د. يحيى القزاز يكتب: مشروع منخفض القطارة.. تاريخه وأهميته
سألنى بعض الأصدقاء عن رأيى العلمي (كجيولوجى) في إحياء مشروع منخفض القطارة، ولم أجد أفضل من نقل ما نشر -بلا تصرف- عن مشروع القطارة من صفحة: Inland water transport and knowledge (النقل المائى الداخلى والمعارف)، أما عن رأيى الشخصى ببساطة فإن مساحة سيناء ثلاثة أضعاف مساحة منخفض القطارة، وهى مهيأة -بشكل افضل وأكثر للتنمية والعمران، وخلق فرص عمل وزيادة السكان (ناهيك عن التورط فى ديون جديدة لإنشائه)، كل ماقيل عن أحلام وإيجابيات لمشروع منخفض القطارة يمكن تحقيقها واكثر فى سيناء بنفس الهمة والجدية الدافعة لمشروع القطارة. تنمية حقيقية بدراسة جدوى تسبقها دراسات علمية متخصصة، فيها حماية مدنية لسيناء ضد أي غزو أجنبى وتأمين لعمق الدولة المصرية. المقال (هو تقرير) ثرى بكل مايخطر بال المهتمين فيه تفنيد كل الاراء وفى النهاية يبقى الرأى للقارئ حسبما اقتنع بما طرح او رفض. الأمور الفنية سنراها فى المقال المنقول اسفله مثبتة تاريخيا بمراجع، اهمها دراسات الإنجليزى الجيولوجى/الجغرافى جون بول ١٩٣٣ أثناء توليه رئاسة هيئة المساحة الجيولوجية المصرية، وهى مهمة جدا فى رؤيتها وضرورتها التنفيذية وتفصيلاتها.
وإلى موضوع المقال المنقول (نصا) عن مشروع منخفض القطارة:
شروع منخفض القطارة Qattara Depression Project
(عشرات السنين من تاريخ أول الدراسات الدراسات).
حلم مشروع منخفض القطارة:
منذ تسعين سنة وعلماء الدنيا كلها يحلمون بمشوع منخفض القطارة الذي نتوارث السمع عنه ولا نعرفه.. بدأ المشوار في عام 1916 البروفيسور هانز بنك استاذ الجغرافيا في جامعة برلين.. ثم انتقلترأيا العدوي إلي البروفيسور جون بول وكيل الجمعية الملكية البريطانية الذي نشر دراسة عنه في عام 1931.
ويظل تساؤل الدكتور عبده عبده بسيونى فى كتابه عن المشروع ينتظر إجابة… لماذا لم تقم الحكومة المصرية (أو الحكومات المصرية) وهى التى كلفت العلماء بإجراء هذه الدراسة بدورها فى تنفيذ ماجاء فيها ؟
لمحة تاريخية:
ظلت واحة العرج مجهولة لكا فة التخصصات الأكاديمية حتى نهاية الربع الأول من القرن التاسع عشر ، إلى أن جاءت أول إشارة عنها على يد ” Cailliud ” وزميله ” Letrozec ” فى كتابهمـا Meroe a Voyage(
(1826 ، ,وتبعهما ” Rohlfs ” الذى زار واحة العرج فى عام ١٨٧٤ عندما كان فى رحلة عودته مـن بحـر
الرمال العظيم ، وبداية من عام ١٨٩٦بدأت الكتابات تتزايد عن الواحـات الموجـودة بـالإقليم ، منـذ أصـدر “
و) A Journey to Siwa in Sep. & Oct. 1896 ) بعنـوان كتابـه” Jennings Brawley
( The ” Oric Bates” و) Durch die Libysche Wueste,1900) بعنوان كتابه فى” Steindorff”
.( Siwa , 1925 ) بعنوان كتابه أصدر الذى ” Belgrave ” وأخيراً، eastern Libyan, 1914)
وتأتى آخر إشارة أركيولوجية عن الواحة فى كتابات ” ,.A Fakhry ” فى عـام ١٩٣٨ – بوصـفه أول
عالم آثار مصري يزور واحة العرج – عن المقابر الحجرية فى الواحة والتـى نـشرت تحـت عنـوان The(
عن الهيدروجيولوجية الدراسات وانحصرت tombs of El – Areg oasis in the Libyan desert ) .
إقليم المنخفض فى دراسة ” I , Ramly El ” عن أصل مياه البحيرات بالمنطقة الواقعة جنوبى منخفض القطارة والتى تضم بحيرات العرج والبحرين وسترة ونويميسة .
موقع وفكرة مشروع منخفض القطارة :
يقع مشروع منخفض القطارة بالقرب من مدينة العلمين ، منطقة الساحل الشمالى الغربى ومنخفض القطارة تعدان من أكثر المناطق قدرة على استيعاب الزيادة السكانية، حيث أن طولها نحو 500 كيلومتر، على واجهة ساحلية، بعمق 280 كيلومتراً، فضلا عن منخفض القطارة الذى يعد ثانى أعمق منخفض فى الشرق الأوسط، حيث يمتد منخفض القطارة من الشرق إلى الغرب،و يقترب طرفه الشرقى من البحر الأبيض المتوسط عند منطقة العلمين، ومساحته نحو 20 ألف كيلومتر مربع، ويبلغ طوله نحو 298 كيلومترا وعرضه 80 كيلومترا عند أوسع منطقة فيه ، وأقصى انخفاض له تحت سطح البحر يبلغ 134 مترا، ويبدأ المنخفض من جنوب العلمين على مسافة 31 كيلومترا تقريبا… ويتلخص المشروع في شق مجري مائي بطول 75 كيلومترا تندفع فيه مياه البحر المتوسط إلي المنخفض الهائل الذي يصل عمقه إلي 134 متراً تحت سطح البحر.. فتتكون بحيرة صناعية تزيد مساحتها علي 12 ألف كيلومتر.. ومن شدة اندفاع المياه يمكن توليد طاقة كهربائية رخيصة تصل إلي 2500 كيلووات/ ساعة سنويا توفر مليارات الجنيهات.. ويستخدم المطر الناتج عن البخر في زراعة ملايين الأفدنة التي تحتاج الماء كي تبوح بخيراتها.. ولن تبخل البحيرة بالطبع في إنتاج كميات هائلة من الملح والسمك.. كما أنها ستخلق ميناء يخفف الضغط علي ميناء الإسكندرية.. بجانب المشروعات السياحية.. وتسكين ملايين المصريين القادمين من وادي النيل الضيق وخلق فرص عمل لهم .
مساحة منخفض القطارة تبلغ نحو 20,000 كم مربع
لو فرضنا أن عمق المنخفض 1 متر فيكون سعته 20 مليار متر مكعب.
لو فرضنا أن عمق المنخفض 5 متر فيكون سعته 100 مليار متر مكعب.
ولكن عمق المنخفض فى الواقع متدرج ويصل إلى 134 متر
أبرز مكاسب مشروع منخفض القطارة :
– تعد أبرز مكاسب المشروع توليد طاقة كهربائية نظيفة، تصل إلى 2500 كيلووات/ساعة ما يعادل 210.000 ميجا وات سنويا، بمعدل إنتاج أكثر من السد العالى الذى ينتج 2100 ميجا وات فقط بنسبة 100 مرة، توفر مليارات الدولارات على الخزانة المصرية سنويا وتزيد من فرص الاستثمار الصناعى فى المنطقة، كما يمكن زيادة كمية الكهرباء المتولدة عن طريق جعل القناة أكثر انحدارًا للجنوب ولكن من شأن ذلك زيادة تكاليف المشروع.
– يمكن استخدام المطر الناتج عن البخار فى زراعة آلاف الأفدنة فى الصحراء.
– يمكن استخدام جزء من الكهرباء المتولدة فى سحب المياه من المنخفض، وتنقيتها مما يجعل مصر أكبر دولة فى العالم إنتاجاً للأملاح ويتيح استصلاح كمية أكبر من الأراضى.
– يقوم المشروع بإنتاج مياه نقية صالحة لجميع الاستخدامات (الشرب، الري، والاستخدامات الصناعية) مما يتيح تعويض نقص المياه العذبة ويجنب مصر المشاكل مع دول حوض النيل.
– إنتاج كميات كبيرة من الملح النقى وعالى القيمة لاحتوائه على اليود.
– زيادة الثروه السمكيه .
– إنشاء المشروعات والمنشئات السياحيه على شواطىء المنخفض .
– تسكين ملايين المصريين القادمين من وادى النيل الضيق وخلق فرص عمل لهم، مع تقليل آثار الاحتباس الحرارى على مصر.
– بناء مدن جديده ومصانع تشغلها الكهرباء الناتجه عن سقوط الماء فى المنخفض .
معوقات المشروع:
– التكاليف الكبيرة لحفر مسار قناة المشروع، والتى بلغت حوالى 14 مليار دولار فى آخر حسابات وزارة الكهرباء والطاقة
– إضافة إلى وجود آبار بترول فى المنخفض وكذلك وجود امتيازات لشركات البحث عن البترول تنتهى عام 2029.
– التأثير المتوقع على مخزون المياه الجوفية الموجودة بكميات كبيرة فى الصحراء الغربية نتيجة تسرب الأملاح
– وعارض المشروع فى الثمانينات بعض العلماء على رأسهم الدكتور فاروق الباز بسبب الاتى:
1- المياه المالحه التى ستدخل المنخفض من البحر ستؤثر على عزوبة المياه الجوفيه فى الصحراء الغربيه
2- لايمكن مد قناه من فرع رشيد الى المنخفض لتزويده بالمياه العزبه وذلك لسببين الاول ان حصة مصر من مياه النيل تقل باستمرار والسبب الثانى ان المياه التى تندفع من فرعى دمياط ورشيد الى البحر تحمى الدلتا من ان ياكلها البحر وتحافظ على المياه العزبه الجوفيه للدلتا
يستهدف مشروع منخفض القطارة شق قناة أو أكثر تصل مياه البحر الأبيض المتوسط بحافة المنخفض، وإقامة محطة توربينية أو محطات لاستغلال تساقط المياه إلى المنخفض لتوليد طاقة كهربائية اقتصادية، لا ينتج منها أضرار ولا تلوث للبيئة، كما يمكن تكثيف المياه المتبخرة أو جزء منها، وكذلك تحلية هذه المياه واستخدامها فى الزراعة المنظمة، وإقامة مجتمع متكامل فى خمس مساحة مصر .
– مشروع منخفض القطارة هو أحد المشروعات المدرجة بخطة وزارة الكهرباء والطاقة باعتباره مشروعا تمت دراسته بمعرفة هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء بقدرة مركبة 1800 ميجاوات ، ولكن لم يُدرج المشروع للتنفيذ فى أى خطة خمسية لمشروعات محطات التوليد خلال الفترة من العام المالى 2002-2003 إلى العام المالى 2021-2022 (أربع خطط خمسية) ، رغم أنه فى رأى الكثير من الخبراء نموذجا جيدا لمشروعات المستقبل ذات المنافع الإقتصادية الهائلة من حيث توفير الطاقة وخلق مجتمعات عمرانية وحضارية جديدة .
وفيما يلى موجزا للتسلسل التاريخى للدراسات التى تمت بالنسبة لهذا المشروع :
– بدأ التفكير فى الإستفادة من منخفض القطارة فى عام 1916 ، عندما طرح الأستاذ الدكتور بنك أستاذ الجغرافيا بجامعة برلين فكرة توصيل مياه البحر المتوسط بالمنخض .
– خلال الأعوام 24-1927 تولت مديرية الصحارى بمصلحة المساحة الجيولوجية التى كان يرأسها الدكتور جون بول فى ذلك الوقت الأعمال المساحية للمنخفض . واقترح الدكتو بول توصيل مياه البحر المتوسط إلى المنخفض لتكوين بحيرة كبيرة واستغلال ذلك فى توليد الكهرباء .
– فى عام 1927 قام المهندس حسين سرى رئيس مصلحة المساحة الجيولوجية فى ذلك الوقت بإجراء دراسة أولية على المشروع .
– فى عام 1931 قدم المهندس حسين سرى وكيل وزارة الأشغال تقريرا عن المشروع إلى المجمع العلمى المصرى .
– فى عام 1933 نشر د. جون بول دراسة عن المنخفض وإمكان استخدامه فى توليد الكهرباء بمجلة الجغرافيا بلندن .
وحين رُجحت فكرة توليد الطاقة من خزان أسوان أُغلق مشروع القطارة للمرة الأولى
– فى عام 1949 قدم المهندسون السويسريون (أخوان جروير) تقريرا عن المشروع.
– فى عام 1958 قدم المهندسون الإستشاريون السويديون “ف.ب.ب” تقريرا مبدئيا عن المشروع .
فى هذه الأثناء تقرر تنفيذ مشروع السد العالى وأُغلق المشروع للمرة الثانية
– فى عام 1959 قامت شركة سيمنز الألمانية بعمل دراسات ميدانية للمشروع.
– فى عام 1960 قامت إدارة القوى الكهربائية المائية بوزارة الأشغال بإعداد تقرير عن مشروع منخفض القطارة
– فى عام 1961 أُدرج هذا المشروع فى اتفاقية التعاون الفنى مع حكومة ألمانيا الإتحادية فى شهر يوليو من نفس السنة .
– فى عام 1964 عُقدت بشأن هذا المشروع اتفاقية خاصة حددت أعمال البحث والتصميم ومسئولية الجانب الألمانى ومسئولية الجانب المصرى .
– انتهت الأعمال البحثية ، وقدم الجانب الألمانى التقرير الجيولوجى – ولم يقدم التقرير الفنى لقطع العلاقات السياسية مع ألمانيا وفتذاك , وأُغلق المشروع للمرة الثالثة .
– مع عودة العلاقات الثنائية ، كلفت الحكومة الألمانية الدكتور فريدريك بازلر الأستاذ بجامعة دارمشتات بعمل دراسات ميدانية على المسارات السابق اقتراحها منذ عام 1933 للمجرى المائى بين البحر المتوسط ومنخفض القطارة لإختيار أنسبها .
– فى عام 1973 تقدم دكتور فريدريك بازلر بالتقرير النهائى والذى انتهى بالمسار الغربى كأنسب المرادفات وأن المشروع يكون اقتصاديا فى حالة شق قناة توصيل مياه البحر إلى المنخفض بواسطة التفجيرات النووية النظيفة.
– وصل المشروع إلى الحد الذى أصدر فيه مجلس وزراء مصر قرارا فى جلسته المنعقدة فى 25/7/1973 ينص على اعتبار هذا المشروع مشروعا قوميا وعلى ضرورة إعطائه الأولوية والأهمية الواجبة مع دراسة مدى إمكان استغلال المشروع من مختلف النواحى الإقتصادية الأخرى إلى جانب توليد الكهرباء .
– أثير بعد ذلك التخوف من استخدام الطاقة النووية فى حفر الأنفاق ، وتدخلت بعض العناصر الأجنبية والمغرضة لبث الرعب فى نفوس المسئولين بالترهيب من الآثار المدمرة لبحيرة المنخفض على البيئة واحتمال حدوث الزلازل .. إلى آخره من عوامل الترهيب . وكان ذلك كفيلا بتحويل قرار مجلس الوزراء المشار إليه إلى أن يصبح حبرا على ورق ، وأغلق المشروع للمرة الرابعة .
– مرة أخرى وبالتحديد فى أغسطس 1975 كلف رئيس مجلس وزراء مصر فريقا بحثيا برئاسة كل من الدكتور بازلر الأستاذ بجامعة دارمشتات التكنولوجية بألمانيا والدكتور عبد الفتاح إبراهيم الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية بعمل دراسة حول تنمية وتعمير الصحراء الغربية خلال الخمسين سنة القادمة أى من 1975 وحتى 2025 م . وقسمت الدراسة الصحراء الغربية إلى أربعة مناطق هى : الساحل الغربى للبحر المتوسط – منطقة منخفض القطارة – منطقة الوادى الجديد – منطقة الضفة الغربية لبحيرة السد العالى .
وانتهت الدراسة المشار إليها إلى بعض النتائج الهامة ، نقتصرها بسرد مايتعلق بالمنطقتين الأولى والثانية لإرتباطهما بمشروع منخفض القطارة ؛ حيث لايمكن التفكير فى تعمير الساحل الشمالى الغربى وشمال الصحراء الغربية دون التفكير فى مشروع منخفض القطارة . وقدمت الدراسة بيانا بالتكاليف اللازمة لذلك ، وكان مجموع هذه التكاليف بالنسبة للمنطقتين الأولى والثانية شاملة تكاليف استيطان أربعة ملايين مواطن مصرى وتوفير احتياجاتهم من المياه اللازمة للشرب والإستخدام المنزلى وكذلك تجهيز مساحة 2 مليون فدان للزراعة – كانت تكاليف كل ذلك وحسب أسعار 1975 حوالى 880 مليون جنيه مصرى .
ملخص فكرة المشروع وتطورها :
توصل الدكتور بول فى دراسته التفصيلية التى نشرها عام 1933 عن مشروع منخض القطارة بغرض توليد الكهرباء إلى مايلى :
– أكبر طول للمنخفض 300 كم وأكبر عرض له 145 كم عند منسوب سطح البحر (منسوب الصفر) ، ومساحة سطح البحيرة عند هذا المنسوب حوالى 19500 كم2 ، وأقصى عمق للمنخفض هو – 134 م تحت منسوب سطح البحر .
– تغطى أرضية المنخفض فى معظم مساحتها التى تبلغ 5800 كم2 السبخة ، وتتكون من خليط من الرمال والأملاح والمياه ، أثبت بول أنها ليست نتيجة لتسرب مياه البحر عبر الشقوق الأرضية ، بل هى نتيجة لتسرب المياه الجوفية التى تتسرب إلى أرضية المنخفض مذيبة فى طريقها أملاح الصخور التى تمر بها .
– إفترض بول ثلاثة مناسيب يصل إليها منسوب سطح البحيرة كحد أقصى مناسب لتوليد الكهرباء ، ليختار بعد ذلك المنسوب الأفضل بعد عمل حساباته وهم : منسوب -50 و – 60 و -70 م تحت منسوب سطح البحر ، تكون مساحة سطح البحيرة عند هذه المناسيب بالترتيب هى 13500 ، 12100 ، 8600 كم2 . ثم حدد بول أنسب 3 مسارات للمياه من البحر حتى المنخفض وسماهم بالمسار D والمسار E والمسار F كما هو موضح بالشكل رقم 1 كما يشمل مسارا مقترحا هو المسار B .
– أجرى بول بعد ذلك دراسة تفصيلة لتحديد أنسب الشروط مع اعتبار أسوأ الإحتمالات بالنسبة للعمر التشغيلى لبحيرة المنخفض ، بغرض الإحتفاظ بفرق منسوب فعال بين سطحها وسطح البحر . فقدر بول المتوسط اليومى الفعلى لتساقط الأمطار على منطقة المنخفض بـ 0.06 مم ، مع وصول هذا التقدير للضعف مع امتلاء البحيرة حتى المناسيب المفترضة سابقا. ثم وضع فى حساباته معاملا للأمان للمعدل اليومى لتساقط الأمتار فكانت النتيجة : 0.15 ، 0.16 ، 0.18 مم يوميا مع المناسيب المفترضة -50 ، -60 ، -70 م على الترتيب .
– أجرى بول بحوثا مستفيضة على المنطقة وبحوثا مقارنة لمناطق أخرى مثل منطقة بحيرة قارون بمنخفض الفيوم وبعض تكوينات أخرى مماثلة بأماكن مختلفة بالعالم لحساب معدل البخر المتوقع لمياه بحيرة المنخض ، باعتبار ذلك عاملا هاما فى أساسيات تصميم أى نظام مائى شمسى لتوليد الكهرباء hydro-solar system ، وكانت نتيجة حساباته أن معدل البخر عند كل منسوب افتراضى مقترح لسطح البحيرة طبقا لما سبق الإشارة إليه سوف يكون فى المتوسط 4.6 ، 4.3 ، 4.0 مم يوميا على الترتيب .
– وبعد أن وضع بول تفصيلا كل نتائج معدلات تساقط الأمطار وتسرب المياه الأرضية للبحيرة ومعدلات البخر، وتحديد معدلات تدفق مياه البحر إلى البحيرة . وصل إلى توقع الوصول لأقصى تركيز للأملاح بالبحيرة عند المناسيب الثلاثة المفترضة بعد 160 ، 120 ، 100 سنة على الترتيب ، وأن البحيرة سوف تصل إلى درجة التشبع بالأملاح عند هذه المناسيب بعد 1230 ، 940 ، 780 سنة على الترتيب .
– توصل بول بعد بحوث مستفيضة إلى اختيار المنسوب – 50 م لسطح البحيرة من بين المناسيب الثلاثة المفترضة ، وإلى اختيار المسار D من بين المسارات الثلاثة المقترحة لتوصيل مياه البحر إلى المنخفض ، وموضح بالشكل رقم 2 القطاع الجيولوجى عبر هذا المسار .
– واقترح بول مشروعا تكميليا لتوليد الكهرباء بنظام الضخ والتخزين pumped-storage system إلى خزان مرتفع بمنسوب + 200 فوق منسوب سطح يتم اختياره على أحد نهايات المسارات الثلاثة المقترحة طبقا لطبوغرافية المنطقة لكى يعمل مع النظام الأساسى لتوليد الكهرباء أوقات ذروة الأحمال على الشبكة الكهربائية.
– وأنهى بول دراسته بتوقع منافع كثيرة بمنطقة مشروع المنخفض غير توليد الكهرباء ، من بينها إمكان إنشاء عدد من الملاحات لإستخراج الأملاح تجاريا من البحيرة .
وفى إطار التعاون المشترك بين حكومة مصر وحكومة ألمانيا الإتحادية (الغربية) ، شكلت وزارة الإقتصاد الألمانية عام 1964 فريقا من الخبراء يرأسه الدكتور بازلرBassler الأستاذ بجامعة دارمشتات التكنولوجية لدراسة مشروع منخفض القطارة ومشروعات التنمية الممكنة بالمنطقة .
بعد إن إطلع بازلر على كافة الدراسات التى أجراها بول ، حدد مسار المياه من البحر للمنخفض بمسار بين المسارين D ، E (موضح بالشكل رقم 1 بإسم Bassler) . وبعد دراسات جيولوجية وهندسية تفصيلية ، قام فريق الخبراء الألمان عامى 1964 ، 1965 بتحديد الجدوى الفنية والإقتصادية لمشروع منخفض القطارة .
وكان الحل الأمثل الذى ثبتت جدواه الفنية هو إختيار المنسوب – 60 لسطح البحيرة كأعلى سطح تشغيلى للبحيرة (اختاره بول – 50) بمساحة 1200 كم2 تبعا لذلك ، وفى هذه الحالة سوف تنقص كمية مياه البحيرة سنويا نتيجة البخر 19000 مليون متر مكعب طبقا لنتائج اختبارات وحسابات الفريق الألمانى ، الذى وضع فى اعتباره كمية المياه التى يمكن أن تتسرب للبحيرة من المياه الجوفية . وكان بول قد قدر كمية الفقد بالبخر بـ 17000 مليون م3 عند منسوب -60 لسطح البحيرة .
كما حدد بازل معدل التدفق الأنسب لمياه البحر للبحيرة بـ 600 م3/ث (كان قد حددها بول بـ 546 م3/ث) وذلك لتعويض الفقد السنوى بالبخر لمياه البحيرة ، وهذا التدفق سيكون من خلال نفق طوله 80 كم تحت سطح الأرض ليتساقط فى نهايته على غرفة التوربينات عند منسوب -54 م تحت سطح البحر (أنظر الشكل رقم 3 فى الأسفل).
ووضع بازلر فى دراسته ضرورة وجود محطة ضخ وتخزين ، تعمل على ضخ المياه أوقات الأحمال المنخفضة لخزان علوى عند منسوب + 215 م فوق سطح البحر سعته 50 مليون م3 . ويقع هذا الخزان على حافة المنخفض ، وهو خزان طبيعى كان قد تم اكتشافه أثناء الأبحاث الجيولوجية والطبوغرافية التى قام بها الفريق الألمانى .
وتبعا لذلك فإنه فى أوقات ذروة الأحمال على الشبكة الكهربائية بدلتا مصر ، سوف يصل مجموع القدرة الكهربائية المتاحة من مشروع منخفض القطارة مع تشغيل محطة الضخ والتخزين إلى 4000 ميجاوات .
وأوضح بازلر أنه لم يتمكن من تقدير التكلفة الرأسمالية للمشروع تقديرا مقبولا ، نظرا لأن العامل الحاكم فى تلك التكلفة يتمثل أساسا فى تكلفة حفر الأنفاق – وكان قد أوصى بحفر ثلاث أنفاق ، أحدهما فى الخدمة والثانى إحتياطى ، والثالث لم يتضح لنا وظيفته من الأوراق المتاحة أمامنا – ، كما أوصى باستخدام الطاقة النووية السلمية النظيفة فى حفر الأنفاق الثلاثة ، باعتبارها الوسيلة الأقل تكلفة زمنا ورأسمالا ، لكى يمكن إثبات جدوى المشروع من الناحية الإقتصادية .
لكن الظروف السياسية كانت تقف لمشروع منخفض القطارة بالمرصاد ، فالولايات المتحدة رفضت أن تستخدم مصر الطاقة النووية استخداما سلميا ، وأجبرت ألمانيا على التسويف ، وهو ماعطل المشروع سنوات طوال .. فهل تغيرت تلك الظروف الآن .. !! ، وإن لم تكن قد تغيرت بالنسبة لإستخدام مصر للطاقة النووية ، فهل يمكن دراسة جدوى حفر تلك الأنفاق بمعدات شق الأنفاق الحديثة التى تطورت كثيرا فى تصميمها وأدائها منذ وقت بازلر فى نهاية الستينيات وحتى الآن ، مثل التى يتم استخدامها حاليا فى شق أنفاق خطوط المترو تحت الأرض بالقاهرة الكبرى .
ومن خلال برنامج للتعاون مع قطاع الطاقة فى مصر ، قدمت الوكالة السويدية للتعاون الدولى والتنمية تقييما غطى بعض مشروعات وزارة الكهرباء والطاقة ، أوصت فيه بضرورة التنسيق بين هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية وشركة المحطات المائية لإنتاج الكهرباء وبين وزارة الموارد المائية والرى فيما يتعلق بمشروعات الطاقة الكهرومائية وكفاءة تشغيل المحطات المائية . ثم أشارت عرضا فى عدد من السطور إلى مشروع منخفض القطارة (ص 49 الطبعة الإلكترونية 1999 ) إلى أنه أصبح وكأنه مازال فى مراحل التصورات الأولى ولم بسعى أحد لإنجاحه وتطويره ، ثم أضافت الوكالة السويدية دون دراسة جادة أو تحديث جاد إلى أى دراسة سابقة إلى أنه لن يتحقق من تنفيذ مشروع منخفض القطارة إضافة حقيقية لأراضى زراعية جديدة ، وقد تتسبب البحيرة الناشئة بالمنخفض فى زيادة ملوحة المياه الجوفية بواحة سيوة ، وزيادة درجة الرطوبة فى البيئة المحيطة بها .
ثم قالت الوكالة السويدية : إن كان الهدف هو تحقيق بدائل لموارد مصر الناضبة من الوقود الحفرى كالنفط والغاز الطبيعى كمصادر للطاقة ، فيجب توجيه الإهتمام لمصادر الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية ، وخاصة مع ضخامة التكلفة الرأسمالية لمشروع منخفض القطارة وتوقع تضاعف تلك التكلفة مع مرور الوقت .
ملاحظة هامة : هناك آراء ودراسات أخرى مبدئية تمت بعد القفزة التكنولوجية الهائلة التى حدثت بأداء معدات شق الأنفاق عظّمت كثيرا من المنفعة الإقتصادية والإجتماعية لمشروع منخفض القطارة . هذا إضافة لتوفر مؤشرات قوية على وجود إحتياطى بترولى ضخم تحت أرضية المنخفض التى تبلغ مساحتها 5800 كيلومتر مربع ، ويصعب الإستفادة منه حاليا لإستحالة تحريك أو وضع حفارات أو إنشاء منشآت على أرضية المنخفض المكونة من السبخة (خليط من الرمال والأملاح والمياه) ، فإذا امتلأ المنخفض بمياه البحر وأصبح بحيرة ، سهُل استغلال هذا الإحتياطى بالحفارات البحرية …. لذا يلزم من أجل ذلك ضرورة تحديث كل الدراسات السابقة للمشروع وإعداد دراسة جديدة جادة ومحايدة .
ثلاثة مقترحات لنوعية المياه اللازمة للمشروع :
1- تحلية مياه البحر وتوصيلها وصبها بالمنخفض! 2- توصيل مياه البحر مباشرة إلى المنخفض!3- توصيل مياه النيل التى تصب فى البحر المتوسط إلى المنخفص.
1- تحلية مياه البحر وتوصيلها وصبها بالمنخفض:
– من المستحيل إقتصادياً ولا عملياً تحلية مياه البحر لملىء المنخفض للتكلفة الهائلة الخيالية بالنسبة لسعة المنخفض.
“أكبر محطة تحلية مياه بحر فى العالم تنتج ربع مليار متر سنوياً وتكلفة المحطة 7.2 مليار دولار وهى محطة رأس الخير بالمملكلة العربية السعودية” فكم محطة يمكن أن نملىء بها المنخفض.
– أى مياه عذبة تصب فى هذا المنخفض تصبح شديدة الملوحة وتعتبر مفقودة لطبيعة رواسب الخزان.
– لماذا أساساً نريد أن نحلى المياه ونصبها فى المنخض بمعنى ما هو الهدف والعائد؟!!!
2- توصيل مياه البحر مباشرة إلى المنخفض:
البعض يقول لتوليد الكهرباء ولخفض مستوى البحر للحفاظ على الدلتا من أن تغمر !!
– تكلفى الحفر لتوصيل مياه البحر إلى المنخفض يمكن أن تتعدى 15 مليار دولار.
– التوصيل لن يسبب إنخفاض مستوى البحر المتوسط بسبب إتصال البحر الطبيعى بكل مياه الكرة الأرضية وحجم المنخفض لا يقارن بها على الإطلاق ولن يكون هناك تأثير يذكر.
– التوصيل هو إسراع لإغراق شمال مصر بالكامل وليس دلتا النيل فقط.
– مع دخول وصول مياه البحر ومع البخر تتركز الأملاح ومع تعويض البخر بماء أخى من البحر سيتحول المنخفض مع الوقت إلى بحر ميت بأملاح تزداد تركيزاً كل يوم.
– مع البخر تزداد الملوحة أكثر وتتعذر معها الحياة سواء للأسماك أو للنباتات.
– كمية الأملاح هائلة وأكبر من أن ترفع بطريقة أو أخرى.
– سيؤثر المنخفض وملوحته على خزانات المياه الجوفية غرب الدلتا وعلى الخزان الجوفى النوبى.
– إحتمال حدوث زلازل بنسبة 50% بسبب ثقل المياه المخزنة فالمتر المكعب الواحد من المياه يزن طن.
– نتائج المشروع السلبية “irreversible” أى لا يمكن إزالتها بتوقف المشروع.
3- توصيل مياه النيل التى تصب فى البحر المتوسط إلى المنخفض !!!
– كمية مياه النيل التى تصب فى البحر المتوسط بسيطة جداً ” على حد علمى لا تتعدى نصف مليار متر مكعب سنوياً” وهى وأقل مما يجب أن يصب فى البحر لمنع طغيان مياه البحر على الدلتا وهو ما يهدد أراضى الدلتا كما أن أراضى الدلتا المحازية للبحر المتوسط يجب أن تروى بالغمر وليس بالرى الحديث لنفس السبب وبالتالى الفكرة غيرعملية وغير علمية- #المقاومة هي الحل