عبد المجيد المهيلمي يكتب: سعادة ورخاء المصريين في عصر السيسي
بمناسبة حلول العام الجديد، أرسل رئيس مجلس النواب برقية تهنئة إلى فخامة الرئيس، جاء فيها: “يطيب لي أن أبعث إليكم – فخامة الرئيس – باسمي وباسم نواب الشعب خالص التهاني وأسمى الأمنيات بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد، أعاده الله عليكم وعلى مصرنا الحبيبة، وقد ارتقى شعبها أعلى مراتب السعادة والرخاء”.
لنتعرف على حجم ومدى سعادة ورخاء المصريين منذ تولى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه في 3 يونيو 2014، احيلكم إلى تقرير السعادة العالمي ومؤشر الرخاء العالمي، اللذين يحددان بمعايير علمية بحتة مركز مصر بين دول العالم.
تقرير السعادة العالمي هو مقياس للسعادة تنشره سنويًا، منذ عام 2012، شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.
ويقوم على مبدأين رئيسيين هما:
1) تحديد العناصر الرئيسية التي تحدد الرفاه وتقييم الحياة عبر البلدان.
2) السعادة (أو تقييم الحياة) تقاس من خلال استطلاعات الرأي.
ويصنف التقرير عادة 150 دولة (أكثر أو أقل قليلًا) بناء على عدد من المتغيرات، أهمها: الدعم الاجتماعي الحقيقي، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وحرية اختيار الأفراد لمعيشتهم، ومتوسط العمر الصحي المتوقع، ومدركات الفساد، وسخاء الدولة على مواطنيها.
وقد صدر تقرير السعادة العالمي لعام 2022 في 18 مارس 2022 في الذكرى العاشرة لتكوينه. والتقرير يستخدم بيانات المسح العالمي لرصد كيفية تقييم الناس لمعيشتهم، وذلك إلى جانب المعايير الاقتصادية والاجتماعية. واستندت تصنيفات عام 2022 إلى متوسط البيانات في السنوات 2019 إلى 2021. وقد شمل التقرير 146 دولة، جاءت مصر في المركز 129. وكانت قد احتلت فيما قبل المركز 104 من ضمن 152 دولة عام 2017، والمركز 122 من ضمن 156 دولة عام 2018، أي أن مصر تراجعت 25 مركزًا خلال الخمس سنوات الأخيرة.
جاءت فنلندا في صدارة الدول الأكثر سعادة في العالم للعام الخامس على التوالي، وإسرائيل في المركز التاسع. والدول الأكثر تعاسة هي أفغانستان التي احتلت المركز الأخير، وسبقتها لبنان. وفي تعليقه على التقرير، قال جيفري ساكس الاقتصادي الأمريكي المرموق بجامعة كولومبيا: “إن الدرس المستفاد من تقرير السعادة العالمي على مر السنين هو أن الدعم الاجتماعي، والكرم تجاه بعضنا البعض، والصدق أمور ضرورية للرفاهية”.
***
أما مؤشر الرخاء فهو تصنيف سنوي طوره معهد ليجاتوم البريطاني
Legatum Institute وهو مؤسسة خيرية تعليمية مستقلة. يعتمد ترتيب الدول بالمؤشر على مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك الثروة والنمو الاقتصادي والتعليم والصحة والرفاهية الشخصية ونوعية الحياة.
ويعتمد المؤشر منذ عام 2018 على 104 متغير مختلف يتم تحليلها عبر كافة الدولة المصنفة. تشمل البيانات استطلاع جالوب العالمي، واستطلاع القيم العالمية، ومؤشرات التنمية العالمية، والاتحاد الدولي للاتصالات، والدول الهشة، والحوكمة العالمية، وفريدوم هاوس، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العفو الدولية، ومركز السلام النظاميCentre for Systemic Peace . ويتم تجميع الـ 104 متغير في 9 مؤشرات فرعية، يحسب متوسطها باستخدام أوزان متساوية. المؤشرات التسع الفرعية هي: الجودة الاقتصادية، وبيئة الأعمال، والحوكمة، التعليم، والصحة، والسلامة والأمن، والحرية الشخصية، ورأس المال الاجتماعي، والبيئة الطبيعية.
واعتبارًا من عام 2021، تم تصنيف 167 دولة وإقليم، وتصدرت الدنمارك القائمة، تليها النرويج والسويد، واحتل جنوب السودان المركز الأخير.
واحتلت مصر المركز121 عام 2021 (في آخر تصنيف تم نشره)، وكان مركزها في السنوات الماضية كالتالي: 116عام 2014، 110 عام 2015، 117 عام 2016، 120 عام 2017، 128 عام 2018، 126 عام 2019، 121 عام 2020. أي أن مركزها تراجع بشدة منذ تولي السيسي مسؤولية الرئاسة، وخاصة منذ عام 2015، ومن المرجح أن يستمر الاتجاه الهابط لمركز مصر بتواتر أكبر بكثير في ظل الارتفاع الكبير في حجم الديون الداخلية والخارجية، والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي نمر بها.
يظهر بجلاء ووضوح تام مما سبق، وبشكل لا يمكن إنكاره، مدى فرحة وسعادة ورخاء وازدهار المصريين من إنجازات فخامة الرئيس العظيمة.
صحيح، أننا لم نصل بعد إلى قاع المجتمع الدولي في شتى المجالات، لكننا لسنا بعيدين، ومواصلة السير في ذات الاتجاه ينذر بنتائج كارثية.
إن المؤشرات لا تكذب أبدًا، ولكنني أكاد أسمع صياح الضالين والمضللين من المصريين: كذب وافتراء.. غير صحيح.. تقرير له مقاصد خبيثة ومؤشر مغرض.. لا ينطبقان على الحالة المصرية….. وما شابه ذلك من حماقات.
وإلى هؤلاء أقول: اتقوا الله وعودوا إلى صوابكم.
لا ينتظر المصريون، في بداية العام الجديد، سعادة أو رخاء من النوع الذي يوفره لهم متلقي برقية التهاني والأمنيات بتأييد ومساندة ودعم راسلها (المفترض أنه يمثل الشعب!) فقد انحسرت أمانيهم من 2023 أن تبعد عنهم كسرة الخاطر والناس المؤذية والأنذال وتديم عليهم الستر.
فيا رب عجل بتحقيق أمنية الشعب الوحيدة في أوائل العام الجديد… واكتب لنا جميعًا السعادة.
3 يناير 2023