سباق الاستحواذات على شركات مصر الرابحة| السعودية والامارات تتسابقان للاستحواذ على قطاعات الأسمدة والحاويات والمال.. وقطر على الطريق
شركة سعودية حديثة الإنشاء وأخرى إماراتية تستحوذان على 45% من “موبكو” و41% من أبو قير للأسمدة و52% من الأسكندرية للحاويات
مفاوضات قطرية مع صندوق مصر السيادي للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية
مواقع إخبارية: تميم بن حمد يزور مصر خلال أسابيع.. ومن المنتظر الإعلان عن عدة اتفاقيات لاستثمارات قطرية بقيمة 20 مليار دولار
مواقع تتحدث عن خطة لطرح الموانئ في البورصة.. وهيئة قناة السويس تؤكد اعتزامها طرح 3 شركات
“موبكو” حققت صافي ربح خلال النصف الأول من 2022 نحو 2.8 مليار جنيه.. أبوقير للأسمدة حققت خلال العام الماضي 9 مليار جنيه
الأسكندرية للحاويات حققت صافي ربح بقيمة 1.7 مليار جنيه في الفترة من يوليو 2.21 وحتى مايو 2022 مقارنة بـ 1.2 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي
هاني جنينة: مصر ملزمة بسداد 30 مليار دولار بحلول نهاية العام.. وهاني توفيق: التعثر الاقتصادي سببه عدم مراعاة أولويات الإنفاق منذ فترة
كتب – أحمد سلامة
“sold”، بتلك الكلمة يهتف منسق المزادات حينما تتم عملية البيع لصالح مُشتري، وبتلك الكلمة يهتف لسان حال صناديق الثروة الخليجية في كل مرة يستحوذون فيها على شركات مصرية، لكن عملية البيع ذاتها لم تنته بعد، فمازالت الحكومة تعمل على طرح الشركات الرابحة وعرضها للبيع من أجل حل أزمة اقتصادية متفاقمة تستدعي سداد نحو 30 مليار دولار بحلول العام الجاري.
وتتسابق السعودية والإمارات في الاستحواذ على الشركات العاملة في قطاعات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية، إذ حصل البلدان الخليجيان على على 45% من “موبكو” و41% من أبو قير للأسمدة و52% من الأسكندرية للحاويات و37.6% من شركة “إي فاينانس”.. وبينما يحتدم السباق بينهما تدخل قطر على الخط إذ يعتزم الشيخ تميم بن حمد أمير قطر زيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية باستثمارات قطرية تصل لـ 20 مليار دولار.
وفي ظل الصراع الخليجي على الاستحواذ على الشركات المصرية، امتد عملية “البيع والاستحواذ” إلى الموانئ المصرية، حيث صدرت تأكيدات عن مصادر مُطلعة أنه يتم دراسة مدى ملائمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب، في وقت أعلنت فيه هيئة قناة السويس عن اعتزامها إدراج 3 شركات في البورصة المصرية مع نهاية العام الحالي.
🛑 أسباب البيع: قروض واختلال أولويات الإنفاق
الخبير الاقتصادي، هاني جنينة، قال إن مصر مُلزمة بسداد 30 مليار دولار حسب متوسط التقديرات بحلول نهاية العام الجاري، مُرجعًا ذلك إلى الفجوة التمويلية.. ويوضح جنينة أن الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات تنشأ من أمرين، أولهما التزام مصر بسداد مديونيات القروض من أقساط وفوائد كالتي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي أو دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتبلغ قيمة القروض -حسب جنينة- 20 مليار دولار، مُشيرًا إلى أن هذه هي الأرقام التي أعلنها البنك المركزي في أواخر عام 2021.. مضيفًا في الوقت ذاته أن “عدم الوفاء بهذه المديونيات يُسمى (تخلف عن السداد) وبالتالي نذهب إلى مصير سيرلانكا”.ويستكمل الخبير الاقتصادي “الأمر الثاني هو أننا مدينين بـ 10 مليار دولار أيضًا في صورة عجز في ميزان المعاملات الجارية، وهو المتعلق بعملية الاستيراد والتصدير، وبالتالي لدينا عجز بسبب زيادة أسعار القمح والبترول عالميًا”.
ويأخذنا ما قاله جنينة إلى الأسباب الحقيقية وراء الاقتراض، ففي حين تؤكد الحكومة أن الاقتراض كان لإتمام المشروعات التنموية الجارية، يرى الخبراء والاقتصاديون أن هناك خللا في بنية الأولويات التي على أساسها تم الاقتراض، في وقت رُهن فيه مستقبل البلاد على مشروعات ليس لها عوائد حقيقية اقتصادية أو تنموية إضافة إلى الصعوبة البالغة في الانتهاء منها خاصة في الوقت الحالي بعد التصاعد الدرامتيكي للأحداث على الساحة الدولية.. لذلك يقول الخبير الاقتصادي هاني توفيق “يرجع التعثر الاقتصادي الحالي في مصر إلى عدم مراعاة أولويات الإنفاق الحكومي منذ فترة، ولو كان كل مسئول قال لرئيسه يومًا: (هذا القرار، اقتصاديًا، خطأ) لكنا وبالتأكيد في حال أفضل الآن”.
عمليات البيع المستمر أثارت قلق أحزاب الحركة المدنية، إذ قالت في بيان إنها تابعت ببالغ القلق القرارات والإجراءات السياسية والاقتصادية التي تقوم بها السلطات في الآونة الأخيرة، واستمرار السلطات في بيع أصول الدولة لبعض البلدان الدائنة سداداً لقروض، مضيفا “وهي سياسة طالما حذرنا من جدواها وضرورتها وهذا البيع ليس تفريطاً في بعض من المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية فحسب ولكن لايحقق أي زيادة في حجم الناتج المحلي، وهذا من شأنه أن يؤثر على القرار السياسي والأمن القومي المصري”.
وتابعت “هذه السياسات تؤدي لمزيد من موجات متلاحقة من غلاء الأسعار في السلع والخدمات، ولم تعد دخُول المواطنين تكفي لشراء احتياجتهم الأساسية”.. مضيفة أن “الحركة المدنية تؤكد معارضتها لمثل هذه الممارسات التي تتنافى تماماً مع أجواء الحوار الوطني التي يُفترض أنها تعلي قيم المساحات المشتركة، ومن حيث أن هذه القرارات والممارسات الأُحادية من جانت السلطة تتنافى تماماً مع ما يقتضيه المنطق من ضرورة انتظار نتائج الحوار قبل إتخاذ قرارات بهذا الوزن والأهمية”.
🛑 السعودية والإمارات والتركيز على الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية
منذ أشهر، عكفت الحكومة على طرح الشركات المصرية أمام صناديق الثروة الخليجية، وعلى وجه التحديد السعودية والإماراتية ثم القطرية، وهي الصناديق التي دخلت في سباق محموم من أجل الاستحواذ على الشركات المصرية العاملة في مجالات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية.
بعد ستة أيام فقط من تأسيسها، استحوذت “الشركة السعودية المصرية للاستثمار” المملوكة للصندوق السيادي السعودي على 25% من أسهم شركة موبكو بإجمالي 370 مليون دولار.. كان ذلك في أغسطس الجاري، وقبل ذلك بأشهر قليلة وبالتحديد في شهر فبراير استحوذت شركة “ألفا أوريكس ليمتيد” التابعة للصندوق السيادي الإماراتي على 20% من الشركة، فيما تبقى لدولة 40.04% من الأسهم في مقابل 14.96% لمستثمرين آخرين.. وفي غضون ذلك تجري المفاوضات من الجانب السعودي للاستحواذ على نسبة جديدة تتراوح بين 15 و 20% من الشركة.
وتُعد شركة مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو” هي أكبر مصانع للأسمدة النيتروجينة في مصر، وتأسست الشركة عام 1998 داخل المنطقة الحرة العامة بدمياط على مساحة 400 الف متر مربع وبرأس مال يتجاوز إثنان ونصف المليار جنيه مصري.. والمثير للدهشة، أن شركة “موبكو” حققت “صافي أرباح” خلال النصف الأول من عام 2022 بلغ نحو 2.8 مليار جنيه.
في الشهر نفسه الذي استحوذ فيه الصندوق السيادي السعودي على شركة موبكو، استحوذ أيضًا على نسبة 19.8% من شركة “أبو قير” للأسمدة، مقابل 379 مليون دولار بعد شراء حصص القابضة للكيماويات والهيئة العامة للتنمية الصناعية.. أما صندوق أبوظبي السيادي فقد استحوذ في أبريل الماضي عبر شركته “ألفا أوريكس ليميتد” على 21.5% مقابل 392 مليون دولار، وتبقى لملكية الدولة ومساهمين آخرين 58.7%.
ولأن لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد، فإنه ينبغي لفت الانتباه إلى أن الشركة حققت خلال العام الماضي صافي أرباح 9 مليار جنيه مقابل 3.5 مليار للعام الأسبق، أي أنها تحقق التطور المأمول في المسار التجاري إضافة إلى كونها مع “موبكو” من أهم ركائز “الأمن القومي” في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي.
الصندوق السيادي السعودي عبر الشركة “السعودية المصرية للاستثمار” حديثة الإنشاء، استحوذت أيضًا على 25% من شركة “إي فاينانس” مقابل 391 مليون دولار، وهي واحدة من كبريات شركات الاستثمارات المالية والرقمية، وتتعاون الشركة مع الحكومة في تنفيذ مشروع “مصر الرقمية” والذى يتم من خلاله تقديم جميع الخدمات الحكومية للمواطنين رقميا.
لدى الشركة تعاون واضح مع الحكومة المصرية في عدة مجالات أبرزها قطاعات “الصحة، السياحة، والنقل”، وحسب تصريحات لرئيس مجلس إدارتها إبراهيم سرحان فخلال عامي 2020 و 2021 قامت “أي فاينانس” بعمل شراكة مع الهيئة العامة للتأمين الصحي للعمل على تطوير وإدارة وتشغيل الخدمات التكنولوجية والرقمية لقطاع التأمين الصحي على مستوى الجمهورية، وفي قطاع السياحة تم القيام بمشروعين للآثار، والمتاحف، حيث قامت بتفعيل مشروع التحول الرقمي لخدمات المتاحف والمواقع الأثرية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، ويتضمن المشروع أول منصة حجز إلكتروني للتذاكر باستخدام “الباركود” والذي يمكن الزائرين من حجز التذكرة من خلال الإنترنت وتطبيقات المحمول والدفع من خلال البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.
أما صندوق أبوظبي السيادي، فقد استحوذ من الشركة على 12.6% من أسهم شركة فوري مقابل 68.5 مليون دولار إلى جانب أسهم في حقوق الشركة مقابل 45.9 مليون دولار.وبالطبع، حققت الشركة -التي تعتبر مُحتكر خدمات التكنولوجيا المالية الحكومية- صافي أرباح بلغت 198 مليون جنيه في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ 143 مليون جنيه خلال نفس الفترة من عام 2021.
بالعودة إلى الأسكندرية، فبعد الاستحواذ على شركة “أبو قير للأسمدة” التفتت السعودية إلى شركة “الأسكندرية للحاويات”، فعبر الشركة المذكورة سابقًا تم الاستحواذ على 20% من الأسهم مقابل 156 مليون دولار، بينما استحوذت الإمارات على 32% من أسهم الشركة مقابل 159 مليون دولار.
🛑 قطر تدخل على خط الاستحواذات.. وأنباء عن زيارة أمير قطر للقاهرة
الشركة التي حققت صافي ربح بقيمة 1.7 مليار جنيه في الفترة من يوليو 2.21 وحتى مايو 2022 مقارنة بـ 1.2 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي، مازالت مطمعًا لمزيد من عمليات البيع والاستحواذ.. حيث ذكر موقع “ديلي نيوز” أن هناك مفاوضات قطرية جارية حاليًا مع صندوق مصر السيادي للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية.
موقع “ديلي نيوز” قال إن مصادر أكدت أن الشيخ تميم بن حمد سيزور مصر خلال الأسابيع المقبلة، حيث من المنتظر الإعلان عن عدة اتفاقيات لاستثمارات قطرية بقيمة 20 مليار دولار، ناسبًا إلى مصادر قولها أن الاستثمارات ستتم على عدة مراحل، وسيتم توجيه استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار للاستحواذ على حصص في شركات مصرية من خلال جهاز قطر للاستثمار.الموقع أضاف “وتستعد الوكالة لتنفيذ أول صفقة لها في مصر خلال الأيام القليلة المقبلة، وتركز الوكالة على الاستحواذ على حصص في 3-4 شركات مدرجة، بالإضافة إلى شركات أخرى غير مدرجة في مرحلة لاحقة”، مستكملا “المفاوضات جارية مع الصندوق السيادي المصري بشأن حصص في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع وغيرها من الشركات في قطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية”.
وأضافت المصادر -حسب الموقع- أنه سيتم ضخ جزء من الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة سواء من خلال الاستحواذ على مشروعات قائمة أو إقامة مشروعات جديدة في مصر بالتعاون بين الصندوق السيادي المصري والهيئة القطرية.وأشار الموقع إلى أن مصر تسابق الزمن للوفاء بعدد من الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي للموافقة على برنامج قروض جديد.. فيما قدر بنك جولدمان ساكس فجوة التمويل التي تحتاجها مصر من صندوق النقد الدولي بنحو 15 مليار دولار.
🛑 الموانئ وشركات هيئة قناة السويس مطروحين أيضًا
في الوقت ذاته، تشكلت لجنة حكومية برئاسة الدكتورة جيهان صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، لدراسة طرح شركات وزارة النقل والهيئات التابعة في البورصة المصرية أو لمستثمرين أجانب وعرب.وضمت اللجنة في عضويتها مسئولين عن جهات رقابية، وممثلي وزارات النقل، والمالية، والتخطيط، والعدل، وقطاع الأعمال العام، فضلًا عن ممثلي صندوق مصر السيادي، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وحسب موقع “القاهرة 24” فقد قال مصدر مسئول إن اللجنة تدرس مدى ملائمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب، وأهمية اقتصار الاستثمار في الموانئ على القطاع الخاص المصري، مع إمكانية تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في مجالات الإدارة والتشغيل من خلال مشغل عالمي بنظام حق الانتفاع، للاستفادة من قدراته وعلاقاته الدولية في هذا المجال، وبما يتوافق مع ما يتضمنه مشروع وثيقة ملكية الدولة، وبما لا يخل بالقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن.
ولفت المصدر إلى أن اللجنة تعمل على إيصال رسالة بأهمية الحفاظ على استقرار وضع المنطقة الاقتصادية في حدود القرار الجمهوري المحدد لاختصاصات الهيئة المختصة، وكذلك قانون إنشاء المناطق الاقتصادية دون أي تعديل.وبين أنه على اللجنة إعداد دراسة جدوى دقيقة بشأن كيفية استخدام العوائد من التخارج من بعض الشركات، أو عوائد بيع الأسهم، مع مراعاة اختيار التوقيت المناسب للطرح بما يعظم العائد من طرح الأسهم، ومراعاة عدم التخارج من الشركات التي تحقق أرباح، أو التي تمثل أهمية استراتيجية للدولة.
قبل ثلاثة أسابيع، وفي سياق مشابه، أعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، عن عزم الهيئة إدراج 3 شركات في البورصة المصرية مع نهاية العام الحالي، وجاري إنهاء الدراسات مع وزارة المالية والاستثمار، مضيفا أن الشركات المحددة هي التي تحقق مستويات ربحية عالية، وسيتم طرح من 10% إلى 15% منها في البورصة.وتابع ربيع في مقابلة مع قناة “العربية”، أن صندوق هيئة قناة السويس الذي أطلقته الحكومة المصرية يستهدف الوصول إلى 100 مليار جنيه، لتمويل جزء من الاستثمار في مشروعات قومية كبيرة لهيئة قناة السويس، وجزء آخر للاستثمار في البورصة المصرية.
🛑 إدانات واسعة من المعارضة
العديد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أبدت رفضها لعمليات البيع الجارية، كان من بينها حزب “التحالف الشعبي الاشتراكي” الذي حذر في بيان من خطورة هذه الصفقات على الأمن القومي المصري، داعيا إلى الوقف الفوري لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”.
وقال الحزب، في بيان صحفي، “فوجئنا بالإعلان عن بيع عدد من الشركات والأصول المصرية الرابحة للسعودية، وسبق ذلك استحواذ الإمارات على حصص في عدد آخر من الشركات الرابحة، ضمن مخطط لضخ أموال أعلن عنها قدرت بـ٢٢ مليار دولار من السعودية والإمارات وقطر، زعموا أنها تساعد مصر لمواجهة نقص سيولة النقد الأجنبي والأزمة الاقتصادية، في حين ستذهب أساسا للاستحواذ على عدد كبير من الشركات والأصول المصرية الرابحة، ما ستكون له انعكاسات بالغة السلبية والخطورة في الأجل المنظور”.
وأوضح “التحالف الشعبي”، أنه بذلك لحقت السعودية بالإمارات في الاستحواذ على حصة في شركة أبو قير للأسمدة، إلى جانب ثلاث شركات مصرية أخرى هي؛ مصر لإنتاج الأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات، وشركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، بمبلغ وصل إلى مليار و٣٠٠ مليون دولار، وكانت الإمارات قد سبق لها منذ شهور الاستحواذ على حصص في عدد من الشركات المصرية على رأسها؛ البنك التجاري الدولى، وشركتى أبو قير وموبكو للأسمدة، وشركة فورى، مقابل ١.٨ مليار دولار”. .
وأضاف: “بهذا تسير الخصخصة ونقل الأصول المصرية الرابحة للأجانب وتحديدا الخليجيين بسرعة الصاروخ، وفى ظل أزمة مالية أدت لها سياساتها، تبيع الحكومة المصرية كل الدجاج الذى كان يبيض ذهبا، ومن المعروف أن شركة أبو ظبى القابضة كانت قد استحوذت منذ أربع شهور على ٢١ فى المئة من أسهم شركة أبو قير للأسمدة بقيمة ٣٩٢ مليون دولار، أى حوالى ٦ مليارات جنيه مصري”.
وأشار إلى أنه بعد أربع أشهر فقط حققت “أبو قير للأسمدة” أرباحا قدرها ٩ مليارات جنيه، نصيب أبو ظبى فيها ١.٨ مليار جنيه ، أي إنها استردت أكثر من ربع ما دفعته فى أربع أشهر فقط، وسيكون على الاقتصاد المصرى تحمل التزام تحويل كل أرباح المستثمر الإماراتى للخارج بالعملة الصعبة سنويا، متسائلا: “هذا استثمار كما تقول وزيرة التخطيط أم بيع لكل ما يدر لمصر دخلا حتى وصل الأمر لبيع عفش البيت”.
وأكد الحزب أن ما يتم الترويج له من أن مثل هذه الاستثمارات – التى هى ليست استثمارات حقيقية بل مجرد استحواذ ونقل ملكية للأصول الموجودة فعلا – ستحل مشكلة السيولة فى مصر ليس صحيحا، فهى ليس بوسعها أن تكون حلا لنقص السيولة الأجنبية، بل ستزيدها تفاقما على تفاقم، نتيجة حق تحويل الاستثمارات وأرباحها للخارج بالعملة الصعبة.
وتابع: “نتيجة لهذا فقد أصبح ميزان الدخل الاستثمار الأجنبى سالبا بالفعل ويشكل ضغطا جديدا على الاقتصاد المصرى والعملات الأجنبية، ووفقا لآخر بيانات البنك المركزى فإن ميزان دخل الاستثمار قد زاد عجزه إلى ١١.٣ مليار دولار فى التسعة أشهر الأولى من السنة المالية الأخيرة، مقابل ٨.٩ مليارات فى الفترة المناظرة من العام السابق، أى أن العجز فى زيادة مطردة رغم تدفق الأموال الخليجية المشار إليها”.
واستكمل: “الغياب التام للشفافية فى كل تلك الصفقات وحظر الطعن عليها بأى شكل من الأشكال مهما شابها من مخالفات أو فساد، ولتهديدها أيضا الأمن القومى المصرى باحتكار المستثمرين الأجانب لقطاعات حيوية كقطاع الأسمدة وغيره فى وقت نواجه فيه أزمة غذاء وأسمدة عالمية، ولمخالفة نصوص الدستور التى تقررحرمة الملكية العامة، فإننا نرفض تلك الصفقات ونحذر من خطورتها، وندعو للوقف الفورى لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”.
أما الباحث الاقتصادي، إلهامي الميرغني فقد شدد، على هامش ورشة العمل الثانية في المحور الاقتصادي تحت عنوان “قراءة في وثيقة ملكية الدولة”، على حاجة الدولة المصرية لرؤية مختلفة في إصلاح الاقتصاد المصري، وطالب بضرورة وقف مشروعات البيع قبل البدء في الحوار الوطني، ملمحا إلى أن عمليات البيع لدول الخليج تحول المصريين إلى عمال لدى تلك الدول.
خلال الجلسة ذاتها، قال الدكتور أحمد السيد النجار- الخبير الاقتصادي، في البداية على عنوان الوثيقة، موضحا أن الخصخصة ليس لها علاقة بالاستثمار، فهي تقطع الطريق أمام الاستثمارات الحقيقية المحتملة، إذ يتم توجيه الأموال المفترض أن تقوم باستثمارات في مشروعات جديدة في حال تهيئة البيئة الاستثمارية نحو عمليات الخصخصة والشراء، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الوثيقة لا تحمل رؤية لما بعد.
وشدد النجار على ضرورة إيجاد قانون ضريبي موحد يطبق على جميع القطاعات، كما أشار إلى أنه قد تم تنفيذ الوثيقة قبل البدء في الحوار الوطني، وينبغي على الدولة أن توقف كل شئ لحين الانتهاء من الحوار الوطني ومخرجاته لإثبات جدية الحوار.
وشدد النجار على أهمية القطاع العام والخاص، فالاقتصاد يحتاج أن يقف على قدمين والسير معا، والقطاع الخاص لابد أن يكون وفق قواعد عادلة وعامة، لافتا لأهمية الاستقرار القائم على التراضي، و ليس من الضروري تبني نموذج معين في الرأسمالية، ولكن هناك طبيعة خاصة لكل حالة.
وأوضح أن القطاع العام له أهميته في التواجد ولكن بمراقبة شعبية صارمة وقوانين عادلة، مع أهمية تداول وشفافية المعلومات. منوها لأهمية البحث العلمي، إذ لم يورد بالوثيقة أي إشارة إليه، موضحا أن نسبة الانفاق عليه الآن تبلغ 0.1% بدلًا من أن يكون 1% من الموازنة العامة للدولة.
وفيما يتعلق بشركات القوات المسلحة وطرحها في البورصة؛ أشار النجار إلى أنها “مال عام” ينطبق عليه ما ينطبق على المال العام، لافتا أن إنتاج شركات القوات المسلحة لاحتياجاتها فقط، موضحًا أن الحل في الوضع الحالي ليس الخصخصة ولكن إصلاح القطاع العام، وليس إصلاح أحوال العاملين فقط، بما يجعله يورد فائض للموازنة العامة للدولة.