سولافة مجدي.. قصة ترويها كاميرا: حكاية إصرار صحفي في مواجهة القمع.. وعائلة تدفع ثمن ممارستها لمهنتها (حبس وفراق وتدوير)
كتب- حسين حسنين
“خليها تخلص شغل وتيجي، هي وحشتني، قولي لها يا تاتا، هي بتسمع كلامك، قولي لها إنك بتعيطي وعايزاها تيجي”.. رسالة طفل صغير عمره 7 سنوات، بعد أن حُرم من والدته لأكثر من عام وشهرين منذ القبض عليها.
الطفل خالد الصياد، ابن المصورة الصحفية سولافة مجدي والمصور الصحفي حسام الصياد، لا يعرف أن والديه في السجن، باتهامات نشر الأخبار الكاذبة، ومر على هذا الحبس أكثر من عام وشهرين.
ويحل اليوم ذكرى عيد ميلاد سولافة والذي يأتي للمرة الثانية في محبسها بسجن القناطر، بعيدة عن زوجها وطفلها وأسرتها التي طالما قضت هذا اليوم معهم، تحتفل بيوم ميلادها وتودع عام وتستقبل أخر بأمنيات مختلفة، على الأغلب تتعلق بطفلها وأسرتها وعملها التي تجيده.
بدأت رحلة سولافة مع الحبس الاحتياطي المطول يوم 26 نوفمبر، حيث داهمت قوة أمنية المقهى التي كانت تجلس عليه سولافة وزوجها وصديقهما محمد صلاح، وألقت القبض عليهم جميعا.
في اليوم التالي، ظهروا جميعا في نيابة أمن الدولة العليا متهمين على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا. قالت سولافة في التحقيقات الأولية إنها تعرضت لانتهاكات وضرب.
وجهت النيابة للثلاثي اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، باستثناء زوجها الصياد الذي وجهت له النيابة تهمة الانضمام.
ومنذ ذلك الحين ومرت سولافة بالعديد من الانتهاكات في محبسها، وثقت والدتها السيدة تغريد زهران جزء من هذه الانتهاكات، والتي تمثلت في المنع من الزيارات لفترات طويلة، منع دخول الزيارات، عدم السماح بإيداع الأموال لصالحها في الأمانات، وغيرها من الانتهاكات طول العام المنصرم.
هذا التعنت وهذه الانتهاكات كانت وراء قرار والدتها بالتقدم لأكثر من 5 مرات بشكاوى للنائب العام بخصوص عدم السماح لها باستلام رسالة كما ينص القانون، وتحديدا خلال فترة تعليق الزيارات بسبب فيروس كورونا المستجد في الفترة من مارس إلى أغسطس 2020.
وفي 20 مايو الماضي، أعلنت مؤسسة الإعلام النسائية الدولية (IWMF) ، عن فوز الزميلة الصحفية “سولافة مجدي”، مع 3 صحفيات من الصين وفنلندا وسوريا، بجائزة “الشجاعة الصحفية السنوية” في عامها الثلاثين.
ووصفت المؤسسة سولافة، بأنها “صحفية وسائط متعددة مصرية، غطت تقاريرها التحول السياسي والاضطرابات الاجتماعية في مصر، وحقوق الأقليات والمرأة، وقضايا التعليم، وحقوق الإنسان، واللاجئين، والتحرش الجنسي في المجتمع المصري”.
وظهرت أعمالها في صحيفة الرؤية بـ (الإمارات العربية المتحدة)، وتي أر تي العالمية، وبي بي سي مصر ومدى مصر وبعض المواقع الأخرى. وسولافة – طبقا لموقع الجائزة – أيضا، متخصصة في الصحافة المتنقلة، وهي مؤسسة مدرسة (كل يوم صورة)، التي تدرب الصحفيات الشابات والباحثات في إعداد التقارير على الهاتف المحمول.
كان الجانب الأكثر قسوة في حبس سولافة مجدي إلى جانب حرمانها من حريتها، هو حرمانها من طفلها الصغير خالد، الذي اعتاد طوال هذه الفترة على إرسال الرسائل إلى والدته ولكنها دائما ما تكون في اتجاه واحد دون رد.
وكانت أخر رسائل الطفل بالتزامن مع بداية الدراسة في أكتوبر الماضي والذي كتب عليه أن يذهب يومه الأول وحيدا دون والدته ووالده، وقال فيها: “إزيك يا ماما عاملة إيه، وحشتيني أوي أوي أوي، أخبارك إيه أنتي كويسة، كان نفسي تيجي من السفر علشان تشوفيني وأنا رايح سنة تانية، متتأخريش يلا تعالي بسرعة، أنا بحبد أوي أوي أوي”.
قالت تغريد زهران والدة سولافة مجدي في رسالة إلى ابنتها ” أنا مش قادرة أفهم أيه الخطر عليهم من إخلاء سبيلك، أيه اللي يحصل لو يسيبوكي تعيشي مع ابنك وجوزك”.
وأضافت تغريد في تدوينه على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد عودتها من زيارة ابنتها المحبوسة منذ نوفمبر 2019 ” وجعتي قلبي عليكي النهارده يا حبيبتي بسبب تعبك..أنت أم وزوجة عظيمة.. استودعتك ربنا يا حبيبتي”.
ووجهت تغريد زهران رسالة إلى ابنتها بمناسبة عيد ميلادها قالت فيها: “كل سنه وانتي طيبه يا بنت عمري، كل سنه وانتي حره واصيله، كل سنه وانتي ست الستات، كل سنه وانتي جدعه زي ما انتي، ودهأصعب يوم يعدي عليه وانتي بعيده”.
وتابعت: “انا عاجزة من غيرك ومش عارف اتنفس وفقدت كل حاجه حلوه في الدنيا النهارده خالد ما بطلش سوآل عنك وعن حسام ويقولي خليها تخلص شغل وتيجي هي وحشتني، عمره السجن ما يقفل على سجين، انا فخوره بيكي يا حبيبتي”.
وأضافت “احنا كلنا مستنيين رجوعك وان شاء الله قريب ويقر عيني برؤيتك وتبقى وسطينا مع خالد وحسام، انا بحبك يا بنت عمري وكل سنينك الي جايه هتكون عوض من ربنا ليكي علشان انتي تستاهلي الحرية”.
وأيضا يأتي يوم ميلادها ببلاغات جديدة من هيئة الدفاع عنها، بسبب ما تتعرض له من انتهاكات وتعنت وضرب في محبسها.
تقدم فريق الدفاع عن الزميلة الصحفية سولافة مجدي بـ 7 بلاغات عبر التلغراف، عصر أمس السبت 30 يناير 2021 لكل من النائب العام، ونيابة أمن الدولة، والمحامى العام لنيابات بنها ورئيس نيابة القناطر، وزير الداخلية ومدير أمن القليوبية ومأمور سجن النساء بالقناطر، كما تم تسليم البلاغ باليد، لرئيس فريق التحقيق بالقضية ٤٨٨ لسنة ٢٠١٩.
وطالب فريق الدفاع والذي ضم كل من المحامين خالد على عمر، ونبيه محمد محمد، وراجية عمران، ومحمد فتحى في بلاغاتهم بالتحقيق فيما تعرضت لهم سولافة من انتهاكات داخل محبسها مشيرين إلى أنها، اثبتت ذلك أمام المحكمة خلال آخر جلسة تجديد لها يوم 19 يناير الجاري.
واتهم فريق الدفاع عدد من ضباط وأفراد الشرطة العاملين بالسجن وآخر مجهول، التمس البلاغ من النيابة الكشف عن شخصيته، لتورطهم في التعدى بالضرب واستعمال القسوة والتحرش، ضد سولافة على النحو الذى ذكرته بأقوالها بالمحكمة يوم جلسة نظر تجديد أمر حبسها.
ونقل البلاغ عن سولافة إنها “فوجئت فى حوالى الساعة 11 مساء يوم 29 نوفمبر 2020، بحضور ثلاث سجانات لزنزانتها وأخذوها خارج العنبر، وقاموا بوضع غمامة على عينها، واصطحبوها إلى غرفة، وتحدث معها بهذه الغرفة شخص لم تتمكن من رؤيته بسبب الغمامة، وقال لها أنا اللى هخرجك من هنا لو سمعتى كلامى، وعايزك تجاوبي على كل الأسئلة اللى هسألها ليكي”.
وتابعت سولافة في أقوالها أمام المحكمة، والتي نقلها البلاغ، “هذا الشخص المجهول كان عايزنى اشتغل معاه مرشدة، وأبلغه بأسماء ناس وبيروحوا فين، وبيعملوا إيه، ولما قلت له أنا مش مخبرة ومش هعمل كده هددنى انى مش هشوف ابنى تانى، وهددنى بزوجى أيضاً”. وذكرت سولافة للمحكمة أيضا أن هذا الشخص المجهول “قام بالتحرش بها” لكنها لم تصف أفعال التحرش التى تعرضت لها.
كما ذكرت سولافة للمحكمة أيضا – طبقا لما ورد في البلاغ- أنه أثناء خروجها من السجن لحضور جلسة تجديد الحبس يوم 19 يناير 2021 تم التنكيل بها والتعدى عليها بزعم تفتيشها حيث أجبرتها السجانة على خلع جميع ملابسها بما فى ذلك ملابسها الداخلية، وبعد التفتيش قام أمين شرطة بجرجتها من غرفة التفتيش حتى عربة الترحيلات.