طاهر محمد يكتب: حصار غزة.. أثانيةْ كربلاءُ!
لا طعام.. لا ماء.. لا وقود.. لا كهرباء؛ هكذا يعيش أهالي سكان قطاع غزة، وسط حصار مؤلم يقوده جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين.
ولليوم العشرون على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية الإبادة الجماعية، وعدوانه البشع على قطاع غزة المحاصر، موقعا مئات الشهداء وآلاف الجرحى في صفوف المدنيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدمير في الأبراج والمنازل والبنايات السكنية، والممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية.
وكما ختم الطبيب غسان، أحد أطباء مستشفى الأهلي -المستشفى المعمداني- بعزة، لقاءه على إحدى القنوات التليفزيونية، بعد حريق المستشفى، عندما قالت له المذيعة: “رسالتك الأخيرة قبل أن أختم معك”، ليرد عليها قائلًا: “كما قال الشاعر العراقي مظفر النواب.. أثانيةْ كربلاءُ؟”.
وواقعة “الطف” أو كما يقال كربلاء، حدثت 10 محرم سنة 61 للهجرة، وكانت بين الحسين بن علي بن أبي طالب -سيد الشهداء- أمام جيش تابع ليزيد بن معاوية.
معركة كربلاء، تشبه كثيرًا ما يحدث الآن لأهالي قطاع غزة، محاصرون من جميع الاتجاهات، كما حوصر الحسين بن علي، وأهل بيته في الصحراء لعدة أيام، دون ماء أو طعام، وسط الصحراء اللاهبة، يتلظى الأطفال من العطش، ينظرون إلى ماء الفرات يصرخون من أَلم الظمأ القاتل.
الأطفال يموتون من الجوع والظمأ، ومن الصواريخ التي تزلزل الأرض من تحت أرجلهم.
منذ 70 عامًا، والشعب الفلسطيني يخوض معارك ضد الاحتلال الصهيوني، من أجل كلمة الحق واستعادة الأرض المنهوبة، ومن أجل الحق، وألا تُحتكر الأراضي المقدسة لفصيل ديني أو سياسي بعينه، وأن تكون أرض كل الأديان.
هكذا خرج الحسين على يزيد بن معاوية، أيضًا من أجل الكلمة، ومن أجل تحرير البلاد من البطش والظلم.
مات الحسين شهيدًا دفاعًا عن الكلمة وعن الحق، والفلسطينيون يموتون كل يوم شهداء أقمارًا في سماء الوطن، من أجل الأرض والعرض والدين والحق.
لكل منهم حكاية، وقصة، وحلم، لكل من أصحاب القصتين ما يدفعهم للتضحية بحياتهم من أجل ألا يتخلى الآخرون عن الدفاع عن كلمة الحق، وعاجلًا أم أجلًا سيعلو صوت العدل.. وستكون فلسطين حرة؛ من البحر إلى النهر، وكما أصبح الحسين قدوة للتضحية عبر مئات السنين سيصير الفلسطينيون قدوة للدفاع عن الأرض والعِرض حتى نهاية العالم.