د. محمد مدحت مصطفى يكتب: الاتفاقيات الدولية وحوض نهر النيل (4)
الاتفاقيات الدولية القائمة:
عند النظر للاتفاقيات الخاصة بمياه نهر النيل نجد جميع هذه الاتفاقيات قد تم توقيعها عندما كانت دول الحوض تحت الاستعمار، كما أن غالبية هذه الاتفاقات لم توقع في الأصل كاتفاقيات خاصة بتنظيم استغلال مياه نهر النيل، وإنما تم توقيعها بصفتها اتفاقات حدودية تضمنت بندا أو بندين يخصان نهر النيل. ونظرا لأهمية كل من اتفاقيتي عام 1929م، وعام 1959م فسوف نتناولهما بالتفصيل، أما باقي الاتفاقيات فسوف نكتفي بالإشارة إليها.
الاتفاقيات العامة وترسيم الحدود:
وهي مجموعة الاتفاقيات التي وقعتها البلدان الاستعمارية مع بعضها، والتي اهتمت أساساً بتعيين حدود مناطق النفوذ فيما بينها، إلا أنها اهتمت أيضاً في بعض بنودها بتنظيم أمور نهر النيل على اعتبار ما لها من أهمية خاصة تمتد إلى احتمالات النزاعات الحدودية بين مناطق النفوذ التي تعمل البلدان الاستعمارية على إقرارها. ومع تعدد هذه الاتفاقيات فإننا سنكتفي هنا باستعراض أهم تلك الاتفاقيات ومن بينها: بروتوكول روما 1891م، معاهدة أديس أبابا 1902م، اتفاقية لندن 1906م، الاتفاقية الثلاثية 1906م، الرسائل البريطانية الإيطالية 1925م.
أ – بروتوكول روما 1891م:
وهو بروتوكول موقع في 15 إبريل 1891م بين بريطانيا بصفتها صاحبة السيادة على السودان وبين إيطاليا بصفتها صاحبة السيادة على إثيوبيا، بشأن تقسيم النفوذ فيما بينهما في شرق أفريقيا من رأس كاسار Ras Kasar إلى النيل الأزرق، وتعيين الحدود بين إرتريا والسودان. وجاء في المادة الثالثة من هذا البروتوكول “تتعهد الحكومة الإيطالية بعدم إقامة منشآت للري أو أي منشآت أخرى على نهر عطبرة يكون من شأنها أن تُعدّل من حجم تدفق المياه إلى نهر النيل”.
ب – معاهدة أديس أبابا 1902م:
وهي معاهدة موقعة في 15 مايو 1902م بين بريطانيا العظمى وإثيوبيا بشأن تعديل الحدود بين إثيوبيا والسودان المصري البريطاني. وجاء في نص المادة الثالثة من هذه المعاهدة “يُلزم جلالة الإمبراطور مينليك الثاني ملك ملوك إثيوبيا نفسه أمام صاحب الجلالة البريطاني بأن لا يُقيم أو يسمح بإقامة أي عمل عبر النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط يُمكن أن يوقف تدفق مياهها إلا بالاتفاق مع حكومة صاحب الجلالة البريطاني وحكومة السودان”.
ج – اتفاقية لندن 1906م:
وهي اتفاقية موقعة في 19 مايو 1906م بين كل من الملك إدوارد ملك بريطانيا العظمي والملك ليوبولد ملك بلجيكا وراعي حكومة دولة الكونغو، وتُعَد امتداد للاتفاق الموقع في 12 مايو 1894م -لم نتوصل لنص ذلك الاتفاق- والخاص بتحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في شرق ووسط أفريقيا. وقد جاء أيضا في مادتها الثالثة “تتعهد حكومة دولة الكونغو المستقلة ألا تُقيم أو تسمح بإقامة أي عمل فوق أو بالقرب من نهر سيميليكي Semliki أو نهر إيزانجو Isango -من روافد نهر النيل- يكون من شأنه إنقاص كمية المياه التي تدخل بحيرة ألبرت إلا بالاتفاق مع الحكومة السودانية”.
ء – الاتفاقية الثلاثية 1906م:
وهو اتفاق تم التوقيع عليه في 13 ديسمبر 1906م بمدينة لندن بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، لذلك أطلق عليه الاتفاق الثلاثي. وينص في مادته الرابعة على “ضرورة الحفاظ على مصالح مصر وبريطانيا في حوض النيل ، وبشكل خاص التحكم في مياه النيل وروافده ، مع الأخذ في الاعتبار المصالح المحلية للدول التي يمر فيها النهر”.
هـ – الرسائل البريطانية – الإيطالية 1925م:
وهي رسائل متبادلة بين الحكومة البريطانية وبين حكومة إيطاليا في عهد موسيليني خلال الفترة 14 – 20 ديسمبر 1925م. وفي هذه الرسائل تعترف إيطاليا بالحقوق المائية لمصر والسودان في النيلين الأبيض والأزرق، مع حقها في بحث ودراسة مشروعات لتنمية موارد المياه في بحيرة تانا. ذلك في مقابل أن تسعى بريطانيا لدى الحكومة الإثيوبية حتى تحصل إيطاليا على امتياز لمد شبكة خطوط السكك الحديدية الإثيوبية.