د. محمد غنيم لـ”صالون التحالف”: لدينا قانون جامعات فاسد.. والبرامج الخاصة والجامعات الخاصة والأهلية والدولية هي “بذور الخطيئة”
غنيم: نظام البرامج الخاصة يعكس تفاوتًا طبقيًا.. ومسمى “الجامعات الأهلية” هو تحايل على الدستور الذي يُلزم الحكومة بمجانية التعليم
الجامعات الخاصة تمثل رأسمالية شرسة.. و”الدولية” تدخل في شراكة متدنية مع جامعات أجنبية لا ترفع مستوى التعليم الجامعي بمصر
كتب – أحمد سلامة
قال العالم المصري الكبير الأستاذ الدكتور محمد غنيم رائد جراحات الكلى، إن التعليم الجامعي بشكله الحالي يشهد عدة “خطايا” من حيث تعزيز التفاوت الطبقي بين الطلاب أو من حيث استنزاف أعضاء هيئة التدريس أو من خلال شراكات متدنية مع جامعات أجنبية ليس لها قيمة علمية إضافة إلى غياب كامل للبحث العلمي كأحد أسس تقدم الحركة العلمية وتقدم الدول والمجتمعات.
وشدد غنيم في حوار مع “صالون التحالف”، أجراه الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني، على أهمية دور البحث العلمي في الجامعات كإحدى أساسيات تقدم الدول والمجتمعات.. مضيفًا أنه “بدون البحث العلمي لا مبرر لوجود جامعة، فالتدريس في الجامعات دون البحث العلمي كالشرب من الماء الآسن”.
وقال غنيم “يوجد أكثر من وسيلة لتقييم الجامعات وترتيبها لكن أهمهم وأكثرهم دقة لأنه مبني على أسس علمية بحتة هو “تقييم شنجهاي”، هذا التقييم بدأ في عام 2005 / 2006 وكان يشمل 500 جامعة لم يكن من بينهم أي جامعة مصرية، ثم بعد سنوات أدرجت جامعة القاهرة وكان ترتيبها يتراوح ما بين 405 و 500”.
وتابع “منذ عدة سنوات امتد التقييم ليشمل ألف جامعة، منها 4 جامعات مصرية أدمجت هي جامعة القاهرة والإسكندرية وعين شمس والمنصورة، لكن يجب أن نلاحظ أن دولة الحدود الشرقية -يقصد الكيان الصهيوني- لها 7 جامعات يأتي تصنيفها ضمن الـ 500 جامعة الأوائل في التقييم، ومن بيهم جامعتين وازمان للبحوث وجامعة حيفا من أول 50 جامعة لأن لهما نشاط علمي ملحوظ”.
وأشار غنيم إلى تطور حدث على ساحة التعليم الجامعي في مصر خلال الآونة الأخيرة، واصفًا إياه بـ”بذور الخطيئة”، موضحًا أن “أول بذرة من بذور الخطيئة هو ابتكار ما يُعرف بالبرامج الخاصة والذي يتيح التعليم والاهتمام مقابل مادي، هذا النظام يعكس تفاوت طبقي، لأن هناك طالبتين أو طالبين حصلا على نفس التقدير لكن أحدهما حصل عليه برعاية خاصة نظير مبلغ مالي”.
واستكمل “طبعا النظام دا كان (سبوبة) لبعض أعضاء هيئة التدريس وبعض العاملين بالجامعة، مع سوء استخدام للموارد، إحنا عندنا حُب وولع بالخرسانة، لكن مش هنبني معامل فنقوم نبني جامعة تانية منبثقة من جامعة المنصورة مثلا، البرنامج الخاص دا تولد عنه فكرة في الثمانينات هي إنشاء الجامعات الخاصة، وبدأ الموضوع بهدوء لكنه انتشر حتى زادت أعداد الجامعات الخاصة عن الجامعات الحكومية.. ولو نظرنا إلى مشروع مصر 2030 لوجدنا أن هناك تشجيع كبير للجامعات الخاصة”.
وشدد غنيم على أن انتشار الجامعات الخاصة هو أمر له مساوئ كثيرة، فبخلاف أنه يحقق مكاسب ضخمة للمنشئين فهو يكرس للتفاوت الطبقي ويستنزف أعضاء هيئة التدريس العاملين بالجامعات الحكومية.. متسائلا “من الذي يدرس في الجامعة الأمريكية والألمانية وأي جامعة خاصة؟” مضيفًا “هم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية”.
واسترسل “هناك أيضًا ما يُعرف بالجامعات الأهلية، وهي جامعات حكومية لكنها حملت مسمى جديد وهو الاسم الذي يتيح الالتفاف على الدستور، لأن الدستور ينص على أنه إذا أنشأت الحكومة جامعة فإنها تكون مجانية، لذلك سُميت الجامعات الحكومية باسم (الجامعات الأهلية) لتكون بأجر”، مشيرًا إلى أن هذه الجامعات الأهلية تضيف عبئًا جديدًا في مسألة استنزاف أعضاء هيئة التدريس من الجامعات الحكومية.
وتابع “لدينا حاليا قانون فاسد ومفسد أضيفت إليه جامعات حكومية بها برامج خاصة وهو أمر غير دستوري، وجامعات خاصة تمثل رأسمالية شرسة تبغي ربحا كبيرا، وجامعات أهلية هي في الواقع جامعات حكومية لكنها تخالف الدستور، ودولية لها شراكة متدنية مع جامعات أجنبية ليست في المستوى المطلوب ولا ترفع مستوى التعليم الجامعي في مصر”.