ضحك كالبكاء| أصدقاء حسام مؤنس يهنئونه بعيد ميلاده الثالث في السجن: كفاية ظلم.. وحشتنا قوي (كل سنة و أنت الحر)
كتب – أحمد سلامة
“السجن كالجامعة مفتوح للجميع، وأحيانا يدخله إنسان لنبل في أخلاقه لا لإعوجاج”.. هكذا قال الأديب الكبير نجيب محفوظ، وكأنه يصف تواجد الكثيرين خلف الزنازين محبوسين احتياطيا في قضايا لم تقم عليها أدلة أو قرائن.. كأنما تجاوز محفوظ الزمن ليرسم بقلمه صورة بالأحرف والكلمات تعبر عن “المحبوسين” الذين باتت كل جريمتهم نُبل أخلاقهم.
البحث عن الأفضل، جريمة في نظر البعض، و”الأمل” هو تجاوز للخطوط الحمراء يستحق العقاب، والمعادلة صفرية باختصار، لست معنا فأنت إذن تستحق البقاء في الحبس ولو بغير تهمة.
اليوم، يمر عيد الميلاد الثالث للناشط والقيادي والصحفي حسام مؤنس، الذي ألقت قوات الأمن القبض عليه، بعد اقتحام منزله بالقاهرة، في فجر 25 يونيو 2019، وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة وظهر بعدها بساعات في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية 930 لسنة 2019 والمعروفة إعلاميا باسم “معتقلي الأمل” وصدر قرار بحبسه احتياطيا لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق، ومن يومها وهو رهن الحبس الاحتياطي.
توالت تهاني أصدقاء مؤنس، عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وكما قال الشاعر أبو الطيب المتنبي “وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء”، جاءت تلك التهاني وكأنها دموع تذرف على أعمار تُنزف.
“طالما تطلعت إليه على مدار سنوات طويلة باحترام لمواقفه وتقدير لعطائه وإعجاب بحجة بيانه وفصاحة لسانه وجمال روحه”.. هكذا كتب أحمد طنطاوي عضو مجلس النواب السابق ورئيس حزب الكرامة، مضيفا “حسام مؤنس اللي عيد ميلاده النهاردة ٧ يوليو.. دخل عامه الثالث في الحبس الاحتياطي وجريمته (الأمل).
ولم ينس طنطاوي، خلال تهنئته أن يذكر الجميع بأن الحبس الاحتياطي تحول إلى “عقوبة” في حد ذاته، وإن لم يتغير توصيفه القانون كـ”إجراء احترازي” فأرفق بتدوينته وسم #الحبس_الاحتياطي_تدبير_احترازي_وليس_عقوبة، مختتما “ربنا يفرجها عليه .. وعلى كل مظلوم”.
كارم يحيى، الكاتب والمرشح السابق لمقعد نقيب الصحفيين، كتب يقول “يارب الحرية لكل معتقلي الأمل، اليوم 7 يونيو آخر نظر تجديد الحبس الاحتياطي قبل استكمال السنتين الحد الأقصى بحلول 24 يونيو 2021.. الحرية لصديقي هشام فؤاد، الحرية للأعزاء حسام مؤنس، وزياد العليمي ورامي شعث وللجميع”.
ويطلق كارم يحيى صرخة عبر تدوينة قائلا “قضية كغيرها هذه الأيام، اتهامات مجنونة بلا أدلة، كفاية حبس ظالم”.
المحامي الحقوقي أحمد فوزي، هنأ حسام مؤنس بعيد ميلاده قائلا “ثالث عيد ميلاد يعدي على حسام مؤنس و هو محبوس، أتمنى معاناة حسام وأسرته تنتهي، أكيد حسام مؤنس مش مكانه السجن، كل سنة وأنت حر وجدع يا حسام”.
خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، ورئيس تحرير “درب”، كتب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي يقول “النهاردة عيد ميلاد الصديق الجميل حسام مؤنس اللي بيقضيه في السجن لتالت مرة بعيد عن عيلته وكل أحبابه، مهما كتبت عن حسام مش هيوفيه حقه، حسام بالنسبة لي مش مجرد صحفي ولا صديق هو كمان صوت العقل لما يغيب صوت العقل، عشان كده مش قادر اتصور القبض عليه رغم مرور سنتين، و يمكن عشان كده تم القبض عليه، لأننا في زمن مش عايز اللي زي حسام مؤنس وهشام فؤاد وزياد العليمي يبقوات موجودين، مش عايز معارضة حقيقية وعاقلة في نفس الوقت، زمن بيدعم الجنون وبيعيش على صوت الموالسة والتطرف، والدليل على كده ان بعد مرور 4سنتين كاملين على حبس حسام ورفاقه، بنفاجأ باستدعاءهم لاستكمال التحقيق”
ويضيف البلشي “طبعا أول ما تسمع استكمال التحقيق هتظن إن فيه أدلة جديدة مثلا ظهرت لكن لما تعرف إن التحقيقات بتدور حوالين مقالات وفيديوهات مر عليها سنين وإن الأدلة الجديدة اللي بيتم استكمال التحقيق بسببها بعد سنتين حبس كلها موجودة ومنشورة من قبل القبض عليهم أصلا، ورغم كده فيه جهة ما افتكرتها وقررت إنها تحقق فيها بعد انقضاء فترة حبسهم أصلا، وكأن سنتين كاملين مكنوش كافيين يتسألوا فيها عن المقالات والفيديوهات دي”
ويتابع “الأهم -ودا سؤال موجه للمحامين وبتوع القانون- هل يجوز التحقيق في اتهامات نشر مر عليها سنين وهل فترة الابلاغ ما انتهتش المفروض إن التحقيق بيتم في الاتهامات دي خلال فترة بعينها.. طبعا الأهم هو السؤال عن مشروعية استكمال التحقيق بعد انقضاء فترة الحبس وخصوصا لو كانت الأحراز أو المواد اللي بيتم التحقيق فيها موجودة من قبل الحبس أصلا؟ وإيه القانون اللي بيتم الاستناد عليه لتمديد الحبس بالطريقة دي؟”.
ويختتم البلشي “عموما الاسئلة دي كلها مش هتمنعني اقول لحسام كل سنة وانت طيب ووحشتني قوي واتمنى تكون وسطنا قريب أوي يا حسام ويا رب السجن ما يحرمنا ابدا من وجود صوتك العاقل مهما طالت المحنة.. وحشتني يا حسام وحشتني قوي يا صديقي”.
“طوبى لكل المحبوسين باطل.. في زمان بيخدعنا وبيماطل”، هكذا قال الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، غير أن المماطلة لم تعد قاصرة على “الزمان” كما قال “الخال” لكنها توسعت وتعمقت لتأخذ بُعدًا مؤسسيًا ومنهجيًا!
حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، هنأ مؤنس بعيد ميلاده فأهداه قصيدة «ضحكة المساجين» للشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، والتي كتبها «الخال» في أكتوبر 2011يقول فيها: «طوبَى لكل المسجونين باطل، فى زمن بيخدعنا وبيماطل.. يا شموس بتبرُق فى غُرَف عِتْمين».
كما نشر صباحي قصيدة محمود درويش «آخر الليل» للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، التي كتبها في العام 1967، ويقول فيها: «وطني يعلمني حديدُ سلاسلي.. عنفَ النسورِ، ورقةَ المتفائلِ.. ما كنتُ أعرف أن تحت جلودنا، ميلاد عاصفةٍ ..وعرس جداولِ.. سدوا عليّ النورَ في زنزانةٍ، فتوهجت في القلب شمسُ مشاعلي»
نشر صباحي أيضا قصيدة «الأيام» للشاعر المصري سيد حجاب، والتي كانت تتر مسلسل «الأيام» الذي أنتج عام 1979، ويقول فيها حجاب: « العتمة سور والنور بيتوارى، وايش للفجارى في زمان النوح.. ميتا تخطي السور يا نوارة، ويهل عطرك ع الخلا ويفوح.. ويشدنا لجدام.. من عتمة الليل النهار راجع، ومهما طال الليل بييجي نهار»
محمد أبو الدهب، أحد المتابعين، علق على استمرار حبس حسام مؤنس قائلا “والله يعني حسام دا مش معروف سبب لسجنه غير أنه واحد من المناصرين بشده لفكرة الدولة المدنية، شبه ناس كتير مننا، في أي نقاش و حوار عمره ما على صوته حتى عاللي قدامه..
فكرة إن شخص يضيع من عمره سنتين تحت مسمى حبس احتياطي هي أحد أسوأ العواقب، طلعوا الواد دا و اللي زيه من السجون وبطلوا خيابه وضعف”.
بينما قال الكاتب الصحفي حمدي هيكل “كل سنة و أنت الحر يا حسام، ربنا قادر يزيح الظلم عنك و يفك أسرك”.. مختتما تدوينته بوسم #الحرية_لحسام_مؤنس #الحرية_للأمل #الحرية_لسجناء_الرأي.
ويمر اليوم، 7 يوليو، عيد ميلاد الصحفي والسياسي البارز حسام مؤنس، المحبوس احتياطيا، لا لشيء سوى معارضته السلمية للسلطة وبحثه عن المسار الديمقراطي للتعبير عن رأيه وخوض الانتخابات البرلمانية.
يذكر أن حسام مؤنس، ولد في 7 يوليو سنة 1982 بميت غمر بمحافظة الدقهلية، وعمل بالصحافة بعد تخرجه من الجامعة، وانخرط في العمل العام مبكرًا وأعلن رفض توريث الحكم لجمال مبارك. وعمل حسام مديرا لحملة صباحي أثناء ترشحه لرئاسة الجمهورية ومتحدثًا باسم حملة، كمل عمل متحدثًا باسم التيار الشعبي وأحد وكلاء مؤسسيه.
كان الصحفي الجدع الذي أنضجته تجربة ثورة 25 يناير وكان عضوا في ائتلاف شباب الثورة بعدها، من أوائل من دعوا لرحيل محمد مرسي، ووصف استمرار الإخوان في الحكم بالجريمة، وكتب في صحيفة «المصري اليوم» قبل شهور من رحيل مرسي مقالا بعنوان: (إسقاط النظام فريضة وطنية): «مبارك قبل خلعه يهدد الشعب المصرى بالفوضى بديلا له، وهو نفس ما يلوح به تقريبا الإخوان المسلمون، لكن كما كان الشعب المصرى مبدعا فى ثورته ومصرا على مطلبه بخلع مبارك، فإنه قادر على أن يعيد تقديم الدرس لمن لم يستوعبوه فى 25 يناير 2011».
في فجر 25 يونيو 2019، ألقت قوات الأمن القبض على حسام مؤنس، من منزله بالقاهرة بعد اقتحام المنزل، وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة وظهر بعدها بساعات في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية 930 لسنة 2019 والمعروفة إعلاميا باسم معتقلي الأمل وصدر قرار بحبسه احتياطيا لمدة 15 يومً على ذمة التحقيق، ومن يومها وهو رهن الحبس الاحتياطي.
حسام مؤنس الصحفي المنحاز دائما للحق، بالرغم من صغر سنه تم القبض عليه هو وزميله هشام فؤاد، لتخسر نقابة الصحفيين نقابيين بالفطرة طالما دافعا عن حرية الصحافة واستقلال النقابة وزملائهما حتى المختلفين معهما فالإيمان بالحرية جزء من تركيبتهما.
كتب حسام مؤنس في وقت سابق عن الأمل الذي اقترن بالتهمة المحبوس بسببها: «رغم كل مشاعر الإحباط أو القلق أو حتى الغضب لدى بعض القطاعات بالذات فى الأجيال الأكثر حداثة وشبابا، وبالذات المرتبط منها بفعل وقيم ثورة 25 يناير، إلا أن هناك رسائل واقعية مهمة لا يمكن تجاهلها تؤسس للأمل وتستدعى التأمل وتؤسس لفرص الحركة والعمل فى المستقبل».
هكذا جاءت تهمته المعلنة لتتناسب مع حلمه، لكن حقيقة التهمه الرسمية فندها مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، في شهادته عما حدث في (تحالف الأمل) قائلا: «إن (تحالف الأمل) عقد اجتماعاته التمهيدية بهدف بناء ائتلاف سياسي جديد، يضم صوتا برلمانيا ممثلا في تكتل ٢٥-٣٠، وأحزاب الحركة المدنية الديمقراطية ونادى الأحزاب الدستورية والمجموعات الشبابية التي شاركت في الاستفتاء بشعار (لا للتعديلات) بعد طول مقاطعة وقبلت المشاركة في المجال السياسى، رغم كل ميول الاقصائية التي تنكر الحق في التعددية والتنوع على أمل إحداث تغيير سلمى ديمقراطي».
وأكد الزاهد أن هذه المشاورات جرت على خلفية قناعة مشتركة بأن إغلاق المجال العام وإدارة المجتمع بطريقة الصوت الواحد سوف تفضى لانفجار، لأن طاقات الاحتجاج إن لم تجد متنفسا يجذبها لمسارات سلمية ديمقراطية تفتح أبواب الأمل، لابد أن تبحث لنفسها عن متنفس وفى غياب بدائل ديمقراطية قد تنفجر في وجه الجميع.
وقال رئيس حزب التحالف إن ما يخلق التوازن ليس فتح كل الأبواب للمولاة واصطناع معارضة من الموالين واقصاء أي معارضة حقيقية مهما تلتزم بالدستور والقانون.
وأضاف الزاهد: «بما أنى كنت حاضرا وشاهدا على هذه المشاورات كان زياد العليمى وحسام مؤنس، من أكثر المؤمنين بهذه المبادئ، ولم يكونا أبدا لسان حال لاحد غير».