومن كتاباته في مجال التراث الشعبي والأدب، وأعماله المهمة في الربط بين التاريح والأدب والفلكلور، ومن ترجماته المتعددة، وفي سنة 1995 كان واحد من أعضاء لجنة مناقشتي في رسالتي للدكتوراه، واستمرت العلاقة إلى أسابيع قليلة مضت لما تواصلنا تليفونيا على أمل لقاء بعد أن تنزاح الكورونا، لكن لم يمهلنا القدر.
ده اللي كتبت عنه في دراسة نشرت مؤخرًا عن الدراسات العربية الحديثة عن عصر المماليك، باعتباره واحد من أبرز 3 رواد في الدراسات المملوكية كل واحد منهم كان رائد في جيله، وجمع بينهم إن كل واحد كان تلميذ للي قبله: محمد مصطفى زيادة وسعيد عبد الفتاح عاشور وقاسم عبد قاسم؛ كان نفسي يقراها منشورة:
” أما قاسم عبده قاسم الذي يعد الرائد الثالث في مجال الدراسات المملوكية، ومؤسس مدرسة أكاديمية جديدة في جامعة الزقازيق منذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت خلال سنوات قليلة المدرسة الأهم في الدراسات المملوكية في مصر، فهو من أبرز تلاميذ سعيد عبد الفتاح عاشور، وقد اتجه إلى مواصلة الدراسة في التاريخ الاجتماعي لعصر المماليك مثل أستاذه، وأضاف بعدًا جديدًا للدراسات التاريخية عن عصر المماليك من خلال ربطه بين التاريخ والأنواع الأدبية، واهتمامه بدراسة التراث الشعبي واعتماده مصدرًا للدراسات التاريخية، وقد نشر قاسم عبده قاسم أكثر من ثمانين بحثًا وخمسة وعشرين كتابًا مؤلفًا منذ عام 1976؛ ومن أهم أعماله دراسته للماجستير، عن النيل في عصر المماليك، وقد صدرت في كتاب بعنوان: النيل والمجتمع في عصر سلاطين المماليك، ودراسته للدكتوراه عن أهل الذمة في مصر العصور الوسطى، وقد صدرت في كتاب بنفس العنوان، وقد نشرتا فيما بعد وأعيد طبعهما أكثر من مرة، وقد أصدر فيما بعد دراسة مستقلة عن اليهود في مصر منذ الفتح العربي حتى الغزو العثماني، كما قدم بحثًا عن أوضاع المسيحين في مصر في عصر سلاطين المماليك.
وقد اتخذت دراسات قاسم عدة اتجاهات؛ أولها دراسات التاريخ الاجتماعي والاقتصادي لعصر المماليك، وقدم فيها بالإضافة للدراسات السابقة، كتابه دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي – عصر سلاطين المماليك، وأبحاثه عن أسواق القاهرة في عصر سلاطين المماليك (1976)، والمجاعات والأوبئة في مصر زمن سلاطين المماليك (1983)، والحرف والصناعات المرتبطة بالحياة اليومية في مصر – عصر سلاطين المماليك (1988)، ووثائق دير سانت كاترين مصدرًا للتاريخ الاجتماعي (1999).
أما الاتجاه الثاني في دراسته والذي يعد رائدًا فيه في مجال دراسات تاريخ المماليك، فكان دراسة الأدب والتراث الشعبي كمدخل لدراسة التاريخ؛ ومن أهم دراسته في هذا المجال: كتابيه بين الأدب والتاريخ، وبين التاريخ والفلكلور، وأبحاثه السيرة الشعبية مصدرًا لدراسة التاريخ الاجتماعي (1986)، الشخصيات التاريخية في سيرة الظاهر بيبرس (1986)، والأدب الشعبي وسيلة لدراسة التاريخ الثقافي (1988)، الموروث الشعبي والدراسات التاريخية – خطط المقريزي دراسة تطبيقية (1994)، وشجر الدر بين السيرة الشعبية والتاريخ (1999)، الرواية والتاريخ تفاضل أم تكامل؟ (2005) والرواية والتاريخ – زمن الازدهار (2009).
أما الاتجاه الثالث فدراسته حول التاريخ السياسي لعصر المماليك، وأهمها كتبه المرجعية: الأيوبيون المماليك بالاشتراك مع علي السيد، وعصر سلاطين المماليك – التاريخ السياسي والاجتماعي، في تاريخ الأيوبيين والمماليك، كذلك دراسته عن الملك المظفر سيف الدين قطز، وأبحاثه عن القدس في عصر سلاطين المماليك (1990)، والصراع حول مصر في أثناء الحروب الصليبية (2001)، ومفهوم السلطة في عصر سلاطين المماليك (2002).
كما اهتم بدراسة علاقات مصر المملوكية بالعالم في بحثين؛ الأول عن مصر وعالم البحر الأحمر في عصر الجراكسة (1978)، والثاني حول علاقات مصر والحبشة في عصر سلاطين المماليك (1987)، وفي التاريخ الثقافي كتب عن فكرة التاريخ عند شمس الدين السخاوي (1980)، وعن الثقافة والعلوم في عصر سلاطين المماليك (1996).
وقد اهتم قاسم عبده قاسم بترجمة عدد من الدراسات الغربية المهمة عن الحروب الصليبية وتاريخ العصور الوسطى ومناهج البحث في التاريخ، من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية ليسهم في تطوير قدرات الباحثين واطلاعهم على كل جديد.
وبالإضافة إلى إسهامه في تخريج المتخصصين في الدراسات المملوكية في مصر وخارجها، وفي تطوير الدراسة في أقسام التاريخ عدد من الجامعات العربية خارج مصر، كما أشرف على رسائل للماجستير والدكتوراه في تخصص تاريخ المماليك فيها، وتخرج من بين أيديه عدد من الباحثين في عدد من البلدان العربية.
وقد فتح قاسم عبده قاسم المجال أمام الباحثين في حقل الدراسات التاريخية لاستخدام الأعمال الأدبية ونصوص التراث الشعبي كمصادر للدراسة التاريخية، وقد سار بعد طلابه على هذا النهج ومنهم عمر عبد العزيز منير الذي وجه جزء من جهوده البحثية لدراسات المورثات الشعبية واستخدامها مصدرًا للدراسة التاريخية، منها: تحقيقه ودراسته لكتاب طيف الخيال، كتبه عن مصر والنيل بين التاريخ والفولكلور، والقدس في الأساطير العربية دراسة في كتابات المؤرخين المسلمين في القرنين السادس والسابع الهجريين / الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.”
السلام لروحك الطيبة يا صديقي وأستاذي، ذكرك حاضر دائما بأعمالك وتلاميذك ومحبيك.