شيماء سامي تكتب : الهروب إلى الله للنجاة من هلع الكورونا
“الفلسفة الدينية في إنقاذ البشرية من المحن”
شعور طبيعي أن يتوجه الإنسان في الأوقات الصعبة إلى معتقداته الدينية بحثا عن الانقاذ، هذا الهرب قد يكون لها أثر جيد في بعض الأحيان إذ أنها بلا شك تؤثر على نفسية المتدين وقد تقوده نحو سلام وهدوء وثقة تعزز من مناعته الجسدية بالتبعية.
ففي الأزمات الخاصة بالبقاء، البعض قد يهرع أيضا إلى الجنس كفعل مقاوم للفناء، والبعض قد يميل إلى التضرع إلي الله كخالق للوجود وقادر على حمايته، في النهاية فإن غريزة البقاء تنشط وتعزز أفكار وسبل مختلفة لدى الفرد لكي ينجو.. لكي يبقى.
وحينما يكون ما يهدد البشرية فيروس، وأنت لست عالما ولا طبيبا ولا تملك من الأمر شيئا، فإن غريزة البقاء تجد مخزونك الداخلي فارغ من معززات الدفع للنجاة، إلا بدفعك نحو معتقداتك الدينية، أو تجد نفسك تميل إلى الاختلاط بالجنس الآخر في خطوة نحو الجنس للتناسل والبقاء.
نرجوك يا إلهنا أرفع مقتك وغضبك عنا..
يا إله الرحمة والرأفة لا تسخط علينا ولا تؤاخذنا بسوء أعمالنا ولا بكثرة خطايانا ولا تغضب علينا ولا يدوم غضبك إلى الأبد.
الإله غاضب الذي قد يعاقبنا بالفقر أو المرض أو سوء الطقس أو أي من مصائب الدنيا، كرسائل منه لنهتدي، ونعود لطاعته، أو يرسل لنا إنذارًا بقرب هلاكنا وعلامة للقيامة.
ذلك المعتقد موجود في معظم الديانات ليس السماوية فحسب، بل وكذلك الموضوعة من البشر، وبغض النظر عن الجدل الديني هنا، فإن هذا الإيمان راسخ في أغلب المتدينين عامة. ولا مانع مع مثل هذا الإعتقاد إن كان سيدفع البشر بشكل عام لمزيد من الرحمة والسلام والتآخي للتقرب من الله.
“سيزول الغلاء حين تتحجب النساء”
لكن المشكلة أن الأغلب يظن أن هذا الإله الغاضب، غاضب بسبب نقص في الطقوس، الإله العظيم غضبان على آلاف أو ملايين البشر، أطفال ونساء وشيوخ ورجال، يعذبهم ويبيدهم جراء زي معين لا ترتديه النساء، أو بسبب ضعف المقبلين على تأدية مناسكه الخاصة، أو سلوك فردي أو جماعي حتى لأشخاص لا يضرون سوى أنفسهم -إن ضروا- أو أشياء من هذا القبيل.
ألا يبدو هذا التصور للإله وحشي قليلا وأناني كثيرا، الإله الذي يغض بصره عن حروب وظلم ودماء وفقر وتعذيب وطبقية وبربرية وعدوانية مع كافة المخلوقات وإفساد في الزرع والبيئة والبحر وتدمير لكوكب الأرض لحساب فئات بعينها، وصرع نحو الصالح الخاص على جثامين كل محتاج أو ضعيف، وتسلط وجبروت وإستعباد لخلقه. ويغضب ويهدد البشرية بالإنقراض لتقصيرهم في مناسك خاصة به وطقوس تختلف من دين لآخر، في حين أن لُب العقائد كله مفقود؟
الإنسانية تحتاج طوق نجاة، ممن؟
الله له صور متعددة، والأديان تنقل صور لله، أما المتدينون فينقلون صور من صور الدين لله. وهكذا فإن الفكر الديني يختلف بشكل واسع وفقا لعوامل فردية وجمعية، ووفقا للعقل الجمعي السائد، أو انعكاس لأنطباعات معينة عايشها الناس .. وهكذا.
لذا فإن الصورة الدينية التي تتحدث عن غضب الإله على قوم فينذرهم أو يبتليهم بمرض، لا مفر من احترامها، فهي جزء من عقائد البعض، ولكن ما يبنى على تلك الصورة ويتراكم فوقها من سلوكيات تؤثر في حياتنا الفردية وتتدخل في أفعال الآخرين هي ما يجب أن نعيد التفكير فيه.
الله قد يكون غاضب، في تصور البعض، وأنا أراه غير سعيد بتصرفاتنا، حزين من الحروب، الخراب، التعذيب، الفقر، الفساد، حزين من سلوكيات أبنائه أو خلفائه أو صوره أو أيا ما كان مسمانا، سلوكياتنا التي تحرق هواءه وتقطع أشجاره وتعذب مخلوقاته. ، من حروبنا ونزاعاتنا، حزين من سجوننا وظلمنا، وفسادنا وتسلطنا، وغياب الرحمة بيننا، وسكوتنا عن الحق.
هذا أيضا تصوري الخاص الذي قد يرفضه البعض. لكنه تصور لن يجعلني أؤذي أحد، في حين أنه يدفعني لكف الأذى عن الآخرين، وهنا مربط الفرس.
الله أكبر التي تكررت من البيوت، وصلاة الجماعة أمام أبواب المساجد المغلقة، ومحاولات النصح الديني المتكررة، والتأكيد أن ما يحدث علامة من علامات يوم القيامة، كل هذا لا ضرر منه، حتى وإن كنت لست متدين، وإن كان ذلك بعيد كل البعد عن السعي الغريزي الأفضل نحو البقاء عن طريق العلم والبحث والسعي لتفسير الظواهر وفهم مقدماتها وعلاج نتائجها.
لكن لا ضرر منه بل ربما يعود بنفع إجتماعي على المدى الطويل، لا ضرر منه إن كان سيقود البشر لكف الأذى، لوقف الظلم، لكشف الفساد، لدعم الحقوق. إن كان سيتجاوز لباس المرأة وسلوكيات النصف التحتاني للبشر.
الإنسانية تحتاج لطوق نجاة، من سلوكيات الإنسان.
رأي يستحق الاحترام والمتابعه