عبد المجيد المهيلمي يكتب: وثيقة سياسة ملكية الدولة.. والاختلالات الاقتصادية
تشير الوثيقة إلى أن ما سمي برنامج الإصلاح الاقتصادي المكرس لاحتواء الاختلالات الاقتصادية في المرحلة الأولى 2016-2019 قد حقق مكتسبات اقتصادية قومية يتم البناء عليها في المرحلة الثانية التي تم إطلاقها في أبريل من عام 2021. وهذا التقييم يشكل نوعا من خداع الذات، فأين هي المكتسبات الاقتصادية القومية التي حققها ذلك البرنامج؟! إن البيانات الرسمية نفسها تشير إلى أن الديون الخارجية ارتفعت من 55,8 مليار دولار في يونيو 2016، إلى 108,7 مليار دولار في يونيو 2019. وارتفعت الديون الدخلية من 2621 مليار جنيه في يونيو 2016 إلى 4282 مليار جنيه في يونيو 2019.
وإذا كان هدف أي إصلاح اقتصادي هو تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، فإن البيانات الرسمية بشأن معدلات الفقر في مصر تشير إلى ارتفاع معدل الفقر أو نسبة الفقراء من إجمالي عدد السكان في مصر من 27,8% عام 2015 إلى نحو 32,5% من عدد السكان في العام 2017/2018. كما بلغت نسبة الفقراء فقرًا مدقعًا نحو 6,2% من إجمالي عدد السكان في العام المالي 2017/2018، مقارنة بنحو 5,3% عام 2015، ونحو 4,4% عام 2012/2013. (راجع: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أهم مؤشرات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك من 1 أكتوبر 2017 حتى 30 سبتمبر 2018 (كتاب مؤشرات الدخل)، القاهرة مايو 2019، صـ 77، 78).
ووفقًا للبيانات الرسمية تعرضت المحافظات الحضرية (القاهرة والإسكندرية وبورسعىد والسويس) للتفاقم الأسوأ لمعدلات الفقر وفقًا للبيانات الرسمية حيث ارتفع معدل الفقر فيها من 15,1% عام 2015 ليبلغ 26,7% من عدد سكان تلك المحافظات عام 2017/2018.
وتلك المحافظات الحضرية وبعض المدن الكبرى من عواصم المحافظات في الوجه البحري كانت هي القوة الرئيسية في ثورة 25 يناير 2011. وبعد التعويم ورفع أسعار الكهرباء ومواد الوقود وكل السلع والخدمات، تعرضت الطبقًات الفقيرة والمتوسطة في المحافظات الحضرية لظروف ساهمت في تفاقم الفقر بشكل سريع على النحو الذي تفصح عنه البيانات الرسمية، حيث أن سكان تلك المحافظات يعتمدون على شراء السلع والخدمات من السوق بصورة كلية تقريبًا، بينما يمكن لسكان محافظات الوجهين البحري والقبلي وبالذات في الريف أن يسدوا جزءًا من احتياجاتهم من السلع الغذائية من خلال إنتاجهم الذاتي مما يخفف ولو بدرجة محدودة من وطأة سياسات التعويم ورفع الأسعار على مستويات معيشتهم.
فكيف والحال هكذا وفقا للبيانات الرسمية تدعي الوثيقة أن هناك مكتسبات اقتصادية قومية تحققت ويمكن البناء عليها؟!