طلب إحاطة عن حرمان طالبة كفيفة من اختبارات وظيفة ملحق دبلوماسي رغم تفوقها.. والبياضي: ممارسات تتخلف عما حققناه منذ 100عام
النائب: لا يُعقل ولا يُقبل أن تخالف الحكومة الدستورالذي أقسمت على احترامه ولا أن تنادي بشعارات رنانة بينما تكبل المتميزين
الطالبة تتمتع بسيرة ذاتية تفوق آخرين وتخرجت بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف وهي الآن باحثة ماجستير بالقانون الدولي بالجامعة الأمريكية
كتب: عبد الرحمن بدر
أعلن الدكتور فريدي البياضي؛ عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تقدمه بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية، بسبب منع طالبة من التقدم لاختبارات وظيفة ملحق دبلوماسي لكونها كفيفة.
وقال البياضي في طلبه، الثلاثاء، إنه بتاريخ ٢٠٢٣/ ٤ / ٨ أعلن قطاع السلك الدبلوماسي والقنصلي التابع لوزارة الخارجية عن مسابقة للتعيين في وظيفة “ملحق دبلوماسي” لاختيار أفضل المرشحين وتتكون المسابقه من مجموعة من الاختبارات التحريرية والشفهية والحاسب الآلي؛ وتضمن الإعلان الشروط الواجب توافرها في المتقدم للامتحان طبقًا للقانون رقم ٤٥ لسنة ۱۹۸۲ والمعدل بالقانونين رقمي ٦٩ لسنة ٢٠٠٩ و٢٦ لسنة ٢٠١٨.
وتابع النائب: تقدمت الطالبة لهذه المسابقة وقامت بتقديم جميع المستندات المطلوبة وإرسالها على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية؛ واطلعت على جميع الشروط الواجب توافرها في المتقدم، وقامت بسداد الرسم المقرر عن طريق المنصة الإلكترونية انتظاراً لعقد الاختبارات التحريرية والشفهية، إلا أنه بتاريخ ۲۰۲۳/٦/١٥ فوجئت الطالبة برسالة عن طريق البريد الإلكتروني من “قطاع السلك الدبلوماسي والقنصلي والتفتيش” تفيد بعدم توافر اللياقة الصحية المتطلبة لشغل الوظيفة؛ ورفض الأوراق الخاصة بها .
وأضاف: كان هذا الإخطار بمثابة الصدمة للطالبة؛ حيث حرمها من أبسط حقوقها التي كفلها لها الدستور المصري والذي نص في العديد من مواده على إلزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتوفير فرص العمل لهم.
وقال إن الدستور نص في المادة 4 منه على أن تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، كما تنص المادة 11 أيضًا على أن تكفل الدولة للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، وتنص المادة 14 على أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة، وتنص المادة 53 على أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الإجتماعى، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو أى سبب آخر” وتنص المادة 81 على أن تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.
وأكد عضو النواب أن ما حدث يتناقض مع ما تعلنه الحكومة والقيادة السياسية من دعم لأصحاب الاحتياجات الخاصة وتشجيعهم، وإطلاق تسمية (قادرون باختلاف) عليهم، كما أن إجراء حرمان الطالبة من التقدم للامتحانات غير صحيح، حتى إذا افترضنا عدم توافر اللياقة الصحية المُتطلبة قانونًا لشغل الوظيفة، إذ أنه من ضمن الشروط المنصوص عليها في الإعلان رقم 1 لسنة ۲۰۲۳ لشغل هذه الوظيفة نص البند العاشر، على أن يثبت اللياقة الصحية للمتقدم لشغل الوظيف بمعرفة المجلس الطبي التخصصي الذي تحدده وزارة الخارجية، بعد اجتياز كافة امتحانات المسابقة أي أن الحكم على اللياقة الصحية للوظيفة من عدمه تكون بعد اجتياز كافة إمتحانات المسابقة وليس قبلها.
وتابع: لا وجه لما تدعيه الوزارة من أن هناك علومًا كالجغرافيا لا تستطيع الطالبة دراستها لما فيها من رسوم وخلافه، وبالتالي لا تستطيع أداء الإمتحان فيها إذ الثابت من الأوراق أن الطالبة اجتاتز كل هذه الامتحانات.
وأوضح البياضي أن الطالبة تتمتع بسيرة ذاتية تفوق آخرين حيث تخرجت من كلية الإقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية جامعة القاهرة عام ٢٠١٩ بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف وركزت في دراستها على العلاقات الدولية وحقوق الإنسان، وهي الآن باحثة ماجستير بالقانون الدولى لحقوق الإنسان بالجامعة الأمريكية وعضو في شبكة “أجورا للإبتكار في النوع الاجتماعي” التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية. ومن خبراتها السياسية حصولها على تدريب داخل مقر لجنة الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال العنف والتنمر ضد المرأة (سيداز جنيف / سويسرا) وكانت الطالبة هي الأولى على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة عام ٢٠١٥ للمكفوفين، وهي الطالبة الكفيفة الوحيدة في دفعتها بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية في الشعبة الإنجليزية وترتيبها الخامس على الدفعة بين زملائها من ذوي الإعاقة، وقضت فصل دراسي كامل بالخارج بجامعة جنيف بسويسرا لدراسة القانون الدولي والتحكيم الدولى (بمفردها دون مرافق) ومن ثم؛ لم يكن فقد بصرها في يوم ما سبباً في إعاقتها بل كان دافعًا ومحفزٌا لها ومن غير المعقول أو المقبول أن يكون هذا هو حال الخارجية والحكومة في دولة كان فيها منذ مائة عام الدكتور طه حسين وزيراً للتعليم وحفر بأفكاره المستنيرة تراثاً نفتخر به وبالرغم من ظلام بصره إلا أن بصيرته أنارت جيله وأجيالاً لاحقة، وكان ذلك في وقت لم تكن فيه الوسائل التكنولوجية متوفرة مثل الآن؛ والتي تمكّن فاقدي البصر من القراءة والكتابة بل وقراءة الصور والتحرك بمفردهم.
وأكمل: في التاريخ المعاصر أمثلة كثيرة في دول مجاورة منها على سبيل المثال؛ في عام ٢٠٠٨ كانت الدبلوماسية الباكستانية (صايمة سليم) وهي كفيفة البصر؛ تلقي كلمة بلادها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنذ قرابة ٤٠ عاماً استطاع مواطن أمريكي كفيف أن يقود حملة لتغيير قانون الخارجية الأمريكي ويصبح أول دبلوماسي كفيف.
واختتم: لا يُعقل ولا يُقبل أن تخالف الحكومة الدستورالذي أقسمت على احترامه، ولا أن ننادي بشعارات رنانة حول تمكين أصحاب الاحتياجات الخاصة؛ بينما تقوم الحكومة بتكبيل المتميزين منهم؛ ولا أن نصدر صناديق وتشريعات لـ”قادرون باختلاف”، بينما تتخذ الحكومة إجراءات تعيق القدرات، وممارسات تتخلف عما حققناه منذ مائة عام!.