رشا رفعت شاهين تكتب عن كاريوكا وسامية ونعيمة وسهير: طوبى للذبيحات
في رأيي سامية جمال كانت ترقص بغضب وعِند ورقي متَعمد أما نعيمة عاكف فكانت ترقص بحزن ومكابرة وجهاد مع الانكسار والكآبة، صوت غنائها وحديثها كان يزعجني كثيرا فقد كان مملوءا بالاسي كطفل أجبروه علي النضوج مبكرا دون ان يرتوي من طفولته، كأنما شد أوصاله الزمن ليطول، وهو مازال يحبو فكان صوتا باكيا فقدملامحه من طول قاساه، وبدا كأنه معدني ذو نغمة واحدة متشنجة، صوت نحيب طفلة لا يهتم بها احد تصحبه موسيقي ضاحكة، نحلة لعبة لفها احمق ما وهي لم تتهيأ بعد للدوران فاستنفذت أقصي ما لديها ثم تهاوت متخبطة مهدورة ملقاة علي الارض دون حراك في فترة قصيرة وسرعة قياسية للعدو نحو النهاية (ماتت نعيمة في عمر ٣٥)، نجوي فؤاد كانت ترقص مثل بنات عشتار او اماء داعش مخدرة المشاعر حتي تتناسي ما فعل الدهر بها وفوق وجهها ابتسامة سكير، المنتهكات قد يهربن من الشعور بالعجز للخدر واللامبالاة.
تحية كاريوكا حققت المعادلة الصعبة المستحيلة وانتصرت علي الظلم والقهر والانتهاك فاصبحت( نتر ) للرقص او (ال-هة )ورمز من رموز الفن والسياسة والوطن كانت ترفع ذراعيها الي اعلي كأنها تأمر الجميع بالركوع لجبروت انوثتها وكأنها توجه رسالة خفية قائلة (سوف اجعلكم تحترمون هذا الجسد وصاحبته يوما ما)، لكل راقصة قصة مستترة من العذاب والانتهاك والكسر النفسي والجسدي رقصاتها تحكيها
سهير زكي كانت تدمن الرقص كإدمان المخدرات والخمر فكان هو سر بقائها وسعادتها واعتقد انه ما زال إلى الآن ولكن من وراء الابواب، كان كل جزء في جسمها منتشي وكأن الشعور بالنشوة ينتقل للمشاهد فورا كأنها سمكة كهربية تتلوى في الماء، ومجرد أن تقترب منها أو تلمسها تتكهرب.
مؤخرا ظهر نوع جديد انا اسميه(الراقصة القردة) وهي راقصة روسية او غربية او غير عربية عموما تتقن حركات الرقص اتقانا مريعاً و ينبهر بها جمهور عربي عريض انحط ذوقه الفني فاصبح لا يميز بين حركات مكررة آلية وبين حركات تؤديها روح تُنتزع من بين أحشاء ممزقة وشغاف قلب، لم يعودوا يعرفون الفرق بين القرد والفنان الحقيقي المعجونة مشاعره والمحفور تاريخه في طين الارض، المنثور رحيقه في نسماتها إلى الابد.
هناك راقصات يرقصن انتقاما وتحديا، وهناك من يرقصن ذبيحات وهناك اللامبالايات وغيرهن الكثير، لكن المؤكد والذي لاينتبه إليه الغالبية انهم ضحيات لظروف قاتلة، ولنظرة شيزوفرينية لمجتمعات تدعي الفضيلة ظاهرا وتصفق لهن علنا ثم تلعنهن سرا، فطوبي لضحايا حولن عذابهن فنا عذبا يتذوقه الجميع، طوبي للذبيحات