عبد الرحمن بدر يكتب: رسالة إلى وليد والذين معه.. ما بأيدينا خُلقنا فقراء
عزيزي وليد.. تابعت كغيري الموقف الهمجي الذي تعرضت له دون جرم ارتكبته، وقفت وتلقيت الإهانات ممن تبلدت مشاعره وماتت إنسانيته، فراح يمارس استعراضه العفن ويكشف بسلوكه الجاهل عن أخلاقه الكريهة وروحه النتنة.. وكغيري في أرجاء الوطن شعرت بحزن عميق ومرارة لم تنته.
لم تفعل شيئ سوى أنك وقفت تباشر عملك بأمانة وإخلاص كغيرك من أبناء المحروسة المنتشرين في شتى البقاع، يبحثون عن مصدر رزق للإنفاق على أسرة أو إخوة، أو يعدون الليالي ليعودوا إلى حبيبة انتظرت طويلا، ليفوا بوعدهم بالزواج، أحلام بسيطة، لكنها هنا لا تأتي إلا بعد الغربة والكد والعرق..
أرجوك يا وليد أن تنسى هذه الواقعة وألا يؤثر نشر الفيديو وتداوله على هذا النحو على نفسيتك، وأن تمارس حياتك بكبرياء، فما بأيدينا خُلقنا فقراء.. ربما النشر يُعيد لك بعضًا من حقك.. وربما تعرض غيرك لإهانات أشد، لكن عدم تصويرها أو الكتابة عنها جعلها تموت ولا يبقى منها إلا غصة في القلب.. وذكرى حزينة لدى صاحبها يصرها في نفسه ويكتمها عن أقرب الأقربين.
كثيرون تترك الغربة ندبات في أرواحهم، لا نرى إلا الملابس الجديدة والأجهزة الكهربائية حين يعودون، لكن خلف كل واحد قصة معاناة وكفاح..
أنت واحد منا، ممن أنهكتهم الحياة بتقلباتها، ربما لم يكن جسدك ليصمد طويلا أمام صاحب الأرداف الغليظة والقلب الأسود والضمير الميت.
عزيزي نحن ولدنا في وطن عظيم وكبير.. لكنها الدنيا تتقلب بأهلها، عليك أن تردد معي اللعنات على من أفقرونا واضطرونا للغربة، وأن نتعرض لمواقف محزنة تدمي القلب قبل العين.
أعرف مثلك أن المواطن المصري يتعرض لأسوأ من هذا في وطنه، وربما هذا ما جرأ غيرنا علينا ونحن نسعى في الرزق ببلاد العرب المنتفخة بالنفط.
سأحلم معك بوطن تظلله العدالة وتسوده المساواة، يومها لن تضطر لغربة، سنواصل بناء الحضارة وسنعلم البشرية الخير والعدل والحب والحضارة ..