د. يحيى القزاز يكتب: تطبيع العلاقات وتوحيد الأديان
الديانة الجديدة هى رسالة بدين جديد تتنزل على قوم يسودهم الجهل، فتنير لهم الطريق. تقوم بالتشريع من شريعتها التي يتبعونها، ليضمنوا جنة الآخرة ويأمنوا مكر الدنيا، ولها وحى ورسول ومكان نزول. والإسلام هو الدين الخاتم أو الدين الأخير كما نعرف. إلا اننا فوجئنا بديانة جديدة في نهاية العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين، تنزلت في جزء أسود من صحراء العرب، أوحى بها “النتن ياهو” على ميمون حبيب الأمريكان. بشر بدين جديد يدعى “الدين الإبراهيمى” نسبة لسيدنا إبراهيم أبوالأنبياء عليه السلام، وهذا الدين جب ومسخ ماقبله من إديان.
لم يتحرك رجال الأديان الثلاثة للاعتراض (رجال الدين اليهودى والمسيحى والإسلامى) وكأنها مباركة وتأكيد على الدين الجديد موحد الأديان في بوتقة إسرائيلية، إنه “الديانة الصهيونية”.
غرد الحواريون (الصهاينة الجدد) بالتوحيد الجديد الذى وحد الأديان في دين واحد جديد، واستبشروا خيرا، وعاثوا في الأرض فسادا. لم يعلنوا كفرهم بالدين الجديد أو ربما أعلنوا كفرهم شرط إيمانهم ولكن أمام نتنياهو فقط.
صمت الغالبية، فهل كان صمت المستضعفين أم المتشككين في دياناتهم القديمة فلم يعترضوا؟!. وانبرى آخرون واسموه التطبيع.. فهل هو تطبيع بين الأديان أم تطبيع بين السادة والعبيد، للأول حق السيادة وعلى الثانى واجب الطاعة والإذعان مقابل العيش في أمان؟!
وتكاد تنفجر الرأس بمطرقة السؤال الغبى: لماذا يحدث هذا في منطقتنا العربية دون سواها، قلب الأمة الإسلامية، ونحن خير أمة أخرجت للناس بنص القرآن؟! مسحت العالم سريعا فلم أر أمة غنية بمواردها الطبيعية وموقعها ويتكالب عليها أعداؤها، ويستسلم حكامها لهم طواعية سواها. الغرب يستعبد الحكام العرب، يستنزفون ثروات دولهم، والحكام يستعبدون شعوبهم، وكأنهم العبيد في عصر ماقبل تحرير العبيد وقبل نزول الأديان. تختلف الإجابات فيعزوه البعض للجهل القابع في العقل العربى، وبعض آخر يعزوه للتجهيل الذى يمارسه إعلام كل الفصائل، والبعض الآخر يعتبرونه من نواتج التطبيع.
الجهل هو العدو الأول للأمة، وأخطر منه التجهيل. الجهل يمكن مقاومته بالمعرفة. والتجهيل هو التصحر المعرفى وتغييب الوعى القومى، والقضاء على الموروث الوطنى والثقافى. التجهيل يسعى لاحتلال العقل وتجريفه. ومن يُحتل عقله يسهل انقياده. التجهيل يؤدى إلى التطبيع ببساطة، والجهل يغض الطرف فيدعه يمر بسلام.
التطبيع هو آفة الأمة ومعول هدمها. بدأه نظام السادات ويستمر في آواخر سبعينيات القرن العشرين، وعلى خطاه يسير بقية الحكام. وإن استمر التطبيع بهذه السرعة ففي خلال عقد أو على الأكثر عقدين لن تجد سوى خريطة العالم العربى (سابقا) إسرائيل الكبرى حاليا، حتى المقدسات ستلحق الكعبة بالقدس، ونغنى المواجع ونبكى على أطلال الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة. دورنا الآن هو مقاومة التطبيع. وهو دور معرفى توعوى، وفيه المقاومة بالكلمة، وهى أخطر واكثر انجازا من المقاومة بالرصاص. حرب شرسة نخوضها بشرف الكلمة. فتحرير العقل أصعب من تحرير الأرض. العقل الواعى هو الدرع والحصن للأمة، هو المصنع الذى ينتج تكنولوجيا التقدم. وهو اقوى سلاح تخوض به الدول حروبها فتنتصر وتحرس به أوطانها. لذلك اتجه الاستعمار الحديث وعلى رأسه الصهيونية الى استعمار العقل العربى بالتطبيع. وهو استخدام القوى الناعمة للتزييف والسيطرة على عقول الشعوب العربية ، وأراضيهم بوهم الجيرة والانسانية وحق العيش والديانة الإبراهيمية المشتركة!!.. تبشير بدين صهيونى جديد والغاء للرسالات اليهودية والمسيحية والإسلام بينما اسرائيل تتمسك باليهودية، وتمارس بها عنصريتها فى تهويد الاراضى الفلسطينية.
من يقبل ويروج للديانة الابراهيمية الجديدة (الديانة الصهيونية) هل لديه القدرة والجرأة والشجاعة أن يعلن على الملأ كفره بدينه، واعتناق الديانة التبشيرية الجديدة؟ التطبيع هو اختيار العبودية برضا مقابل العيش بأمان فى ظل احتلال صهيونى سافر لاراضينا العربية ومقدساتنا. البداية الحقيقية لمحو الجهل ومقاومة التجهيل والتطبيع هو تعليم جيد يبدأ من المراحل الابتدائية باحترام العلم والمعلم. التعليم الابتدائى هو قاعدة التعليم إن صلحت صلح التعليم وإن ساءت ساء التعليم. بالعلم ترقى الأمم وتسود، وبالجهل تصير الأمة مطية، وبالتجهيل تمسى خرابا، وبالتطبيع مع العدو تتبيت مستعبدة. مخاطبة المطبعين بخطورة التطبيع ضرورة وطنية، وفضح الفجار منهم واجب قومى. خطورة التطبيع أنه ناعم يسير بوجه باسم، يظهر ابتسامة ويخفى خلفه خنجرا ليطعننا.
نحن أصحاب الحق والارض من المحيط إلى الخليج، ومن يفرط فى ارضه يفرط فى عرضه، لذلك فنحن ضد التطبيع لانه يمحو الهوية، ويفتت ويلتهم “القارة العربية”، ويحقق للصهيونية ،وبسهولة، مالم يحققه سلاح الردع من الاستيلاء على الأراضى العربية.
#المقاومةهىالحل
