د. زهدي الشامي يكتب عن مشتقات الجنيه: لعبة البنك المركزي الجديدة الخطيرة.. المراهنات ستتحكم في الاقتصاد المصري
في الأيام الماضية تواترت الأنباء وعلى لسان مسؤولين كبار بالبنك المركزي المصري، وفي مقدمتهم هشام عز العرب كبير مستشاري محافظ البنك المركزي، عن نية البنك تعزيز سيولة السوق بإطلاق ما يسمونه “مشتقات جديدة للعملة”.
وبموجب الخطة الجديدة ستوفر البنوك المحلية عقودا محلية للجنيه غير قابلة للتسليم NDFs فضلا عن خيارات تسمح للشركات والمستثمرين لأول مرة بالمراهنة أو التحوط ضد التقلبات في العملة المصرية.
وتهدف الخطة وفقا لما كشف عنه البعض أن توفر للشركات المحلية وسيلة للحماية من التقلبات الكبيرة الجنيه إذا تبنت مصر سعر صرف (رسمي) أقل.
وهذه الآلية للعقود الآجلة على الجنيه تمثل اتفاقا بين طرفين فيه بائع ومشتري للعملة يتم خلالها تحديد سعر معين للعملة مسبقا على أن يتم التسليم في وقت لاحق.
ويأتي هذا الإجراء على خلفية المفاوضات بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي لتوقيع اتفاق جديد والحصول على قرض جديد، حيث يطالب صندوق النقد الدولي والبنوك العالمية بتوفير مرونة أكثر من المتحقق الآن لسعر صرف الجنيه المصري، في اتجاه مزيد من الخفض أو التعويم، وهو توجه لم يستجب له طارق عامر بالقدر الكافي من وجهة نظرهم، بعد موجة الخفض الكبرى السابقة في ٢٠١٦، بينما يبدي حسن عبد الله المحافظ الحالي للبنك المركزي تفهما أكبر.
وعلى الرغم من أن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار قد انخفض منذ مارس الماضي بما يعادل ٢٤% وصولا إلى ١٩.٧ جنيه للدولار، في موجة كبرى ثانية لتخفيض الجنيه بعد الموجة الأولى في عام ٢٠١٦ /٢٠١٧، فإن تلك الجهات تعتبر ما تم غير كافٍ، ويصر صندوق النقد في مباحثاته مع الحكومة على تحقيق خفض أكبر وتوفير المزيد من المرونة لسعر الصرف، وفقا لروشتته الجامدة التى جربناها على مدار أربعين عاما، كما جربها آخرون، ولم تسفر عن أي إصلاح اقتصادي حقيقي.ومن هنا فإن المشتقات الجديدة هي أداة لتحقيق هذا الهدف من المرونة وتخفيض سعر الجنيه، بإطلاق المضاربة على سعر صرفه أمام الدولار.
سيصبح سعر صرف الجنيه المصري وقيمته أكثر ارتباطا بمراهنات المستثمرين والمضاربين، مضيفًا كارثة جديدة لكوارث السياسة الاقتصادية للحكم في مصر.. المراهنات ستتحكم في الاقتصاد المصري.