طبعة جديدة منقحة ومدققة من “طوق الحمامة” لابن حزم الاندلسي: وثيقة أدبية عمرها ألف عام عن الحب والمحبين
طرحت “الدار المصرية اللبنانية” بالقاهرة مؤخراً طبعة جديدة من كتاب الحب الأشهر “طوق الحمامة في الإلف والأُلَّف”، للفقيه ابن حزم الأندلسي، في محاولة لإعادة تقديم هذا الكتاب الخالد بما يليق به من عناية.
وشُفِع الكتاب بتصدير علمي دقيق يفيد القارئ العام والباحث المتخصص معاً، اضطلعت به الأكاديمية د. آمال إبراهيم، فضلاً عن شروح وافية للمفردات والتعبيرات التي ربما باتت مهجورة أو مغتربة عن معجم القارئ العصري، وهوامش دقيقة بالإيضاحات الضرورية، لتمكين جميع الشرائح من قراءة سلسة لا تقف فيها صعوبات اللغة في بعض المواضع حائلاً أمام الاستمتاع بالمتن الثري للكتاب الكبير، ما يجعل من هذه الطبعة الجديدة من طوق الحمامة إسهاماً فكرياً يتجاوز فكرة إعادة النشر لإعادة الاكتشاف.
وربما لا يتخيل كثيرون أنه بحلول العام القادم، يكون كتاب الحب الأشهر أكمل ألف سنة منذ خرج للوجود، رغم ذلك ما يزال الأثر الذي كتبه ابن حزم الأندلسي سنة 1022 نبعاً لا ينضب في فنون العاطفة والكتاب العربي وربما العالمي الأعظم على الإطلاق في أدب الحب.
الكتاب الشهير له مخطوطة وحيدة بمكتبة ليدن بهولندا، هي التي اعتمد عليها المستشرق الروسي “بيتروف” في تحقيقه للكتاب، الذي ظهرت طبعته الأولى عام 1914، أي بعد نحو تسعمائة سنة من كتابته، ليتوالى صدور طبعاته العربية التي وصلت إلى 14 طبعة بين عامي 1930 و 2012.
“وطوق الحمامة” رسالة مستفيضة في صفات الحب ومعانيه وأسبابه. كتبه ابن حزم الأندلسي بتكليفٍ من أحد أصدقائه، داعماً متنه بالأخبار وقصص المحبين من واقع ما شاهده وحدَّثه به الثقات من أهل زمانه، كما احتوى على قدر ليس بالقليل من شعر ابن حزم نفسه.
وجاء الكتاب مُقسماً على 30 باباً، عشرة في أصول الحب، و12 باباً في أغراضه المحمودة والمذمومة، وفي الآفات الداخلة على الحب ستة أبواب، وخُتِم ببابين أحدهما في قبح المعصية والآخر في فضل التعفف.
ورغم أن فرادته ككتاب لا مثيل له في الحب تكفيه، يُمثِّل طوق الحمامة في الوقت ذاته وثيقةً تاريخية بالغة الأهمية على أحوال الأندلس وما مرت به من أحداث سياسية واضطرابات وفتن في عصر مؤلفه، كما يُعد وثيقة أدبية نستدل منها على شخصية ابن حزم وثقافته وشيوخه الذين تلقى عنهم العلم.