د. زهدي الشامي يكتب: ليست مجرد زيادة في التعريفة الجمركية بل انقلابًا على العولمة

العالم كله لا حديث له سوى الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات الأمريكية من كل دول العالم بنسب متفاوتة.
وأود هنا أن أشير بشكل أولي جدًّا لبعض النقاط:
أولًا- أن سياسات وأفكار ترامب وجماعته هي انقلاب صريح على الأفكار والسياسات التي روَّجت لها أمريكا ذاتها وسادت العالم خلال أربعين عامًا على الأقل منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية عام ١٩٩٥، وقبلها بعشرة أعوام على الأقل أفكار “توافق واشنطن”، وهي كلها مبنية على حرية التجارة والاستثمار وتدفق رؤوس الأموال وخلافه. وهكذا يجب أن يتعلم الحمقى أن ما يسمعونه من الشركاء الغربيين ليس علمًا مقدسًا وثابتًا وأبديًّا، بل أفكارًا وسياسات معبِّرة عن مصالح الطبقات المهيمنة في دولهم، ويُمكنها أن تتغير تغيُّرًا دراماتيكيًّا.
ثانيًا- الولايات المتحدة اكتشفت أنها بعد هذه السنوات الطويلة من سياسات العولمة وتحرير التجارة والخدمات والاستثمار لم تربح السباق، بل استفادت بدرجة أكبر دول أخرى في مقدمتها الصين، ولكن أيضًا مختلف شركاء أمريكا، وفي مقدمتهم جيرانها في أمريكا الشمالية واتفاقية النافتا، كندا والمكسيك، إضافةً لأوروبا واليابان وكوريا والهند ودول صناعية ناشئة كفيتنام، باختصار العالم كله تقريبًا.
ثالثًا- أن العدول عن أفكار العولمة لأفكار الوطنية الاقتصادية التي يروِّج لها ترامب تتضمن إلى جانب الحمائية الجمركية تقييدًا للاستثمار في الخارج، وهو ما كانت تروِّج له كل الحكومات الأمريكية والغربية. إنه بدلًا من تشجيع الاستثمارات الأمريكية في العالم، يريد لها أن تعود للولايات المتحدة، وهو أمر مشكوك فيه إذا ما كانت مزايا الإنتاج في بلاد أخرى تتفوق على المزايا التي يمكن أن يوفرها ترامب لهم في الداخل.
رابعًا- هذه النظرة المبسطة تنكر بالتالي بشكل مطلق كل الأفكار المعروفة عن المزايا النسبية ووفورات التقسيم الدولي للعمل، وتحاول أن تفرض بشكل إرادي وتحكُّمي سياسات مغايرة، من الشك كثيرًا أن تُفضي للنجاح.. بعبارة أخرى أنها رد فعل لمشكلة حقيقية ولكن من المشكوك فيه أن تمثل روشتة ناجحة لعلاجها.
Now

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *