د. ممدوح سالم يكتب: موضوع صدَّام سوق دشنا
للذين من هناك ويعلمون طبيعة الجغرافيا والطيبغرافيا الاجتماعية للمكان يدركون أن ترجل صاحبنا ممسكا البندقية الرشاش في يمينه ومتقلدا حقيبة الذخيرة الممتلئة بمظاريف لا يقل ثمن أحدها عن ٣٠٠ج فيما أظن، يعني إذا أطلق دفعة من رشاشه مضروبا في ٣٠ طلقة فقد أهلك ما يقارب العشرة ألوف من الجنيهات…يدرك هؤلاء أن الموضوع ليس مجرد فروض إتاوة كما أشيع! ( مهما يكن، فإنه لن يتمكن من جلب ربع ما أهلكه في دفعة رشاش واحدة)
الموضوع يتعلق بعوامل عدة منها أنه كاره نفسه والعيشة واللي عايشينها من وجهة نظره، خاصة حال كونه محكوما عليه بأحكام سابقة عديدة، ما جعله يخلع ولاءه لدولة القانون…
وإذا رحت تخوفه بالقانون سيقول لك ساخرا: (الجانون بتاعك في الكتب)، أو إن كان مطلعا سيخبرك أنه في كلية الحقوق… وسيعقب غير آبه مهما تكن أنت حجما ووظيفة: ( غوووووور من وشي لددفنك)! ( لاحظ خاصة النبر المعنية هنا مع جحوظ العينين وبعض من صوت جذ أسنانه)
قد ترى صاحبنا ومن شاكله ذلك الذي يحمل رشاشه وذخيرته الممتلئة ضامر البطن حافي القدمين… وذلك ليس من قلة أو عوز، بل إنه ثري ثراء لا تملكه أنت ولا بعض جيرانك في التجمع الخامس… لكنه يعبر بشكله وهيكله الذي ترى عن تمرده واستقوائه وهيمنته وهو يعرف أنه يترجل في طريق الموت، بل لا تعجب إذا أخبرتك أن من يحمل قلبا ميتا في عرفنا نحن أهل الصعيد فإنه يصادق الموت نفسه يا عزيزي!
الموضوع لا يقارن ببلطجة الأحياء الشعبية في المحروسة بحال، ومحاولة تقريب المشهد من هذه الزاوية ظلم كبير وتدليس لحقيقة المشكلة وطبيعة الجريمة.
وراء ذلك الرجل والمئات ممن على شاكلته ألوف الدوافع والقصص المروية خلف ذلك الجبل الشرقي الذي يأويهم
إنهم المطاريد الذين يرفعون ألوية التمرد حتى على القبيلة كما كان فعل الصعاليك في الجاهلية الأولى.
النتيجة المعتادة المتوقعة من الحكومة التحرك للقبض على هؤلاء ثم إيداعهم الحجز ثم الحكم بالقانون الذي لا يعترف به هؤلاء أصلا… ثم العودة إلى سابق العهد وبزيادة الانتقام من المجتمع والناس أجمعين.
ومن أسف عظيم ذلك الادعاء الرائج بانتهاج ممارسات غير معلنة تتجاوز القانون حال هروب الجاني، من مثل اللجوء إلى احتجاز نساء من أهل بيته كورقة ضغط (حتى يقابل) وفق المصطلح المتداول، وهنا تتوالد مشكلات مجتمعية وتحديات كارثية.
ولا شك فإن مثل تلك الممارسات وذلك التصرف مرفوض ولا يقبله رجال الداخلية ولا يدعمه القانون بحال مهما يكن من مبررات التصرف وآليات اللجوء لمثله.
ومجمل القول إذا أردنا حلا ما يأتي:
العمل على العناية بإقليم الصعيد وانتشاله من تجاهل دام طويلا في الحقب الماضية لولا بعض المشروعات التنموية البارزة في الفترة الأخيرة… لكن لم يزل يحتاج إلى مشروعات استثمارية كبرى (مسمعة)
العمل على دراسة الأسباب الاجتماعية الحقيقية لاجتثاث بؤر الإجرام، وحسن معاملة الشرطة للناس في بر النيل شرقه وغربه.
تثقيف رجال الشرطة من المغتربين عن إقليم الصعيد بثقافة الناس وطرائق التعامل وفقا للبيئة والجغرافيا والتاريخ…
وألاحظ أنه في الآونة الأخيرة يتم ذلك بنجاح ملحوظ…
بعيدا عن الوعظ والمصالحات الشكلية التي تتم من أجل الفوز بمقعد النواب أو الشيوخ ينبغي إرجاع الحق لأهله، وعدم نصرة الظالم الثري القادر…
ثم توفير فرص عمل حقيقية ومشاريع استثمارية كبرى تشغل وتستثمر طاقات الرجال.
ومن قبل ذلك كله يجب العمل على إنقاذ الشباب من خطر المخدرات وسموم الشابو وغيره التي انتشرت في إقليم الصعيد كالنار في الهشيم.
وهذا وللحديث بقية إن شاء الله
#ود_سالم

