رئيس مجلس النواب: حقِ صندوقِ قناة السويس في بيعِ واستغلالِ أصوله “طبيعي”.. ولفظ “الأصول” لا ينصرف للقناة ذاتها
رئيس المجلس: هالني وصف “النخبة المثقفة” مشروع القانون بأنه “تفريط في القناة”.. ورب كلمة يرسلها إنسان دون علم وبيان تكون معولا للهدمِ لا البناء
جبالي: لن تنجرف لإصدارِ قوانين تمس أحكام الدستور.. ونبذل قصارى جهدنا في تمحيص مشروعات القوانين لضمانِ بلوغها مصلحة الوطنِ والمواطن
أكد رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، أن قناة السويس مال عام لا يمكن التفريط فيه، مشددا على أن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، لا يتضمن أحكاما تمس قناة السويس؛ لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها .
وأضاف رئيس مجلس النواب، في كلمته خلال الجلسة العامة للمجلس اليوم الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022: “تابعت عن كثب الأخبار المتداولة، سواء بالوسائط الإعلامية المختلفة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن مناقشة مجلسِ النواب لمشروعِ القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكامِ القانون رقم (٣٠) لسنة ١٩٧٥ بنظامِ هيئة قناة السويس، والذي ينضوي على إنشاء صندوق تابع لهيئة قناة السويس”.
وتابع: “الكلمة سلاح ذو حدين، فرب كلمة تفتح أبوابا من الأمل والصدقِ، ورب كلمة يرسلها إنسان دون علم وبيان تكون معولا للهدمِ لا البناء، وقد هالني ما رأيته وسمعتهُ أمس – من بعض المحسوبين على النخبة المثقفة – من أن ما تضمنه مشروع القانونِ من أحكام تجيز تأسيس شركات لشراء وبيعِ وتأجيرِ واستغلال أصول الصندوقِ والذي يعد – على حد وصفهم – تفريطا في قناة السويس”.
وأكد رئيس مجلس النواب أنه إزاء التخوفات المشروعة لبعض المواطنين تجاه هذا الأمر، والمقدر من جانبنا بشدة، والتي تؤججها الادعاءات والمغالطات التي صدرت عن أُناسٍ لهم مكانتهم العلمية والأدبية والثقافية بل والقانونية في المجتمع، وجدت لزاما على ضرورة توضيحِ الأمر؛ فمشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب في مجموعه بجلسةِ أمس والمتضمن إنشاء صندوق تابع لهيئة قناة السويس، لم تستكمل إجراءات الموافقة عليه بصورة نهائية.
وأكد جبالي أن مشروع القانون لا يتضمن أية أحكام تمس قناة السويس؛ لكونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها، بل ويزيد على ذلك أن الدولة ملزمة، وفق المادة (٤٣) من الدستور، بحمايتها وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا مملوكا لها، كما تلتزم بتنمية قطاعِ القناة، باعتباره مركزا اقتصاديا متميزا.
واستطرد: “أما ما تضمنه مشروع القانونِ من حقِ الصندوقِ، المزمعِ إنشاؤه، في بيعِ أو شراءِ أو استئجارِ أو استغلالِ أصوله الثابتة أو المنقولة، فهو أمر طبيعي يتفق مع طبيعة الصناديقِ كوسيلة من وسائل التمويل والاستثمارِ، ولا يمس بشكل مباشرٍ أو غير مباشر بـ” قناة السويس”، لأن لفظ “الأصول” لا يمكن أن ينصرف، بأي حال من الأحوال، إلى القناة ذاتها؛ فهي كما سلف وأن ذكرنا مال عام لا يمكن التفريط فيه.
واستكمل: “شعب مصر العظيمِ، إن مجلس النواب الذي أوليتموه ثقتكم، لم ولن ينجرف إلى إصدارِ قوانين تمس أحكام الدستورِ الذي يعبر عن ضميرِ الأمة؛ وأنه يبذل قصارى جهده في تمحيص مشروعات القوانين لضمانِ بلوغها حال إقرارها مصلحة الوطنِ والمواطن”.
كان مشروع القانون أثار جدلا واسعا في أثناء عرضه على مجلس النواب، والموافقة عليه في مجموعة، قبل إرجاء الموافقة النهائية عليه لجلسة لاحقة.
وحذر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي من “خصخصة قناة السويس”، مُشددًا على أن الإعلان عن “صندوق الهيئة الجديد” يأتي بعد أيام من اتفاق لم تُعلن كافة بنوده مع صندوق النقد الدولي.
وقال الحزب، في بيان له إن الشعب المصري فوجيء أمس بالإعلان عن موافقة مجلس النواب على مجموع مواد مشروع حكومي لتعديل القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن نظام هيئة قناة السويس.
وأضاف: “الهدف من التعديل واضح وصريح: إنشاء صندوق خاص جديد للهيئة يجري تمويله من إيرادات الهيئة وفائض أرباحها، ويعتبر من أشخاص القانون الخاص وليس العام، وأهدافه صريحة في الاستثمار وتأسيس شركات وشراء أو بالأحرى بيع أصول وخلافه، وبذلك تمتد أيادي السلطة الحاكمة إلى قناة السويس ذاتها، وهو أمر كان لا يمكن أن يتخيله غالبية المصريين، وإن كان الأمر بصدور وثيقة ملكية أصول الدولة قد أصبح واضحا منذ شهور”.
وتابع أن توقيت ظهور تعديل القانون وتأسيس هذا الصندوق الخاص الذي يخصخص القناة عمليا، بعد أيام فقط من توقيع اتفاق لم تعلن كافة بنوده مع صندوق النقد الدولي، بل تمت إحاطة الاجتماع الذي تم فيه الاتفاق بالسرية الكاملة خلافا لكل التقاليد المرعية في مثل هذه الاجتماعات التي يعقدها صندوق النقد مع الحكومات، بما يثير شبهات كبيرة عموما حول الشروط التي تم فرضها عموما، ومن بينها التوسع في خصخصة مرافق مصر الاستراتيجية بما فيها قناة السويس خصوصا.
ولفت إلى أن مجلس النواب المصري سارع للموافقة المبدئية على قانون الخصخصة هذا بدلا من أن يناقش أولا اتفاق الحكومة غير المعلن مع الصندوق، وهو اتفاق تلزم المادة ١٢٧ للدستور السلطة التنفيذية بالحصول على موافقة عليه قبل الحصول على أي قروض خارجية، وهو حق تقاعس مجلس النواب المصري هذه المرة، كما في عام ٢٠١٦ عن التمسك بالوفاء به في مواعيده قبل إقرار تلك الاتفاقات”.
وأردف أن الشبهة تزداد هنا لسابق تصريح وزير المالية برفض مصر خصخصة قناة السويس أو السد العالي، وهو ما يشير إلى أن خصخصة تلك المرافق الاستراتيجية كانت بالفعل ومنذ فترة موضع تفاوض مع الدائنين الدوليين، وممثلهم صندوق النقد الدولي.
وشدد على أن نفي الحكومة لخصخصة قناة السويس أو بيعها لا قيمة له، لأن الخصخصة لا تعني بالضرورة بيع المجرى الملاحي نفسه، بل خصخصة أنشطة هيئة قناة السويس بالسماح لشركات وجهات أجنبية بالقيام بها بشكل منفرد ببيع أصول من خلال الصندوق الجديد الكارثي، أو بالمشاركة مع الهيئة وجهات محلية أخرى.
واسترسل “التاريخ يعيد نفسه مع بالغ الأسف، والمشابهة قائمة مع ديون عهد الخديو إسماعيل التي أنفقت على البذخ والترف، وأدت إلى وقوع مصر في النهاية في العبودية المالية للدائنين والمرابين الأجانب؛ وتكتمل المشابهة لحد التطابق باقتراب الحكم القائم في مصر من خصخصة قناة السويس، ليستنسخ مسألة بيع الخديوي إسماعيل حصة مصر في أسهم القناة من أجل سداد ديون الدولة، وهو الأمر الذي كلف مصر فقدان سيادتها السياسية بعد فقدان سيادتها الاقتصادية، إلى أن تمكنت فقط في عام ١٩٥٦، وبعد ما يقرب من قرن من الزمان، من تأميم قناة السويس بقرار تاريخي كلفنا مواجهة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مجتمعين، ووقوف أحرار العالم معنا نحن المصريين”.
واختتم البيان بالقول إن “الحكم الراهن يهدر كل مكتسبات نضال الشعب المصري التاريخية، ويعود لبيع قناة السويس، بعد أن أغرق مصر في الديون”.