صورة من مصر| ليلى سويف تتمدد على باب السجن للإطمئنان على نجلها علاء عبدالفتاح في اليوم 32 لإضرابه عن الطعام: فاض بينا
ليلى سويف لـ درب: الصورة من أمام السجن وليس هناك أخبار عن علاء ووضعه يزداد خطورة بعد دخول إضرابه اليوم الـ 32
والدة علاء عبد الفتاح : فوجئنا بإدارة السجن تقول لنا إن الخطاب طويل جدا وطلبوا منا كتابة خطاب أقصر!
كتب – أحمد سلامة
أقول للناس، للأحباب: نحن هنا
أسرى محبتكُمْ في الموكب الساري
“برقية من السجن“، قصيدة كتبها الشاعر الكبير محمود درويش، لكنه لم يكن يدرك حينها أن عدد البرقيات سيتزايد ليس من داخل السجون وحدها، ولكن على أبوابها وتحت أسوارها وأبراج حراستها أيضًا.
أمام باب السجن تمددت، لم يُحترم سنها ولا تاريخها العلمي، ولم تُراعى أمومتها، ولا قلبها المنهك الذي ينهشه القلق كل ليلة على ابنها السجين، هي لا تطلب الكثير.. خطاب، فقط خطاب من ابنها الحبيس.
الدكتورة ليلى سويف، القامة العلمية الكبيرة، أستاذة الرياضة البحتة بكلية علوم جامعة القاهرة، والتي شاركت بأوراق بحثية في العديد من المؤتمرات العلمية تتمدد على الرصيف أمام السجون والنيابات بعدما أعياها الإرهاق في انتظار السماح لها بإدخال خطاب وأدوية إلى ابنها علاء عبدالفتاح المُضرب عن الطعام منذ نحو شهر.
على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، نشرت منى سيف، شقيقة علاء عبدالفتاح، صورة مؤلمة لوالدتها الدكتورة ليلى سويف، وهي تتمدد على الأرض، وكتبت منى “هل طبيعي ومنطقي تقعد بالساعات والأيام على باب السجن عشان جواب ومحلول جفاف!! إيه يا بلد، مابقاش فيه بني آدمين شغالين في أي مؤسسة؟ كل خطوة، كل إجراء، كل حق لازم ييجي على حساب صحتها ووقتها وطاقتها؟! وعلى حساب صحة وجسم وحياة علاء؟”.
وأطلقت منى سيف صرخة عبر تدوينتها وجهتها للنائب العام قائلة ” أين أنتم مما يحدث في السجون، والمعتقلين المضربين عن الطعام؟ ” في إشارة لإضراب شقيقها علاء عبد الفتاح عن الطعام”. وتابعت “احنا مش بشر لها حقوق؟! بدل ما نقعد في البيت ناخد احتياطاتنا زي ما المفروض يحصل عشان الكورونا، قاعدين ع الرصيف وماما متشحططة ما بين السجن والنيابات بقالها شهر عشان تطمن على علاء”.
نداء منى سيف وصرختها ليست الوحيدة، فالعديد من المنظمات والشخصيات العامة حذرت من استمرار الحبس الاحتياطي دون سند قانوني خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا.
منظمة العفو الدولية كانت قد أعربت عن قلقها بشأن الحالة الصحية لـ “علاء عبدالفتاح” المضرب عن الطعام في ظل مخاوف انتشار فيروس كورونا داخل السجون المصرية ما يجعله أكثر عرضة للإصابة.. مطالبة بإطلاق سراحه وإسقاط جميع التهم بحقهم.
وطالبت المنظمة جميع المهتمين بالتحرك العاجل لمناشدة النائب العام من أجل إطلاق سراحهما، لافتة إلى أن أوضاع الاحتجاز غير الصحية بالسجون المكتظمة بالسجناء والتي وثقت على نحو دقيق، تشكل خطرا متزايدا بتفشي الأمراض المعدية.
وأبدت المنظمة تخوفها من أن يُضعِف إضراب علاء عبدالفتاح عن الطعام جهازه المناعي ويعرض حياته لخطر شديد إذا أصيب بفيروس كورونا.
على هامش السجن
عن الصورة تقول الدكتورة ليلى سويف لـ”درب”، “الصورة التقطت من أمام سجن طرة صباح اليوم، الوضع كما هو، تواجدنا أمام السجن للاطمئنان على علاء وإدخال محلول لمعالجة الجفاف وخطاب نطمئنه فيه علينا، ولكي نتلقى منه خطابا يطمئننا عليه.
وتضيف “فوجئنا بإدارة السجن تقول لنا إن الخطاب طويل جدا وطلبوا منا كتابة خطاب أقصر، وبالفعل كتبنا خطاب أقصر، لكننا لم نتلق ردًا أيضا ولم نعرف ما إذا كان الخطاب وصل إلى علاء أم لا”.
وتتابع “أخبار علاء منقطعة تماما، هو الآن في مرحلة خطرة بعد أن دخل إضرابه يومه الـ 32، وسننتظر إلى يوم السبت المقبل حتى نحاول الاطلاع على تقرير حول حالته الصحية من النيابة العامة”، مشيرة إلى أن النيابة، عقب تحرير محضر بالإضراب، طلبت من السجن موافتها بتقرير يومي حول وضعه في حين تطلع أسرته عليه كل فترة.
وتستكمل “أنا فاض بيا، ومش عارفة أعمل ايه، كل اللي بنطلبه خطاب، خطاب من علاء يطمنا عليه وعلى صحته”.
ووجهت د. ليلى سويف رسالة إلى النائب العام قائلة ” أقول للنائب العام من فضلك حدد لنا النيابة المختصة حتى نعرف لمن نستطيع أن نقدم البلاغات، نحن حتى الآن لا نعرف النيابة المختصة لتقديم الشكاوى إليها فنيابة المعادي تحيل الاختصاص إلى نيابة أمن الدولة في حين تؤكد نيابة أمن الدولة أن نيابة المعادي هي المسئولة، “.
في حوار سابق مع “درب” قالت الدكتورة ليلى سويف: «عمري ما أبطل أروح لعلاء أو أشعر بملل، لكن ممكن أضرب عن الطعام أو اعتصم، لن أتوقف عن الذهاب لأبني، آخر شكوى تقدمنا بها لمكتب النائب العام استقبلونا بشكل جيد، ونتمنى أن يكون هناك تحرك».
وتابعت «السجون مقفولة بطريقة فظيعة على الناس، الوضع الحالي صعب وسيئ على جميع المساجين، قفل الزيارة التام مع عدم وجود بدائل حقيقة، وكل شوية نظام وحاجة بتتقال، الوضع سيئ للغاية على الجميع».
الصورة التي التقطت لـ د. ليلى سويف لاقت رواجًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعليقات كثيرة أبرزت التعاطف الشديد مع الأسرة ومعاناتها، وقال مغردون “تخيلوا دي دكتوره ليلي أستاذة الرياضيات بعلوم القاهرة في انتظار سماع معلومة عن نجلها المحبوس.. عيلة سيف، ربنا معاكم”.
لكن الصورة بقدر ما كانت مؤلمة أكسبت د. ليلى احترام الكثيرين، وهو ما ظهر في تدوينات عدد كبير منهم “أنا الست ديه احترامي وحبي ليها بيزيدوا يوم بعد يوم.. كل من هم في الأسرة ديه بحبهم”، بينما تضيف إحدى المدونات “والله أنا ممكن أقعد كدة لحد ما أموت علشان ابني.. ربنا يكون في عون كل أم قلبها موجوع على حته منها مش عارفة حتى تلمحها. ربنا الحق العدل مطلع وحسيب”.
لكن على قدر الاحترام جاء الغضب أيضا حيث يقول أحد المدونين “دكتورة جامعية بتقعد كل يوم طول النهار في عز الحر وفي رمضان أمام السجن كل طلباتها إنها تدخل لإبنها إللي محبوس (سياسيا) محلول جفاف و جواب.. دين أبوكم إسمه إيه”.
في ظل القيود
داخل السجن يستمر الناشط الحقوقي علاء عبدالفتاح في إضرابه لليوم الثاني والثلاثين، وسط حرمان من الزيارة بحُجة تنفيذ الإجراءات الاحترازية ضد تفشي “فيروس كورونا”.
عن ذلك يقول المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق، خالد علي، “حرمان كل الأسر من زيارة ولادهم فى السجون شىء صعب جدًا، ولو الهدف بجد حمايتهم من كورونا، يبقى مفيش أي حد يدخل منطقة السجون ويخرج منها، سواء كان مسجون أو محبوس احتياطى أو من العاملين بالمنطقة، لكن تطبيق هذا الحظر على المحابيس فقط يفتقد المنطق، لو هتمنع الزيارة المباشرة ليه يتم منعهم من استخدام حقهم فى المكالمة التليفونية ومن تبادل الخطابات المكتوبة اللى القانون واللائحة بينصوا عليهم”.
ويستكمل “حرمان المحبوس والسجين من التواصل مع أسرته، وحرمانه من التواصل مع دفاعه ومحاميه، وحرمانه من التواصل مع المحكمة، حيث تنظر جلسات تجديد الحبس دون إحضاره من محبسه، كل هذه الإجراءات مجمعة تتجاوز الحظر لأغراض صحية، وهى فى حقيقتها تجريد المحبوس احتياطياً والسجين من حقوقه المنصوص عليها في الدستور والقانون”.
وجدد، خالد علي، نداءه لرئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام، مطالبًا بسرعة الإفراج عن المحبوسين احتياطيا، لما شاب التجديدات التي تمت خلال الفترة الماضية من مخالفة صريحة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية.. مشددًا على أن هناك شروط واجبة التنفيذ من أجل تجديد الحبس إلا أنه تم تجاهلها وهو ما يؤكد أن أمر الحبس أضحى باطلا.
وقال خالد علي في خطابه الموجه لرئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام “تقدمت إلى سيادتكم بتاريخ ٣ مايو ٢٠٢٠ بالطلب ٤٥٤ بالأمانة العامة لمجلس القضاء الأعلى والشكوى ٢٠٢١٢ عرائض المكتب الفني للنائب العام، وحتى يوم ٦ مايو ٢٠٢٠، قامت الدائرة الثانية جنايات التي تنعقد بمعهد الأمناء بإصدار أوامر بتجديد حبس متهمين ٤٥ يومًا بدون إحضارهم من محبسهم أو سماع دفاع محاميهم”.
وتابع أنه بالرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية بالمواد ( ١٣٦، ١٤٢، ١٤٣، ٢٠٢، ٢٠٣) -وهي المواد التي تخاطب جميع النيابات والمحاكم التي لها سلطة إصدار أمر الحبس الاحتياطي، للمحبوسين احتياطيا على ذمة تحقيقات القضايا- جميعها تشترط شرطين لصحة إجراءات جلسة التجديد الشرط الأول: ألا تصدر النيابة أو القاضي حسب الأحوال أمر تجديد الحبس إلا بعد سماع النيابة والمتهم، إذا كان ينظر التجديد قاضى، وسماع دفاع المتهم إذا كانت النيابة هي التي تصدر أمر التجديد.. أما الشرط الثاني: أن يتم التجديد قبل انتهاء مدة الحبس التي صدر بها أمر سابق.
وأوضح “فالمادة 143 إجراءات تنص على (إذا لم ينتهي التحقيق ورأى القاضي مد الحبس الاحتياطي زيادة على ما هو مقرر بالمادة السابقة “وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر” إحالة الأوراق إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة “لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم” بمد الحبس مدد متعاقبة لا تزيد كل منها على خمسة وأربعين يوماً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو الإفراج عن المتهم بكفالة أو بغير كفالة…)، وقد ردد المشرع نفس الشرطين بالمواد ١٣٦، ١٤٢، ٢٠٢، ٢٠٣ إجراءات”.
وطالب خالد علي في ختام خطابه بإسقاط أمر الحبس قائلا “لذلك فكل ما تم من تجديد حبس المتهمين بالجلسات التى انعقدت أيام ٤، ٥، ٦ مايو ٢٠٢٠ تم بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية على النحو السالف بيانه، وأضحت باطلة، وسقط أمر الحبس، ووجب الإفراج عنهم.. لذا نرجو سرعة النظر فى الطلب والشكوى والتحقيق فى هذه الوقائع واتخاذ اللازم قانوناً”.