عبد المجيد المهيلمي يكتب : تجاهل بلاغ غسل الأموال بالبنك الأهلي المصري
عجبا لأمر البنك المركزي أي عجب!!
أين المحافظ؟ أين رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وباقي أعضاء مجلس الإدارة؟
عجا لأمر مجلس إدارة البنك الأهلي المصري!!
أين رئيس مجلس إدارته؟ وأين أعضاء مجلس إدارته الكرام؟
لم يكن أمامي غير الاستفهامات الاستنكارية بعد أن مر أكثر من 24 ساعة على البلاغ الذي قدمته إلى النائب العام ضد نائب رئيس البنك الأهلي المصري لمخالفته القانون والدستور بتوجيهاته بعدم السؤال عن مصدر أموال المودعين بالبنك الأهلي والذي قيد تحت رقم 41842 لسنة 2023 عرائض المكتب الفني للنائب العام.
وحتى الأن لم نسمع عن قرار بمعالجة الأمر وتصحيحه.
عجبا لأمر الأبواق الإعلامية للجمهورية الجديدة!! فلم نسمع في الإذاعة والتليفزيون كلمة واحدة عن البلاغ الخاص بغسل الأموال، كما لم نقرأ شيئا عنه في الصحف الرسمية أو غير الرسمية التي يقع ما تنشره تحت رقابة خانقة.
إن الأمر جد خطير لا يمكن تجاهله أو التعامل معه بخفة واستهتار، ففشل أي بنك في تحديد مصدر أموال عملائه يلوث سمعته ويعرضه للانهيار. كما أنه يزعزع الثقة في سوق المال المصرية، ذلك أن الجريمة المنظمة ترتبط ارتباطا وثيقا بغسل الأموال، سيما أن الغرض من غسل الأموال هو إخفاء مكاسب غير مشروعة دون توريط المجرمين الذين يرغبون في الاستفادة من عائدات أنشطتهم.
فتبييض الأموال وغسلها أدى إلى انهيار بنك الاعتماد والتجارة الدولي BCCI في عام 1991. وفي عام 2012، دفع اتش اس بي سي HSBC (أكبر بنك في أوروبا) غرامة قدرها 1.9 مليار دولار لأنه فشل في منع عصابات المخدرات من استخدام البنك لغسل ما يقرب من مليار دولار. أما بنك واكوفيا Wachovia الذي كان في 2010 أحد أكبر البنوك الأمريكية، فقد دفع غرامة للحكومة الأمريكية بمئات الملايين من الدولارات، لأنه سمح للكرتلات من المكسيك بغسل ما يقدر بـ 380 مليار دولار من عام 2004 إلى عام 2007، ولتسوية قضية غسل أموال تجار المخدرات الكولومبيين، وانهار هذا البنك فيما بعد ولم يعد له وجود.
أن القانون المصري والدولي والأعراف والواجب يحتمون العودة إلى سياسة معرفة مصدر الأموال المودعة في البنوك من جميع العملات كالمتبع في كل المؤسسات المصرفية والمالية المحترمة في العالم أجمع.
أثق تماما بأن هناك بعضا – بل كثيرا- من العقلاء في القطاع المصرفي المصري وعلى رأسهم صديقي العزيز الأستاذ/ هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي والمستشار السابق لمحافظ البنك المركزي، وأنا هنا أناشده وأهيب به لما له من باع كبير في الحقل المصرفي بالتدخل لدى من بيده القرار للعمل على إلغاء قرار عدم السؤال عن مصدر الأموال المودعة في البنوك بشكل سريع حفاظا في المقام الأول على سمعة مصر المالية الدولية وعلى قوة واستقرار البنوك المصرية وسوق المال المصري، وذلك قبل أن يقع الفأس في الرأس.
إن مصرنا الحبيبة تستحق من البنوك العاملة بها أن تتبع أفضل الممارسات المالية الحديثة.