سيف الدين أحمد يكتب: الصهاينة.. تحسبهم جميعًا
قام الكيان الصهيوني على عدة أساطير، فتأسيس الكيان بالأصل قام على أساطير دينية حول الحق التوراتي في التواجد على أرض فلسطين رغم مرور آلاف السنين.
لم تقتصر الأساطير الصهيونية على ذلك، وإنما كانت فكرة “الأسطورة” ركيزة أساسية في فلسفة الاحتلال من أجل تعزيز ودعم قدراته وإمكاناته السياسية والاقتصادية وتوسيع نفوذه في المنطقة بل والعالم.
ولعل من أبرز هذه الأساطير ما يتعلق بأسطورة “الجيش الذي لا يقهر” و القدرات الاقتصادية المخيفة، وكونها “واحة الإنسانية والديمقراطية” وسط محيط عربي مخيف، إضافة إلى أسطورة وحدة الداخل الصهيوني.
تساقطت تلك الأساطير واحدة تلو الأخرى، فالجيش الذي لا يقهر أصبح على يد مقاومة فلسطينية معدومة الإمدادات جيشًا من خيالات الظل، والقدرات الاقتصادية المخيفة تهاوت مع توقف المشروعات التي كانت قيد التدشين مثل مشروع الممر الاقتصادي مع الهند والإمارات والسعودية، إضافة إلى ما أثبتته “معركة طوفان الأقصى” من هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي القائم على المستوطنات.
وأسطورة واحة الإنسانية والديمقراطية هشمتها حرب الإبادة التي شنتها تل أبيب على نساء وأطفال فلسطين الذي لا يد لهم في المعركة ولا مغيث لهم منها، فالجيش الأكثر أخلاقية -حسب مزاعمهم- بات الجيش الأكثر وحشية في رواية الرأي العام العالمي الذي راعه ما شاهده بأم عينه.
أما أسطورة “وحدة الصف الصهيوني” فقد أثبتتها أقوى هزة تعرض لها الكيان، فالخلافات التي مستورة بغطاء من القومية والرؤى الدينية، ظهرت جلية عقب طوفان الأقصى، فجوات عميقة بين المكونات الإسرائيلية، ليسوا على قلب رجل واحد كما يزعمون.
الأمر ليس مجرد خلافات في الرأي، واستخدام آليات ومنهجية ديمقراطية، لكنها خلافات جذرية تهدد كيان طفيلي مُهدد بالأساس، الأمر الذي وصل أسماع الرأي العام الإسرائيلي الذي وجه نداءات مختلفة ومتباينة ليس حول ضرورة وحدة الصف ولكن حول ضرورة “إخفاء تلك الخلافات”.
مطامع السلطة جزء رئيسي من مكونات تلك الخلافات، فرئيس الوزراء من جانب يسعى إلى الاستمرار في السلطة حتى ولو كان ذلك على حساب القتلى والأسرى من الجانبين، ووزير الدفاع الراغب في الوصول إلى موقع رئاسة الوزراء يرى أن هناك ضرورة لإسقاط نتنياهو بشكل أو بآخر.
الخلافات بين المكونات الصهيونية قد لا تسفر عن أمر انهيار حتمي في إدارة الكيان كما يتمنى البعض ويرغب، ولكنها بلا شك عميقة الأثر على مستقبل كيان هو بالأساس كيان هش ستصيبه لعنة الفرقة.